مقالات
علي محسن حميد وَاحدٌ من أبناء الثورة
علي محسن حميد ابن من أبناء الثورة اليمنية: سبتمبر 1962، وأكتوبر 1963، البررة.
في العام 1948، وفي مدينة النادرة، كانت ولادة علي محسن حميد، تلقى تعليمه الأولي في مكتب هذه المدينة التابعة للواء إب. واصل الدراسة في مدينة المفاليس التابعة لتعز؛ حيث كان والده أستاذًا في مدرستها. التحق بالمدرسة الأحمدية بتعز (القسم الداخلي) في 1956.
كانت البداية للطالب علي محسن المشاركة في اعتصام طلاب القسم الداخلي؛ تضامنًا مع زملائهم في صنعاء. كان هذا الاعتصام في صنعاء وتعز الإنذار المبكر، والإيذان بميلاد فجر الثورة السبتمبرية. الطلاب الذين شاركوا في الاعتصام والمظاهرات تعرضوا للاعتقال والاختفاء، أو العودة إلى قراهم وفصل بعضهم - كانوا هم البذرة، والشرارة الأولى التي أشعلت السهل.
يذكر سارد السيرة العطرة، علي محسن، أنَّ اعتصام تعز قادَهُ الشهيد إسماعيل الكبسي. وإسماعيل واحد من أبرز قادة حركة القوميين العرب، ومن مؤسسي الحزب الديمقراطي الثوري، ويعدّ من أشجع الفادين المدافعين عن الثورة والجمهورية، واسْتُشهِدَ وهو يؤدي رسالته في الدفاع عنهما.
أنهى علي محسن حميد دراسته الأساسية بعد الثورة، والتحق بالعمل كمهندس للطرقات. دَرسَ مساحة الطرق، وتعلم الإنجليزية، وقام بأعمال مسح الطريق حتى مدينة إب، ابتداءً بالمخا وحتى صنعاء.
لم يُقبل في الكلية الحربية لصغر سنه. ويؤرخ لسيرته العطرة الانضمام إلى حركة القوميين العرب بالعام 1965؛ مُشِيرًا إلى محاولة البعث والشيوعيين ضَمَّهُ إليهم، وإلى حُمَّى التنافس بين التنظيمات: البعث، وحركة القوميين العرب، والشيوعيين، وغياب التيار الإسلامي حينها.
يرصد بدقة سِرَّ اتساع رقعة الانضمام إلى حركة القوميين العرب؛ لتماهيها مع سياسات الزعيم جمال عبد الناصر. ويرى محقًّا أنها كانت الأكثر نشاطًا في تعز في أدائها السياسي والحزبي العام.
ويربط بين ظهور القاعدة الطلابية في تعز، وبداية الخلاف بين حركة القوميين العرب (الجبهة القومية)، وجبهة التحرير، وانحياز القيادة العربية إلى دمج الجبهتين، وهو ما كانت ترفضه حركة القوميين العرب.
يربط بين بداية نشاط التيار الإسلامي بعودة الأستاذ محمد عبده المخلافي، وقد كتبَ الأستاذ زيد الوزير في كتابه «محاولة لفهم القضية اليمنية» عن هذا الموضوع.
ويشير إلى النشاط المعرفي والسياسي والالتزام الحزبي بقراءة الكتب وتلخيصها، وأنَّ أول كتاب قرأه كان عن اغتيال الزعيم الكونغولي باتريس لومبوبا. ويصف حالة يقظة عيون الطلاب على طبيعة القراءة، والتصنيف القرائي، والتفتح على الاتجاهات الحزبية، والهم المعرفي.
يتناول زيارة وفد حركة القوميين العرب لتعز عام 1965: جورج حبش، ومحسن إبراهيم، وهاني الهندي؛ للضغط على الجبهة القومية لقبول الاندماج مع جبهة التحرير الذي تبنَّته القيادة المصرية بدون تقدير واقعي لموازين القوى على ساحات الكفاح المسلح، والخلفيات الاجتماعية والسياسية لقيادات جبهة التحرير التي كانت ترفض، بل وتسخر من الكفاح المسلح كطريق وحيد لتحقيق استقلال حقيقي عن بريطانيا وعلاقات بعضها؛ كالسلاطين، بالمملكة العربية السعودية المعادية -من حيث المبدأ- للكفاح المسلح.
