مقالات

قراءة في كتاب "اليمن والعثمانيون"

10/01/2023, 19:32:31

يقع الكتاب المهم في ١٨٣ صفحة من القطع الصغير. يتناول الكتاب أربعة أبحاث: الأول بعنوان"تداعيات الحرب الإيطالية - العثمانية على القوى السياسية ١٩١١-١٩١٤م، والحديدة تحت الاحتلال العثماني ١٨٤٩-١٩١٨م".

الهوية والسمات الحضرية جيل لاحق. ذاكرة الماضي العثماني في السيرة الذاتية اليمنية المعاصرة لجوليت أونفو.

المبحث الثالث: الجزر والجغرافيا الجزرية في البحر الأحمر خلال الفترة العثمانية من القرن السادس عشر حتى أوائل القرن التاسع لميشيل توشيرير. طبع الكتاب في مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر.

قدّم الكتاب الدكتور عبد الودود قاسم مقشر - أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر - كلية الآداب، جامعة الحديدة.

قام بالترجمة الباحث الأكاديمي المدقق المتخصص في قراءة النصوص بذهنية متفتحة وعقل مستنير.

في مبحث "تداعيات الحرب الإيطالية - العثمانية على القوى السياسية في اليمن ١٩١١-١٩١٤" لباتريس شوفاليه، يدرس المقال - حسب أرشيف البرقيات الفرنسية غير المنشورة - تحليل تأثير الصراع الإيطالي -  العثماني على السياسيين المحليين في اليمن؛ فقد دفعت الحرب بهذه القوى لاتخاذ موقف في مواجهة الأحداث، وتغيير التحالفات والإستراتيجيات. ففي العام ١٨٤٩ بدأ النظام المصري التابع للعثمانيين في الحجاز في الاستقلال؛ فقاد الباب العالي حملة عسكرية على الحجاز واليمن.

ويأتي على ذكر ثورات عقب الحرب الإيطالية - العثمانية: ثورة الإمام يحيى، والإدريسي في اليمن، كما يتناول سقوط الغرب في أيدي الفرنسيين عام ١٩١١، وقرار إيطاليا الاستيلاء على طرابلس، وبداية الحرب بين تركيا وإيطاليا، ونقل إيطاليا الصراع إلى البحر الأحمر، وتأثير هذه الحرب على التحالفات، وإعلان الإمام يحيى الحرب ضد إيطاليا المهددة للحديدة، وبدء المواجهة مع محمد علي الإدريسي الموالي لإيطاليا.

يتناول مسعى إيطاليا لحصار جميع موانئ اليمن، والسيطرة على الحديدة، ومحاولة إثارة القبائل ضد العثمانيين: قبائل الزرانيق، والدفع بالإدريسي والزرانيق لإشعال الحرب، كما يتناول خسارة تركيا الحرب في طرابلس، ويشير أن الحرب الإيطالية الاستعمارية بمقدار ما اعتبرت خاسرة في نظر الطرابلسيين، بمقدار ما أثارت عداء اليمنيين، واعتبرت حربا مقدسة للإمام يحيى، واستمراراً لنضال الإدريسي ضد العثمانيين.

يقرأ صلح دعان ١٩١١، وكأنه إفلاس سياسي خطير، لكن أيضًا من المحتمل أن يكون الولاء من وجهة نظر الإمام يحيى تكتيكيا، أكثر منه حقيقيا. ويتناول ظهور بعض الانشقاقات. 

والواقع أن الجدل السياسي، والخلاف من حول صلح دعان، قد امتد تأثيره الى الراهن؛ فقد نجم عنه تبدل في التحالفات، واستغله الإدريسي المتحالف مع إيطاليا، والمعادي للعثمانيين لتوسيع نفوذه.

