مقالات

جريمة المشهري والانفلات الأمني في تعز: الألوية العسكرية بين القدرة على الحسم وغياب الإرادة

20/09/2025, 11:31:40

تمثل جريمة اغتيال مدير عام صندوق النظافة والتحسين في تعز، الشهيدة أفتهان المشهري، نقطة تحول خطيرة في مسار الاستقرار الأمني في المدينة. هذه الجريمة ليست حادثة فردية معزولة، بل هي جزء من سلسلة أعمال عنف وانفلات مسلح واغتيالات متكررة لشخصيات وضباط لهم وزنهم في محافظة تعز، وهي تستهدف مؤسسات الدولة والمواطنين، وتتطلب مواجهة حاسمة وفورية.

هذه الجريمة، بحجم صدمتها وتأثيرها الدامي والمحزن على المجتمع، تعكس هشاشة تطبيق القانون في بعض مناطق الشرعية، وتوضح أن الانفلات الأمني لم يعد تهديدًا فرديًا، بل يمثل تحديًا استراتيجيًا أمام الحكومة الشرعية وقدرتها على فرض سيادة الدولة وهيبتها.

فالجريمة تمت في وضح النهار وبطريقة وحشية، حيث تم اغتيال مسؤولة حكومية لها ثقل مجتمعي وتمثل المرأة الشريفة القادرة على إحداث التغيير وضرب المثال والقدوة على المستوى المحلي واليمني من خلال أداء واجبها، في تحدٍّ صارخ لسلطة الدولة. القتلة معروفون للسلطات، وهم أفراد مسلحون محددون لا تتجاوز أعدادهم عدد أصابع اليد الواحدة، وفقًا للمصادر الأمنية الميدانية. ومع ذلك، اقتصر رد الفعل الرسمي على المكالمات والوساطات، دون تنفيذ عمليات أمنية عسكرية ملموسة لاقتحام مواقع المسلحين، وتطويقهم، وإلقاء القبض عليهم.

تتمتع القوات العسكرية التابعة للحكومة الشرعية في محافظة تعز بتفوق ساحق في العدد والعتاد، حيث تنتشر في المحافظة وحدات عسكرية نوعية مثل اللواء 22 ميكا، واللواء 170 دفاع جوي، بالإضافة إلى اللواء 35 مدرع، وهي قوات قادرة تمامًا على حسم أي موقف خلال ساعات إذا ما توفرت الإرادة السياسية والأمنية.

التأخر في التحرك يعطي رسالة واضحة للمنفلتين بأنهم فوق القانون، كما يرسل إشارات خاطئة للمواطنين بأن الدولة عاجزة، مما يضعف الثقة العامة، ويخلق بيئة صالحة لاستغلالها من قبل الجماعات المسلحة والحوثيين.

ويجب فهم أن هذه الجريمة وغيرها يتم استغلالها في إطار الحرب الإعلامية والسياسية الأوسع التي يخوضها الحوثيون، فجماعة الحوثي، التي تشن حربًا على اليمن بأكمله، تسعى دائمًا لاستغلال أي انفلات أمني في المناطق الخاضعة للسلطة الشرعية لتحقيق مكاسب متعددة.

حيث يتم توظيف مثل هذه الجرائم إعلاميًا لترويج الرواية الحوثية بأن الحكومة الشرعية عاجزة عن فرض الأمن وحماية المواطنين، بينما يُصوّر الحوثيون أنفسهم زورًا كقوة منظمة وحامية للاستقرار. يعمل الحوثيون عن قصد أو غير قصد مع هذه العناصر المنفلتة لزعزعة استقرار المناطق التي تسيطر عليها الدولة، مما يخلق بيئة مثالية للتسلل والتجنيد وتمديد نفوذهم.

أي تأخير في حسم هذه البؤر الإجرامية يمنح الحوثيين الذريعة والفرصة للتدخل مستقبلًا تحت مسمى "استعادة الأمن" أو "حماية السكان"، مما يعني ببساطة استبدال انفلات عصابات محلية باحتلال منهجي من قبل الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.

استغلال الحوثيين لهذا الانفلات لا يقتصر على الجانب الإعلامي فقط، بل يشمل أيضًا تمويلًا ودعمًا مباشرًا أو غير مباشر لبعض العناصر المنفلتة، أو خلق قنوات ضغط لتسهيل النفوذ الحوثي داخل المدينة، ما يجعل الحسم العسكري ضرورة استراتيجية عاجلة.

ضرورة الحسم العسكري الفوري والاستخدام الأمثل للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، حيث إن التسامح أو التردد في مواجهة هذه العناصر يشكل خطرًا وجوديًا على سلطة الدولة ومشروعيتها. لم يعد الأمر يتعلق بالندب أو الاستنكار، بل يتعلق بتطبيق خطة طوارئ عسكرية وأمنية فورية تستند إلى القوات المتوفرة.