تلك الخطة كان لها صلة بمخطط أكبر للتهدئة مع بريطانيا في الجنوب، وبالحرب ضد الجمهورية في الشمال التي أنهكت مصر عسكريًّا وماليًّا. وهو ما يؤكد عليه كتاب «نكسة الثورة في اليمن»، الذي طُبِعَ في دمشق، وصدر باسم مستعار هو "عبد الله عبد الإله"، بينما المؤلف كان عبد الملك الطيِّب، وقَدَّمهُ عبد الله سلام ناجي.
كان عام 1965 بداية الانشقاق في الصف الجمهوري، وصدور «بيان مؤتمر الطائف» (الدولة الإسلامية)، الذي حفَّزَ عبد الناصر على توقيع «اتفاقية جدة» مع الملك فيصل، ووضعهما المشكلة اليمنية بين أيدي أبنائها من الأطراف الثلاثة: (الجمهوريين، والملكيين، وفريق الدولة الإسلامية) الذين التقوا في «مؤتمر حرض»، الذي لم ينجح في تحقيق السلام والمصالحة.
استمر العِبء العسكري في الدفاع عن الجمهورية على مصر؛ مِمَّا أسهم في هزيمة 1967، كما تشير كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل.
- أول ثانوية في اليمن
حصل عليها صاحب السيرة العطرة والنبوغ المبكر والذكاء الحاد ذو الشعور القومي الرفيع علي محسن، ونَالَ الترتيب الأول في تعز، والثاني على مستوى اليمن. كان طلاب الدفعة الأولى- كما يتذكر- 77 طالبًا.
التحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1966. ويشير أنه قرأ كتابًا عن الاشتراكية العربية للدكتور رفعت المحجوب؛ أستاذ الاقتصاد في الكلية، فقال: "سيكون هذا أستاذي".
قَبِلتْ مِصرُ دُفعةَ الثانوية العامة كلها ماعدا ستة طلاب تقريبًا؛ لانتمائهم الحزبي النشط، ذهبوا من القاهرة للدراسة في المجر، ومنهم د. عبده سعيد طشَّان.
شَعرَ الطلاب، وهم في الباخرة التي أقلتهم من الحديدة إلى ميناء الأدبية بمصر، حدوث تمييز بين الطلاب التابعين للقاعدة الطلابية: «الناصريين»؛ وهم الأقلية، والآخرين؛ في السكن، والمعيشة، ووسائل المواصلات التي أقلتهم من الميناء إلى القاهرة، واستمرار التمييز في مستوى الفنادق التي وُزِّعَتْ الدفعة عليها.
التحق صاحب السيرة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ثُمَّ تخصص في العلوم السياسة، وتخرَّج عام 1970 بدرجة جيِّد.
شارك، وهو طالب، في برنامج تلفزيوني، وفاز في مسابقة حول «المقال»؛ أشرفَ عليها الروائي يوسف إدريس، بالجائزة الثانية.
كان المقال عن «ثورة الشباب في فرنسا»، التي أطاحت بالجنرال ديجول. عَلَّقَ يوسف إدريس على مقاله بـ: "لا يكتب مِثلَ هذا المقال إلا شيوعي".
كما كانَ له مشاركات في بعض المظاهرات والنشاط السياسي والفكري في مصر.
- التخرج والعمل
انتظر عِدَّةَ أشهر لامتحان القبول في وزارة الخارجية التي التحق بها في 11 نوفمبر 1970 بعد النجاح في الامتحان، وعُيِّنَ كسكرتير ثالث.
- بداية الكتابة في الصحافة
بدأ الكتابة في الصحافة في «صحيفة الجمهورية» بتعز عام 1965، وفي «الثورة»، عام 1972. فاز بجائزة «مجلة الجيش» الشهرية.
