مقالات

السلام في اليمن ومآلات التسوية (2-2)

22/07/2023, 15:39:20

إذا ما عرفنا ما يريده كل طرف من الأطراف الرئيسية في الحرب؛ نستطيع أن نحدد رؤيتنا، وأن نفكر في الحل والمخرج؛ فإيران همها إصلاح علاقاتها بدول الخليج، وبالأخص العربية السعودية، وتريد أن تكون جزءا من أمن الخليج، والطرف الأقوى في حراسته، وتفتح النوافذ مع الأمريكان والأوربيين؛ لفك الحصار عليها، واستعادة إيداعاتها، وعدم المساس ببرنامجها النووي، ومواجهة أوضاعها الداخلية.

وتريد السعودية الاهتمام ببرنامجها: عشرين ثلاثين، وإعادة صياغة الدولة في ظل رؤية محمد بن سلمان الرجل القوي، والتهيؤ لزعامة المنطقة، ورؤيتها للجار اليمني، وتأمين خاصرتها الجنوبية، وأن تكون لها الكلمة الفصل في الوضع القادم، والترتيبات في حضرموت رسالة مفتوحة، والطموح دائمًا أن تكون الأخ الأكبر، ومرجعية كل الأطراف.

أما الإمارات العربية المتحدة فعينها على الموانئ، والجزر، وبالأخص حيث تواجد الأحزمة الأمنية في عدن، وبلحاف، وسقطرى.

ومطمح الانتقالي في استعادة الدولة الجنوبية بدعم الإمارات، وربما الرباعية الدولية، وأطراف أوروبية.

كل أطراف الصراع بدون استثناء ليست في وادي بناء دولة، وليست مؤهلة حتى لو أرادت بناء دولة، وهي لا تقبل ببعضها، وعداواتها محكومة بنبش الذاكرة، والطمع في التفرد، وتملك السلطة والثروة.

لا يقبل أنصار الله (الحوثيون) القوى المعارضة السياسية الموجودة لديهم. إنهم لا يقبلون إلا بأنفسهم، وحلفائهم، ويعتقدون الحكم حقا إلهيا، وتمكين لمن اصطافهم الله، وليس على «الرعية» سوى السمع والطاعة، باعتبار طاعتهم طاعة لله ورسوله.

كل الأطراف لا يقبل بعضها المشاركة الحقيقة مع الأطراف الأخرى. صَفّر مؤتمر على عبد الله العداد؛ لرفض إعطاء بعض حلفائه السابقين، والمعارضة السياسية فتاتًا من الكعكة، كما رفض قبول شريكه في الوحدة.

ورفض الاشتراكي التصالح- مجرد التصالح- مع رفاقه في الحزب: فريق «الزمرة» قبيل يوم الوحدة.

إن الإقصاء والجنوح للغلبة، والقوة، والتفرد سمة مشتركة بين فرقاء الحياة السياسة، خصوصا أحزاب الحكم، وقادة المليشيات.

رفض الإصلاح قبول التحاور مع أنصار الله، أو تشريكهم في حكومة الوفاق إلا بعد تسليم السلاح، كما رفض انضمام أعداد قليلة منهم للجيش. إن صراعنا يدور من حول السلطة، والمال، والتفرد بامتلاك الغلبة والقوة.

يحرص أنصار الله على التفاوض المباشر مع السعودية. وللأمر جوانب إيجابية، وأخرى سلبية. الإيجابي في التفاوض المباشر؛ للتأكيد على أن السعودية طرف أساس في الصراع، وأيضا تطمينها، وفي نفس الوقت يحملها المسؤولية الأدبية والأخلاقية والقانونية عما لحق باليمن من آثار الحرب ونتائجها.

أما الجوانب السلبية، فهي إقصاء الأطراف اليمنية الأساسية في الصراع، وتحديدا: الشرعية، والانتقالي، وكأنهم ليسوا أصحاب قضية، أو مجرد تابعين للتحالف.

ويقينا، فإن أية صفقة بين السعودية وأنصار الله بعيدا عن الأطراف الأخرى؛ فمعناها «يمننة» الحرب، وإطالة أمد الصراع، وقطع الطريق على الحل، والأخطر استبعاد الأحزاب السياسية، وقوى المجتمع المدني، والأهلي، والمرأة، والشباب، والشخصيات، ويتحمل قادة الأحزاب، ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي مسؤولية عدم المطالبة بالتشريك في التفاوض، أو خلق حوار موازٍ بين مختلف الأطراف؛ للاتفاق على رؤى للحل السياسي، وعلى بناء ووضع أسس لإنهاء الحرب، وإحلال السلام، وتحقيق مصالحة وطنية ومجتمعية تضع الأساس لبناء الكيان اليمني الذي يتشارك الجميع في صياغته وصنعه.

إن أي اتفاق بين أنصار الله والسعودية -في ظل غياب الأطراف الأخرى- ستكون نتائجه وخيمة على اليمن واليمنيين.

