مقالات

وسائل التواصل الاجتماعي .. كيف شوَّهت صورة اليمن أمام العالم؟

30/06/2025, 10:22:32

بعد أن لم يعد لدى اليمن برلمانٌ واحدٌ ينعقد بانتظامٍ لمناقشة أحوال البلاد وقضاياها المصيرية، ولا صحافة تتمتع بقدرٍ معقولٍ من الحرية والاستقلالية، لا بأس من أن تصبح بعض المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي ساحةً لتناول تلك المسائل والهموم.

لكن المؤسف أن هذه المنصات، التي تزامن ظهورها مع اندلاع حروبٍ وأزماتٍ خطيرةٍ كبرى في اليمن والعالم العربي، فجَّرت كمًّا هائلًا من الخصومات والمهاترات الشخصية ألحقت الكثير من الضرر بقيم التعايش واحترام اختلاف الرأي، وتجاوزت حتى شرف الخصومة، لتصبح، غالبًا وليس أحيانًا، أشبه بمستشفى كبيرٍ للأمراض العقلية والنفسية، مع بعض الاستثناءات القليلة.

لا يختلف الأمر كثيرًا في بلدانٍ عربيةٍ وعالميةٍ مستقرةٍ سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، غير أن الأمر بدا أكثر سوءًا في بعض بلدان العالم الثالث، ومنها العربية، الأقل استقرارًا، إذ نبشت أدوات التواصل الاجتماعي، عميقًا، مخزونًا كبيرًا من الأحقاد والضغائن كان الكثير من المجتمعات قد اعتقد أنه تجاوزها، وأصبح وراء ظهره، كجزءٍ من الماضي، وذلك بمرور السنين، وبفضل التعليم وبعض فرص المساواة في العمل والحقوق والواجبات التي تبنتها بعض الثورات وحركات التحرر الوطني.

غير أن اليمن في ظل الحرب التي يشهدها يبدو حالةً استثنائية أكثر سوءًا في هذا المشهد، حيث أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب الحرب وبسببها، في تمزيق جانبٍ عريضٍ من النسيج الاجتماعي، وهدمت ما كان قد بدا راسخًا من ثوابت وأسس السلم الأهلي.

لفهم هذا الواقع يجب أن نعترف بأن ثمة عوامل ساعدت على اندلاع هذه الفوضى، أولها أن منصات التواصل الاجتماعي كسرت الكثير من الحدود والقيود على حرية التعبير، دون (الكثير) المطلوب من الضوابط الأخلاقية والقانونية على مستخدميها.

شكى لي باحثٌ فرنسي، التقيته قبل شهورٍ في القاهرة، صعوبة فهم صورة اليمن اليوم لدى البحاثة الدارسين للحالة اليمنية، بالاعتماد على مصادر موثوقةٍ لإعداد بحثٍ علمي جادٍ ورصين، فكل مراكز الدراسات والبحوث اليمنية تهاوت في خضم الأحداث، وأصبح معظمها تقريبًا إما إلى جانب هذا الطرف أو ذاك.

أما عند الذهاب إلى محتوى النقاشات السياسية حول أوضاع اليمن في وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الأمر يبدو أكثر إرباكًا وتشويشًا، ولا يقدم معلوماتٍ يمكن الاعتماد عليها لبناء أطروحةٍ علميةٍ لتقديمها إلى أي جامعةٍ مرموقةٍ.

تأكد لي هذا الأمر أكثر عندما شاركت في تنظيم مؤتمرٍ دوليٍ قبل شهورٍ في إسطنبول، في محاولة لقراءة المشهد السياسي اليمني من زاوية أخرى، فإن جميع الخبراء (الدوليين) المشاركين في هذا المؤتمر كان لديهم نفس الالتباس والشك في أن ما يتوفر لديهم من معلومات عن واقع اليمن الراهن يكفي للتحليل والخروج باستنتاجات أكثر وضوحًا وواقعيةً بشأن مستقبل اليمن وحتى المنطقة.

في تقديري أن (التشويش) الذي تتسبب فيه معظم التقارير الإعلامية اليمنية و(التلوث) الكلامي الذي تعج به وسائل التواصل الاجتماعي هو أخطر نتائج الحرب، وواحدةٌ من أكثر العوائق التي تحول دون تجاوزها.

مقالات

دستور طارق!

ربما ليس علينا الآن تذكير اليمنيين بطارق صالح، مدرب قناصة الحوثي والقائد الميداني ذي الوجه الشاحب الذي كان يقاتل، بإخلاص، كتفاً بكتف مع مجرم الحرب أبو علي الحاكم تحت قيادة عبدالملك الحوثي.

مقالات

طارق صالح: من عبء على الحوثي إلى عبء على الشرعية

حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، بدت الحاجة إلى أدوات صالح العسكرية والبيروقراطية ضرورة مرحلية. كان كمن يفتح لهم أبواب القلعة التي سيتحول لاحقًا إلى أسير داخلها. بقيت الحاجة لصالح إلى أن نجحت العصابة الحوثية في تجريده من أوراقه، وإلحاق أدواته بها، وإعادة تكييف أتباعه داخل الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وربط مصالحهم بها مباشرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.