وتواصلت كتاباته في صحف عربية ويمنية: «الجمهورية»، و«الثورة» و«26 سبتمبر»، و«الوسط»، و«الحياة»، و«القدس العربي»، و«الأهرام»، و«النداء»، و«رأي اليوم».
عُيِّنَ عام 1972، بعد الحرب بين الشمال والجنوب، عضوًا في لجنة السلك الدبلوماسي والقنصلي؛ وهي إحدى لجان الوحدة الثماني المنبعثة عن «قمة طرابلس» بين رئيسي الشطرين: القاضي عبد الرحمن الإرياني، وسالم ربيِّع علي.
اُعتُقِلَ في 17 مايو 1973 في الأمن الوطني بتهمة «الحزبية»، وتعرّض للتعذيب.
كان عضوًا في لجنة المحافظة التي تكوَّنت حينها من: عبد الحفيظ بهران، ومحمد سالم الشيباني، وعبد الله الكميم، وعلي محسن حميد، وعلوي السلامي.
رغم التعذيب في السجن، كانت تجربة أحمد أمين زيدان ماثلةً أمامه، لم يكن يقلقه إلا أن يقع بين يدي علي العتمي المعروف بقسوته في معاملة السجناء السياسيين؛ ولحسن حظه لم يحدث ذلك. ويشيد بالمعاملة الإنسانية له مِنْ قِبَل عبد الله السنحاني - نائب رئيس جهاز الأمن الداخلي حينها.
يشير إلى خلاف الشهيد محمد نعمان - نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية- والقاضي عبد الله الحجري - رئيس الوزراء حينها- واستقطاب النعمان الابن لشباب الخارجية. وموقف النعمان في الدفاع، وحماية أحمد أمين زيدان، عندما حاول الحجري إعادته مِنْ براغ إلى السجن.
ويرى -مُحِقًا- أنَّ المعتقل حتى لو تأكدت براءته يظل موضع شبهة، ويُحظَر التعامل معه وتُفرض عليه الرقابة.
بعد خروجه من السجن، منحه النعمان إجازةً لزيارة أمه في النادرة، وصرفَ له راتب شهر، وبعد عودته واصل العمل ودارسة الإنجليزية.
كلَّفهُ النعمانُ (الابن) برصد أخبار الإذاعات العربية كُلَّ مساء، ورفع تقرير يُقدَّم إليه كُلَّ صباح.
كان للنعمان فضلُ حصولهِ على منحة دراسية لمدة عام واحد في جامعة أكسفورد عام 1973، ويشيد بعلاقة طيبة مع الأستاذ محسن العيني -السفير حينذاك في لندن.
ويشير أنَّ غياب الثقافة السياسية لدى الأمنيين سببت متاعبَ كثيرة للكثيرين، وقد ظلت الوشايات والمكائد تلاحقه بعد تعيينه للعمل في السفارة بلندن عام 1975.
- النّقل من لندن
نُقِلَ بطلبٍ منه، بسبب سُوء العلاقة مع السفير، للعمل في إثيوبيا (المحطة الثانية)، وقد قضى فيها قُرابة أربعة أعوام، ويصفها بالثرية والصعبة.
ويشكو شكوى مُرَّة من السفير في أديس أبابا، الذي لم يكن يتحمل أيَّ ملاحظة على سير العمل، وطالب بنقله للعمل في مصنع الغزل والنسيج في صنعاء؛ لأنه يصلح للعمل كنقابي. ويثني على السفير الجديد سعيد الحكيمي.
شرحَ صاحب السيرة متاعبه الجمَّة في أثيوبيا، وأسباب الخلاف مع السفير الشيوعي السابق.
ويتناول دوره كقائم بالأعمال بالنيابة في استثمار ظرف إثيوبيا الصعب، وهي في حالة ضعف؛ بسبب مقاومة النظام الجديد فيها؛ إضافةً إلى الحرب في إريتيريا للبحث في إخلاء جزر حنيش من الوجود الإثيوبي الذي أحبطه في صنعاء السفير نفسه؛ بحجة أنَّ عملاً كهذا من اختصاص السفير وحده.
