مقالات

سوريا.. مؤشرات التعافي، وضخامة التحديات!

16/12/2024, 13:18:29

تكاد التبدلات المتسارعة في سوريا لا تتيح للمتابع فرصةً للإحاطة بكامل تطوراتها. 

اللافت في احتفالات السوريين بإسقاط نظام (الأسد) الفار هو عطشهم الواضح للحرية، وأشواقهم إلى خلاصٍ نهائي من الاستبداد والقهر، وإعادة بناء سوريا الجديدة، واستعادة شعبها لحياته الطبيعية المفترضة.

من الضروري، في المقابل، عدم الإفراط في التفاؤل، أو رفع سقف التوقعات والآمال في الانتقال إلى حقبة جديدة دون تحديات أو عثرات محتملة بقوة، نظراً لتعقيدات الوضع الراهن وتداخلاته المحلية، وحتى الإقليمية والدولية.

المشاهد المرعبة واللا معقولة من داخل سجون النظام وروايات المعتقلين، ومعامل إنتاج مخدرات (الكبتاجون) توحي أن الجراح ستظل غائرة، ولا يمكن معها لذاكرة السوريين أن تنساها، ربما لعقود طويلةٍ من الزمن.

 أظهرت تلك الصور مدى "الاستخفاف" وحجم "العبث" اللذين تعامل بهما حكم آل الأسد مع هذا البلد؛ قتلاً وتنكيلاً وتخريباً وتهجيراً، وإمعاناً متعمداً في ارتكاب كل ذلك.

لا بد أننا نرى اليوم، حتى الآن على الأقل، الصورة (شبه الكاملة) بتفاصيلها، التي غاب معظمها عنَّا، وظننا أنها كانت جزءًا من دعايات الحرب، لكن التغطيات الإعلامية الأخيرة لآثار ونتائج ما بعد انهيار نظام حكم أسرة الأسد تشرح لنا كيف لم يستطع (طبيب العيون) بشار رؤية سوريا والنظر إليها كما يجب أن تكون، فأوغل فيها سفكاً لدماء السوريين، وتعذيباً لأهلها بكل الأشكال الهمجية التي لا تخطر على بال الشيطان.

زعم الأسد (بشار) وأخوه (ماهر) ومن قبلهما والده وأخوه (رفعت) أنهم كانوا يحاربون الإرهاب والإسلام السياسي، والواقع أنهم لم يستجيبوا لمطالب شعبهم، وأجبروه على طلب النجدة والغوث من كل قريبٍ وبعيد، بل إنهم لم يكتفوا بهذا ولكنهم أيضاً استجلبوا في عهد المخلوع بشار جيوشاً غازيةً طامعةً وقويةً من خارج البلاد لنصرته، واستمر بلا هوادةٍ في إلقاء آلاف الصواريخ والقنابل وأنواعٍ من الأسلحة المتخلفة كـ"البراميل المتفجرة" على المدنيين، وهدم بيوتهم على رؤوسهم، ولاحق أبناء سوريا حتى على أطراف الحدود، مستعيناُ بطائراته (الخردة) وبمقاتلات حلفائه وبمليشيات داعميه، وشرَّد الملايين منهم خارج البلاد. 

وحتى عندما كان يرى بشار سوريا تتفكك وتتمزق وتتشرذم، وجيوش اللاجئين السوريين بمن فيهم النساء الحوامل والرضع، تتقطع بهم السبل في البحار والغابات وسط الصقيع والثلوج لم يرق له جفنٌ، وإنما كان كل همِّه كيف يبقى رئيساً، وكم من السنوات سوف يبقى في قصر (قاسيون) متهكماً وهازئاً ولا مبالٍ بكل ما يدور حوله.

إنه لأمرٌ محزنٌ أن نرى سوريا العظيمة تدفع اليوم فاتورة لهذا الطغيان بكل هذا الثمن الباهظ من أجل بقاء "أسرة" غير وطنية في الحكم لكل ذلك الزمن الذي عاناه هذا البلد.

الأمر المخيف أكثر هو كيف ستخرج سوريا من هذا المأزق الذي وضعتها فيه تلك العائلة، حيث لا أحداً من الجيوش المتطاحنة على أرضها سوف يقبل بترك سوريا لأهلها دون تحقيق أهدافه، ولا تزال لديه أجندات ومصالح يريد الحفاظ عليها.

من المؤكد، في الخلاصة وقصارى القول، هو أن القرار والحل في النهاية سيظلّان اليوم وفي المستقبل بيد السوريين أنفسهم، وبالكيفية التي سوف يقدمون بها أنفسهم إلى العالم في المستقبل القريب والبعيد، ولكن كيف. للسوريين الوصول إلى ذلك؟

أتصور أن سوريا الجديدةَ بحاجةٍ إلى مصالحةٍ وطنيةٍ وعدالةٍ انتقاليةٍ معاً، وفي وقتٍ واحدٍ، إذ أن العفو والتسامح وحدهما لا يكفيان، فالمظلومون والثكالى والأيتام يريدون أن يروا مجرمي هذه الحرب الوحشية خلف القضبان، وأن ينالوا محاكمات عادلة، وأن تنزل بهم عقوبات متناسبة مع حجم الإجرام الذي تورطوا فيه طوال ما يقرب من نصف قرن.

من المتيقن أن مقدار شعور "بشار" وزمرته بالخوف والرعب والاحتقار والإهانة والحقد عليهم من قبل شعبهم كافٍ لأن يعيشوا أسوأ ما بقي لهم من حياة، وهذا افتراضاً إن كان لا يزال لديهم بقيةٌ من كرامةٍ أو ذرةٌ من ضمير!

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.