مقالات
حين تنكسر أرواحنا ونفجع برحيل أحد الزملاء
مع كل رحيل فاجع لأحد زملائنا العاملين في الميدان تنكسر أرواحنا وقلوبنا، ونشعر بالألم الذي لا يمكن أن تعبر عنه غير الدموع والغصة، وتقف الكلمات عاجزة عن التعبير عنه..
ليست الصحافة في زمن الحرب أكثر من باب للوجع اليومي، والقلق من أن يصبح ناقل الخبر هو الخبر الأكثر إيلاما. عشنا أربع فواجع في زملائنا الراحلين وأكثر من ذلك في زملائنا الذين تعرضوا لإصابات ونجوا منها بأعجوبة!.
ليس هنا مجال للتفاخر، وإنما إيضاح يجب أن يقال. فلا شيء يعوضنا عن إخواننا الشهداء في سبيل إيصال الحقيقة، ولا عزاء يمكن أن يقدم لأسرهم وأطفالهم الذين غادروهم دونما وداع أخير يليق بهم..
كل يوم نستيقظ فيه من النوم وأيدينا على قلوبنا خوفاً وفزعاً من أن يصاب أحد العاملين في الميدان، سواء في قناة بلقيس أو أي وسيلة إعلامية أخرى.
نحاول قدر الإمكان توفير الحماية والرعاية والتوجيه للزملاء في الميدان، ونؤكد أن سلامة الصحفي أهم مليون مرة من الخبر الذي ينقله، ولأجل هذا كانت هناك توجيهات صارمة بضرورة الالتزام بتعليمات الأمن والسلامة خلال التغطيات الإعلامية، والالتزام بارتداء أدوات الحماية للصحفيين العاملين في الميدان، والتي حرصنا على تزويد كافة مراسلينا ومصورينا في الميدان بها. وحرصنا على عدم ذهابهم لأي مواقع تشهد مواجهات، أو مرافقة أي تشكيلات عسكرية.
الصحافة ليست جريمة، لكن من يحاولون إسكات الصحافيين هم المجرمون بكل تأكيد..
لو اطلعنا على ظروف استشهاد زملائنا كلّ على حدة لوجدنا أن القدر كان أسرع في اختطاف أرواحهم، وأن المجرم كان دوما يتربص بهم ويستهدف مواقع مدنية بهدف إلحاق أكبر قدر من الضرر بالمدنيين هناك.
شهيدنا الأول الصحفي عبدالله قابل اختطفته مليشيا الحوثي بمعية عدد من الصحفيين والناشطين واستخدمتهم دروعاً بشرية في موقع قصفه التحالف السعودي الإماراتي في 2015 واستشهد جميع من كان في الموقع..
شهيدنا الثاني المصور محمد القدسي استشهد أوائل عام 2018 في قصف لإحدى قرى تعز أثناء ذهابه لتغطية آثار قصف سابق أصيب بشظايا عديدة توفي على إثرها.
بعده بثلاثة أشهر لحقه الشهيد عبدالله القادري أثناء تغطيته انسحاب مليشيا الحوثي من إحدى المناطق الواقعة بين مأرب والبيضاء، وكان بمعية عدد كبير من الصحفيين استهدفتهم قذائف هاون من قبل مليشيا الحوثي وأصيب عدد من الصحفيين بجروح، فيما منع القناصة الحوثيون إسعافه وتُرك ينزف حتى فاضت روحه شهيدًا، نتيجة إصابته بشظايا متعددة..
الشهيد الرابع أديب الجناني استشهد في القصف الذي تعرض له مطار عدن وهو موقع مدني تم استهدافه بطريقة إجرامية..
قناة بلقيس لديها التزام أخلاقي تجاه كافة العاملين فيها، وليست وسيلة تتخلى عن العاملين فيها في وسط الطريق؛ بل هي الوسيلة اليمنية الوحيدة التي لديها عقود مع كافة العاملين فيها وتتعامل معهم ومع أسرهم بمسؤولية عالية بدافع حقوقي وإنساني ومهني.
نحن لا نتخلى عن زملائنا، ولا عن أسرهم، وهذا جزء من التزام مالكة القناة ورئيسة مجلس إدارتها السيدة توكل كرمان، ولا شيء بإمكانه التعويض عن أرواح زملائنا في الميدان، رحمة الله تغشاهم جميعا..
السلامة لكافة زملائنا وكل العاملين في الميدان..