كما يتناول بموضوعية الخسائر الكبيرة الناجمة عن تغييب المصالح الوطنية في مسلك بعض المسؤولين.
ويأتي على تعيينه في براغ؛ لإبعاده عن العمل في الديوان؛ ولحرمانه من العمل كمساعد للمنسق العام لمؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية: السفير أحمد الحداد، الذي انعقد بصنعاء في ديسمبر 1984.
لم يتركه «العسس» في حاله؛ فقد لاحقته المتاعب إلى براغ، ودفع ثمن حضور احتفال «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» في براغ بمناسبة ذكرى التأسيس كقائم بالأعمال بالنيابة؛ فعاد إلى صنعاء بدون بدل السفر، أو التذاكر له ولأسرته.
وُضِعَ رهن التحقيق، الذي شُكِّلتْ له لجنة، ولكنه لم يجرِ؛ رغم تدخل الدكتور عبد الكريم الإرياني لسرعة إجرائه، وقوله لمن كان مُكلَّفًا بخلق متاعب له: "حُلُّوا مشكلة علي محسن؛ إنها ليست مشكلة الشرق الأوسط".
يشير إلى أنه، وهو في براغ، كان يُدفع للذهاب إلى عدن. وقد أسهم القائم بالأعمال في ذلك؛ لأنه كان يخفي عليه برقيات الوزارة بضرورة عودته للتحقيق معه في صنعاء؛ مما خلق قناعةً لديه بأنَّ عدم رده مؤشر على ارتكابه مخالفةً تستدعي استدعاءه.
بعد العودة، وحرمانه من حقوقه كإيقاف راتبه، والحرمان من العمل، وعدم إجراء التحقيق، أمكنَ حَلَّ المشكلة بعد تدخل مروان نعمان لدى د. الإرياني فيما يخص حقوقه المالية المتصلة بعودته من براغ، وعودته إلى العمل بتوجيه من علي الآنسي- مدير مكتب الرئيس- وإطلاق راتبه بوساطة من عبد الوهاب الفضلي - مدير مكتب الشؤون القانونية في مكتب الرئاسة.
- الوحدة
يعتبر الوحدة -بسبب شدة المعاناة، وقسوة المعاملة والتصنيف، والملاحقة المستمرة، والاعتقال، وقطع الراتب، والحرمان من حق العمل، وحق المواطنة- خلاصًا، ليس للشعب اليمني فحسب، وإنَّما لعلي محسن حميد. فقد انقشعت سحب الكراهية، وأُعطِيَ حق العمل في الخارج، ومنح إعفاء السيارة المعلق منذ 1985.
يشيد صاحب السيرة بموقف الدكتور عبد الكريم الإرياني الإيجابي منه هو وأحمد السعيدي.
لكن الوحدة (الضيف الزائر) لم تدم طويلاً، ثُمَّ هي لم تجبّ كلَّ ما قبلها. فجانب كبير من الإرث الوبيل ظَلَّ حاضرًا، والحضور الأمني بقيَ قويًّا.
يشير إلى أنه، في فترة الحرمان من العمل، التحق بالدراسة في كلية التجارة للحصول على دبلوم في العلاقات الدولية، وواصل دراسة اللغة الفرنسية في «المركز الثقافي الفرنسي»، ورُشِّحَ للدراسة في فرنسا لمدة عامين، إلا أنَّ الشخص نفسه، الذي كان يعطِّل التحقيق، وأوقفه عن العمل، ومنع عنه راتبه، حال دون ذلك.
يثني على الانفراجة بعد الوحدة؛ فقد عُين في السفارة في عمَّان قبل الالتحاق بالجامعة العربية، وحصوله على القبول بأغلبية صوت واحد.
اعترضت على ترشيحه رئيسًا لبعثة الجامعة في موسكو كُلُّ دول الخليج، والدِّول التي أيَّدتْ تحرير الكويت على يد أمريكا.
ويشيد بموقف سفيري الشمال والجنوب: أحمد حيدر، وعبد الواحد فارع، بالإضافة إلى يحيى عبد الرحمن الإرياني، الذي كان يعمل في «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم»، في دعم وإنجاح ترشيحه.