 وقد تبايت القراءة للصلح؛ ففي حين رأى فيها بعض الإسلاميين والقوميين أنها تراجع عن الكفاح الوطني من أجل الاستقلال، وأن يحيى قبل أن يكون واليًا للباب العالي، وزعيماً للطائفة الزيدية ليس إلا، رأى فيه آخرون تكتيكًا ذكيًا مكن الإمام يحيى من وراثة الولاية العثمانية. والواقع أن مواقف يحيى ورسائله المتكررة للباب العالي كانت تؤكد الولاء للباب العالي، والخلافة العثمانية، وانتقاده الشديد إنما يوجه للولاة العثمانيين، وممارساتهم الخارجة عن القيم الإسلامية حسب رؤيته، وبالأخص ما يتعلق بالمكوس والضرائب، ونهب الأموال -المصادرة-.

وحقيقة الأمر أن الاستقلال، الذي جسدته المتوكلية اليمنية، ونهج وممارسات الإمام يحيى والولاة الإماميين، وطبيعة الحكم كان أسوأ بما لا يقاس من حكم الولاية العثمانية، وكان الحكم المتوكلي نكوصا عن الإصلاحات المتواضعة للولاة العثمانيين على قسوتهم وفسادهم واستبدادهم، وهو ما يؤكده الباحث باتريس شوفاليه، وتشهد عليه سنوات حكم يحيى حميد الدين الأشد قسوة وتخلفا وجورا.

والواقع أن لصلح دعان نتائج سلبية وإيجابية؛ ففي المدى المنظور أدى إلى انشقاقات خطرة في جبهة المقاتلين إلى جانب يحيى، وهزت صورته كزعيم مدافع عن الاستقلال، ورفعت من أسهم بعض منافسيه الإماميين، كما قوت حركة الإدريسي في عسير، ومكنته من توسيع تحركاته في عسير، وجنوب الحديدة؛ وهو ما يشير إليه الباحث باتريس، أما الإيجابي فهو تحقيق قيام كيان يمني (المتوكلية اليمنية).

يتناول الباحث العناوين الأهم: التدخل الإيطالي، والسعي للتحالف مع الإدريسي والزرانيق، وتهديد الحديدة، والتهديد البريطاني، وضعف العثمانيين، والمنافسة الأوروبية، وموقف فرنسا المتميز، وموقف بريطانيا العظمى، وسياساتها القائمة على التوازن بين القوى.

في خاتمة بحثه، يتناول خصوصية موقع اليمن الإستراتيجي، ومعارضتها الشديدة للاحتلال العثماني؛ ما أهّلها عشية الحرب العالمية الأولى لأن تكون وعاءً مميزا لصراع أكبر، وأكثر عمومية على نفوذ تخوضه أوروبا والإمبراطورية العثمانية، تعبيرا عن الشهية الاستعمارية الأوروبية في اليمن، والتي كبحت - كما يقول باتريس- لفترة من الوقت بسبب الوجود العثماني، واستيقظت بسبب الحرب الإيطالية - العثمانية التي أطلقها أحدهما، ويرى أن عواقب هذا الصراع في المواقع تتعلق باستيراد السياسات الامبريالية المتنافسة التي تمارس هنا بشكل مكثف أكثر من أي مكان آخر في العالم، (ص ٥٥، و٥٦).

ويشير إلى أن هذه السياسات الإمبريالية الخارجية تتخذ مسارا مجددا يؤدي بسبب المنافسة والظروف إلى سلسلة من التحالفات غير الطبيعية.

يدرس الباحث أن تحالف القادة السياسيين المحليين، وسعيهم للإفادة في نضالهم العام، يترك انطباعا بأنهم يحركون التاريخ، وأن الأحداث قد عدلت برامج عملهم، ويصف ممارسة الإمبريالية الأوروبية على السياسات المحلية بأنها انتهازية للغاية، ويرى أنه على المدى القصير أن التحالفات بين الأوروبيين واليمنيين أزعجت المشهد السياسي المحلي بشكل ملموس، ويصفها بالضعف لأنها تشكلت في مواجهة العثمانيين.