أما فيما يتعلق بقوى السلام والتوافق، فإن مكونات، ودعاة السلام كثر، والشعب اليمني كله تواق للسلام، والأمن، والاستقرار.

مشعلو الحرب، والمستفيدون منها، ودعاتها قليلون، وقليل ما هم، وتلاقي هذه المكونات مهم، والدعوة إلى التوافق مهم أيضا، ولكن العدد الأكبر من هذه المكونات موجود خارج اليمن، ولهم عذرهم بسبب القمع، وتضييق الخناق على الحريات العامة والديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير، والخوف من دعوات السلام والتصالح، ولكن كسر حاجز الخوف مهم، والعمل في الداخل مهم، رغم التضييق والتشويه؛ فقد تعرض وعانى زملاء لكم في نداء السلام للكثير والكثير من إساءة السمعة والتشويه، فكل طرف يحسبهم على الطرف الآخر.

تتوافق كل المكونات الداعية إلى السلام على نبل الدعوة وأهميتها، ولكن توحيد هذه الدعوة الوطنية والنبيلة هي الفعل؛ فالنزول بالدعوة إلى الشعب، وإلى الميادين العامة، والمدارس، والمساجد، والمقاهي، والمقايل، وأماكن العمل، والمنتديات، والإعلام، والمواقع هي الخطوة الأولى الضرورية والأساس.

اللقاء في المدن والأرياف، وبيان جرائم الحرب ومآسيها للمواطن، الذي يعاني من ويلاتها، أمر في غاية الأهمية. فالمواطن الذي يعاني أكثر من كل النخب السياسية لا يحتاج إلا التشجيع للتحرك.

كل الشعب دفع وعانى من نزيف دماء أبنائه، وأهله، وحرم الأمن والسلام والاستقرار، وفقد الدولة الضامنة لحرياته وحقوقه وحياته، وهو الأقدر على مواجهة دعاة الحرب ومموليها، وهو ينتظر من يعلق الجرس، أو يؤذن للسلام.

- فتح أبواب حوار سلام وطني

لا بُد من خلق حوار وطني لكل مكونات ودعاة السلام، ومده إلى المرأة والشباب، وكل مكونات المجتمعين: المدني، والأهلي، وتنسيق جدي مع هذه القوى، والامتداد بالحوار إلى الأحزاب الكبيرة، وأطراف الصراع، والأهم التعويل على الداخل أكثر، والانخراط في نشاط وطني عام عبر إصدار بيانات مشتركة، واتخاذ مواقف موحّدة إزاء الأحداث والمتطورات، وعقد اللقاءات والاجتماعات الدورية، وإقامة صلات مع مختلف أطراف الحرب، ودول الإقليم، والرباعية، والمجتمع الدولي، واتخاذ المواقف في ضوء ما يدور وراء الكواليس.

بناء قوة سلامية فاعلة وضاغطة هو الحرف الأول في أبجدية الكفاح السلمي، وإرغام المتحاربين، أو فلنقل إقناعهم بأن السلام هو الطريق الآمن للجميع.

الدعوة العامة والمجردة لا تكفي؛ فلا بُد من تلمس معاناة ضحايا الحرب، ومآسي الحياة تحت جبروت مليشيات الحرب، ونهب المواطنين، وقطع المرتبات، ومصادرة لقمة الخبز الكفاف من أفواه الجياع، وتخريب الاقتصاد، وتهريب الرأسمال الوطني، وانهيار العملة، وفرض المكوس والإتاوات والضرائب والزكوات على شعب يموت بالمجاعة، ومصادرة الحريات العامة والديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان، بل والحق في الحياة.

ويقينا، فإنه لا يمكن حل قضايا الجنوب بمعزل عن الشمال، أو حل مشكلات الشمال بمعزل عن الجنوب

مقالات

ترامب ونتنياهو وصفقة القرن

ربما كانَ من الأنسب أن يكون عنوانَ هذا المقال «نتنياهو وترامب وصفقة القرن». فنتنياهو مؤلف كتاب «مكان بين الأمم»، والذي تُرجِمَ إلى «مكان تحت الشمس» هو الأساس. فـ«صفقة القرن»، وما تشربه ترامب منها، وصرّح به هي المبادئ الأساسية لـ«السلام من أجل الازدهار»؛ فمصدرها كتاب «مكان تحت الشمس»، وفي 28 يناير أعلن الرئيس الأمريكي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، نص الصفقة.

مقالات

حلفاء أم محتلون؟

الأوضاع الاقتصادية الكارثية، التي نعاني منها اليوم، ليست سوى انعكاس أكثر بؤسًا وكارثية لوضع سياسي مخجل.

مقالات

أبو الروتي (8)

بعد أن وصلتني رسالة جدتي الغاضبة، التي تطلب مني فيها أن أخرج من المعهد العلمي الإسلامي وأدخل مدرسة النصارى، بقيت حائراً لا أدري كيف أتصرف!! ولا ماذا أفعل!!

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.