في العام 1991، بدأ عمله كسفير للجامعة العربية في الهند حتى العام 1995، وقضى خمس سنوات في مقر الجامعة قبل أن يُعيَّن سفيرًا للجامعة في بريطانيا عام 2000.
عاد عام 2005، وتولَّى إدارة التربية والتعليم والبحث العلمي، وأسهمَ في إنجاز خطة تطوير التعليم في الوطن العربي، مع منظمات «الإليسكو»، و«اليونسكو»، و«اليونيسف»، و«مكتب التعليم لدول الخليج العربية»، مع خبرات من بعض البلدان العربية بقيادة السيدة نانسي بكير - الأمين العام المساعد؛ رئيس القطاع الاجتماعي، ومتابعة الأمين العام عمرو موسى، وكانت الخطة تكليفًا من القمة العربية في الخرطوم 2006، وأقرتها قمة الرياض عام 2007.
أحيل إلى التقاعد في كُلٍّ من: وزارة الخارجية، وجامعة الدول العربية.
هذه سيرة عطرة وكفاح مجيد لابن مِنْ أبناء الثورة اليمنية: سبتمبر، وأكتوبر، حمل «شُعْلَة سيزيف».
هذا الصبي الآتي من ريف إب؛ ابن المدرس الفقير، يشق طريقه في ليل الإمامة الدامس، ليصل إلى التعليم الأساس في فجر سبتمبر 1962.
عَمِلَ مهندسًا بعد ذلك في طريق تعز - صنعاء، ثمَّ عادَ لاستكمال دراسته الثانوية، وحَصلَ على المرتبة الأولى في مدينته تعز، والثانية في الجمهورية، وانخرطَ منذ البداية في الاعتصام الطلابي، وشاركَ في المظاهرات، وانتمى لحركة القوميين العرب؛ قُطب الرحى في الدفاع عن الثورة والجمهورية في شمال الوطن، وقائد حرب التحرير ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن.
كان وفيًّا لانتمائه الحزبي، وولائه للثورة والجمهورية، مع حرصه على الدراسة والتفوَّق.
بعد التخرج، انغمس في العمل الوظيفي في الخارجية، وانغمس في الوقت نفسه في العمل الحزبي السرِّي الذي يعتبر في الدستور اليمني خيانةً عظمى عقوبتها الإعدام.
كان علي محسن عضوًا في قيادة منظمة صنعاء، التي اُعتقِلَ بعض عناصرها، وكان القاضي عبد الله الحجري- رئيس الوزراء- حريصًا على محاكمتهم، ولو جرت المحاكمة لكانَ الإعدام مكفولًا
هذا السبعيني كانت الوظيفة العامة بالنسبة له مُعتقلًا دائمًا. فاعتقاله في الأمن الوطني، مطلع سبعينات القرن الماضي، ظلَّ يلاحقه شبحهُ حتى وهو في لندن أو براغ، أو حتى في النوم؛ فرقابة العسس (كابوس الليل والنهار) لم تتركه؛ وهم مِنْ أهم أسباب تمزيق الأمة، وخروجها من التاريخ، وتسيد أعدائها.
كانت الوحدة -كما يقول- يوم ميلاد اليمن وميلاده، ولكنها فرحة لم تدم طويلًا، ثم عادت الكوابيس لتعمَّ اليمن كلها.
عَمِلَ سفيرًا للجامعة العربية في الهند وفي بريطانيا، وقد أسهم بدورٍ متميز في عمله الإعلامي دفاعًا عن قضية فلسطين، والقضايا العربية والإسلامية؛ في نيودلهي ولندن كسفير للجامعة العربية فيهما، وفي مجالات أهمها: مشروع تطوير التربية والتعليم.
كتاباته في الصحف اليمنية والعربية والعالمية كثيرة، ولو جمعها لكان له أكثر من كتاب.
لا يتفوّق على عطائه وذكائه إلا حسن المسلك، والبساطة، والتواضع. وهو محبٌّ للحياة والناس، ووفي لقضايا أمته وشعبه، فلا تلقاه إلا باسمًا.