يشتمل الكتاب على مبحث مهم عن الحديدة تحت الاحتلال العثماني، إضافة إلى مبحث عن جيل لاحق لجوليت أونفو، ومبحث بعنوان الجزر والجغرافيا الجزرية لميشيل توشيرر؛ والأخير باحث مهتم بتاريخ عسير، وقد قدم بحثا عن المخلاف السليماني، وهو ما يحتاج قراءة أخرى؛ فهذه القراءة العجلى ليست أكثر من تحية لصدور الكتاب، وللمترجم بشير زندال.

* دراسات فرنسية - ترجمة الدكتور بشير زندال

مقالات

الخيانة بلباس الجمهورية

يتشدّق أتباع طارق صالح "بالجمهورية"، كما لو أنهم استيقظوا فجأة ذات فجر على صوت المعركة، وقرروا أنهم أرباب الدولة وورثتها الشرعيون، وأن الشعب لا يُؤتمن على تاريخه، ولا يحق له أن يحدد هوية من يمثله، أو من يتكلم باسمه. يتحدثون عن الجمهورية كما يتحدث الكهنة عن كتبهم المقدسة، لكنهم ينسون أو يتناسون أن أول خنجر غُرس في جسد الجمهورية لم يكن بيد الحوثي، وإنما بيد من تربّى طارق في بيته، ورضع من ثدي سلطته، وتكوّن في دهاليز خياناته.

مقالات

أساليب حوثية تعزز ما يفعله سلاحها

لا تستند الحركة الحوثية في استمرار هيمنتها وسيطرتها في صنعاء إلى السلطة والقوة العسكرية وحدها، فالسلطة وقوة السلاح لا يكفيان لضمان استمرارها في موقع الهيمنة، من دون اتباع أساليب وحيل من شأنها إنهاك المجتمع، وإشغال الناس، وإغراقهم في قضايا كونية ومعارك وهمية كبرى تُفرض عليهم دون أن يخوضوها فعلياً. لكنها، من ناحية أخرى، فعالة في صرف الناس عن التفكير أو الاهتمام بمسائل حياتهم اليومية، وما يتصل بشؤونهم الشخصية والعائلية والمهنية والعلمية والاقتصادية، وتأخذهم بعيداً عن القيام بأي نشاط أو فعل مستقل عن الجماعة، أو حتى معها، ما لم تكن هي من حددت فكرة النشاط وطبيعته وحجمه ومجاله والحاجة إليه.

مقالات

حق المرأة في الولاية وحقها في الدية ( 1-2)

هذا هو الجزء الثاني من الندوة التي أقامها «منتدى التنمية السياسية»، و«منظمة صحفيات بلا قيود»، في صنعاء، فندق «تاج سبأ»، في 27 / 5/ 2007. والجزء الثاني مكرسٌ للرد على أوراق الأساتذة: عبد الملك التاج، والشيخ عارف الصبري. في البدء ألقت الأستاذة توكل كرمان- رئيسة «منظمة صحفيات بلا قيود»، كلمةً حَيَّتْ الحاضرين، وتحدثت عن التخلف في البلدان الإسلامية، وأنَّ خروج المرأة مسئولية المرأة والرجل مَعًا. داعية كُلَّ صاحبِ فقه، ومِنْ أوتي حظًا من العلم الشرعي إلى دعوة المرأة للمشاركة في الحياة والنهوض، وإلى نهج واجتهاد جديدين يرفدان إعلان حقوق الإنسان والعهد الدولي؛ تنير الطريق، ولا ترى في الانتخابات بدعةً وَضَلالاً، ولا في مشاركة المرأة فِسْقًا وفجورًا.

مقالات

تعز... الوجه الذي كان يودّعنا!

لم يكن أيُّ مسافرٍ يطيب له السفر إلَّا من خلال مدينة تعز، أو أن تكون تعز آخرَ ما تقع عليه عيناه، يكحّلهما بها حتى تقرَّ نفسه في رحلة قد تطول أو تقصر، داخل اليمن أو خارجه.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.