يجب على القيادة السياسية والأمنية إصدار أوامر مباشرة بتشكيل قوة مشتركة من اللواء 35 مدرع، ووحدات من اللواء 22 ميكا، واللواء 170 دفاع جوي، لتطويق الأحياء التي يتواجد فيها المسلحون المطلوبون في منطقة كلابة، وقطع أي إمدادات عنهم أو محاولات تهريبهم إلى الحوبان في مناطق سيطرة الحوثيين. تنفيذ عمليات اقتحام مستهدفة بواسطة وحدات النخبة والقوات الخاصة الموجودة ضمن تشكيل هذه الألوية، بدعم من المدرعات والكاسحات، للقبض على القتلة ومن يوفر لهم الغطاء والسلاح.

يجب أن تترافق العملية مع حملة تمشيط للأحياء بقيادة هذه الألوية للقضاء على مخازن الأسلحة ومراكز القوى المنفلتة التي تهدد الأمن. استخدام القدرات الاستخباراتية لهذه الوحدات العسكرية لتحديد ومحاسبة أي شخصية أو جهة داخلية أو خارجية تقدم دعمًا لوجستيًا أو ماليًا لهذه العناصر.

الحسم العسكري ليس فقط لإعادة الانضباط، بل لإرسال رسالة واضحة للمجتمع والحوثيين بأن العدالة والسلطة الفعلية للدولة ستُفرض بالقوة عند الحاجة، وأن أي محاولة لاستغلال الفراغ الأمني ستفشل. وكما ينبغي دمج المجتمع المدني ووسائل الإعلام في دعم هذه التحركات، لتوثيق العمليات بشكل مهني وشفاف، ولضمان عدم استغلال الحوثيين لأي حادثة أو فشل. إشراك الشخصيات المؤثرة ولجان الأحياء يخلق ضغطًا شعبيًا على الجهات الأمنية، ويزيد من مصداقية الحملة أمام المواطنين. الإعلام الواضح والحازم يحول أي غياب مؤقت للسلطة إلى رسالة واضحة وهي أن الدولة حاضرة وقادرة على الحسم، وأن العدالة ستتحقق.

إن القبض على المطلوبين - إذا توافر - يجب أن يتبعه محاكمات عادلة وسريعة، تُظهر أن القانون فوق الجميع، وأن الإفلات من العقاب لن يكون خيارًا. وهذه الخطوة سوف تعزز الثقة بالسلطة المحلية والحكومة الشرعية، وتقطع الطريق على أي دعاوى للحوثيين بأن الدولة عاجزة، وتمنع تكرار الانفلات في المستقبل أو تكرار حدوث هروب للقتلة إلى الحوبان كما حدث مع غزوان وغدر.

من المهم أن تشمل أي عملية عسكرية خططًا لإخلاء المناطق المجاورة في محيط كلابة وزيد الموشكي وغيرها من الأحياء إذا لزم الأمر، وتفادي الإصابات المدنية، مع مراعاة المسارات الآمنة للمواطنين، لضمان شرعية الدولة والحفاظ على الدعم الشعبي للعملية.

فحماية المدنيين تعزز الشرعية، وتوضح أن الحملة العسكرية ليست ضد المواطنين، بل ضد عناصر الانفلات والعصابات التي تهدد حياة الناس وأمنهم، وهي رسالة واضحة للحوثيين أن الدولة قوية ومستعدة للحسم القانوني والعسكري معًا.

ومن هنا، فإن الرسالة التي يجب أن تكون واضحة للجميع هي: "لقد انتهى زمن التسويف، وجاء عام الحسم".

وضرورة استخدام القوة العسكرية المنظمة والمتراكمة، والمتمثلة في ألوية مثل اللواء 35 مدرع، واللواء 22 ميكا، واللواء 170 دفاع جوي، وغيرها من الألوية العسكرية في محور تعز، هي الأداة الشرعية والفعالة التي يمكنها استعادة هيبة الدولة وإنهاء حالة الفوضى، وسد الذرائع التي يتسلح بها الحوثيون إعلاميًا. كل تأخير هو تفريط في المسؤولية وتمكين للجماعات المنفلتة ومشروعها الهادف إلى إضعاف الدولة؛ فاستعادة تعز الآمنة تبدأ بقرار حاسم واحد: التحرك العسكري الفوري والحاسم الآن، بدعم شعبي وإعلامي وقانوني، لضمان نجاح العملية وحماية المواطنين، ومنع أي استفادة للحوثيين من الانفلات الأمني.

فهذه الجريمة يمكن أن تتحول إلى نقطة انطلاق استراتيجية لتصفية جميع العصابات المنفلتة في تعز، وفرض سلطة الدولة بشكل كامل، بحيث لا يبقى أي منفذ للحوثيين أو المنفلتين للتهديد أو الابتزاز، ما يعيد الثقة في الدولة، ويثبت أن القانون مطبَّق على الجميع.

مقالات

جماعة الفضيلة الزائفة.. وأقلام الحبر المصادرة

مرّ عام كامل، ومحمد المياحي لا يزال يقبع خلف قضبان السجن، حبيسًا في عتمة زنزانة ضيقة لا يدخلها سوى ضوء شحيح من نافذة متهالكة. في مثل هذا اليوم من العام الماضي، تحديدًا في صباح 20 سبتمبر، تحولت لحظة عادية من حياة أسرته إلى كابوس مدوٍّ، حين داهم منزله طقم عسكري حوثي مدجج بالسلاح،

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.