مقالات

ممدوح الحميري.. المدينة والصبر والمعنى

09/11/2025, 07:33:24

الصبر عند ممدوح الحميري كان حياة كاملة. حمل آلامه وأوجاعه بصمت، واستمر في الحركة والعمل رغم كل الصعاب. مرضه لم يمنعه من الحضور الدائم والوقوف مع الناس وفيهم، لم يظهر ضعفًا، وظل حاضرًا في منابر المساجد والأزقة والجبهات، يذكرنا بحاجة الحياة إلى الثبات.

ممدوح يمثل حالة فريدة، إذ يصبح الصبر والفعل وحدة متكاملة. الصبر عنده ركيزة وحضور دائم، وقدرة على احتمال الطريق الطويل دون أن يفرّ الإنسان أو يتخلى عن الآخرين. المدينة والناس والفكر والصبر والفعل تشكلوا ككيان واحد في حياته.

الفكر عنده امتد مباشرة إلى الفعل. المنبر لم يختلف عن الواقع، ولم ينفصل الكلام عن العمل. يرى الدعوة والسياسة والمجتمع والجمهورية كمسؤولية يومية وكأرض للواجب. 

كان وعيه يتحرك مثل صبره. الحياة بدت كما لو أنها امتحان للصبر وخلق المعنى واختبار لمدى استعداد الانسان للمسؤولية والتحدي.

في أوقات الحرب، ظل ممدوح ثابتًا. لم يهرب من الخطر، ولم يترك أحدًا يواجهه وحده. حضوره كان قوة حقيقية تساهم في الحفاظ على روح المدينة وتدعم الناس في مواجهة الخطر.

يرى في الإيمان طاقة للفعل يمدها بالصبر.. انطلق يقود مقاومة أخلاقية وسياسية داخل مدينته ضد الاجتياح ودافع عن الخدمات العامة والناس بوصفه استمرار لمعنى الجهاد.

يتحدث بخطاب مزيج بين الفكر والوجدان والأدب وحرارة الإيمان وصدق التجربة. كانت لغة ممدوح مزيج بين الشعر والموقف وفيها من جمال البلاغة دون تصنّع او تنطع. لغة الصبر الجميل في شخصية محارب قوي.

الداعية والأديب والمحارب، عاش المعادلة الصعبة بين المثال والواقع، وتشكل فكره على تماسٍ مباشرٍ مع الجرح اليمني. كان أقرب إلى سيرة الروح الباحثة عن التوازن، انخرط في واقع الحياة والصراع دون أن يتصف بالصفرية والحدية ولم يكن متشدداً رغم صلابته في الموقف، ولم يهرب إلى العزلة ونقائها. 

ممدوح رجلاً يتخطى الانتماءات المغلقة، يقف على الجبل والمنبر، يرفع عينيه فوق الصراعات العابرة المستنزفة للروح، ويستنشق المدينة وناسها ويجمع بين النفوس ويعيد الروابط الممزقة.

كان ممدوح بفكره وصبره وحضوره قوة مولدة للفعل والمعنى.

مات ممدوح، وبقيت روحه حية في الأزقة، في المآذن، في مداخل الحارات ووجوه الناس.

حضوره الأخلاقي لم يغب بينما تجلى حضوره الرمزي وروحه التي وزعها على الناس. مات ممدوح، لكن روحه تحرس المدينة، تمنحها الصبر وتمدها بطاقة الفعل وثبات الموقف.

ماذا يريد الإنسان من الحياة سوى أن يترك أثرًا خالدا، أن يخلد بطريقة أو بأخرى؟ خالدا أنت يا ممدوح.

 وما الخلود غير ذلك المجد الذي يتردد في حكايا المدينة عن ممدوح، ميراث الصبر والروح والمعنى؟

مقالات

رحلتي الجهنمية إلى عدن - ٢- (سيرة ذاتية -٢١-)

عند وصولنا آخر منحدر في "نقيل سُمارة" اصطدمت سيارتنا بسيارة بيجو قادمة من أسفل النقيل، ولا أذكر ما الذي حدث بعد ذلك. أذكر فقط أنني وجدت نفسي راقدًا فوق سرير في مستشفى بمدينة إب، وكل عضو من أعضاء جسدي يكاد يصرخ من شدة الألم.

مقالات

الهارب من الجحيم متهم في المخا

في المخا تُعامَل كلّ نفسٍ هاربةٍ من بطش الميليشيا كما لو أنها خيانةٌ تمشي على قدمين. وكأنّ النجاة من الجحيم أصبحت جرمًا يستوجب العقاب، لا حقًّا من حقوق الإنسان والوطن. بيدَ أنَّ من أبسط مقوّمات الانتماء أن يُتاح لليمني أن يعود إلى حضن أرضه، مهما تلطّخ ماضيه بظلال الخديعة

مقالات

مستقبل العمل الإنساني.. إلى أين؟

تتجه أنظار كثيرين حول العالم إلى العاصمة اليمنية صنعاء، حيث أعلنت جماعة الحوثيين الأسبوع الماضي عن تقديم 43 موظفاً في بعض وكالات الإغاثة الدولية، من أصل 59 تحتجزهم الجماعة، إلى المحاكمة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.