مقالات
الحلم لا يموت
"نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلاً"، لأننا ندرك أن الحياة ليست لنا وحدنا، بل هي للذين سيأتون بعدنا. نحمل في صدورنا شمساً صغيرة، نضيء بها ظلام الأيام، وننثر في الريح قصائدنا، علّها تصل إلى أرضٍ لم تحرقها الحرب، أو إلى بيتٍ لم تهدمه القذائف.
نحب الحياة، لا لأنها سهلة، بل لأنها صعبة، ولأنها تختبر صبرنا وقوتنا. نحمل على أكتافنا تعب الأجداد، ونمضي، نحفر بأيدينا مسارات جديدة وسط الحطام. نحب الحياة، كما يحب الغريب طريقاً لا نهاية له.
نحن الذين نعيش في الخوف، نحب الحياة كي لا تنتصر علينا الهزيمة. نقتبس من شجرة الصبر جذوراً تمتد في أعماق الأرض، ونرفع رؤوسنا نحو سماءٍ مثقلة بالغيوم، لعلّها تمطر أملاً ذات يوم.
نحب الحياة لأننا نعلم أن الموت أقرب إلينا من شريان في القلب، ولكننا نرفض أن نمنحه الانتصار. نسير في الأزقة المدمرة، نلتقط بقايا أحلامنا، نعيد بناءها من جديد، حجراً على حجر. نحب الحياة لأننا نخلق منها معنى، نزرع فيها أغنياتنا، نرسم على جدرانها وجوه من نحب، ونترك لأطفالنا طريقاً نحو الضوء.
نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلاً، لأننا شعب يؤمن بأن الحلم لا يموت، وأن في كل شتاءٍ هناك ربيع ينتظر.