مقالات

أي فرق بين هؤلاء الثلاثة نتنياهو والبرهان ودقلو؟!

14/03/2024, 21:26:22

لا علاقة للأديان ولا للجنس -أي جنس-، ولا للمذاهب الدينية بالإرهاب. فالإرهاب لا دين له، ولا ملة، ولا جنس، ولا قومية. فنتنياهو صهيوني يتمسح بالتوراة، ويتلو كثيرًا من آيات العهد القديم، ويتقمص شخصية يوشع بن نون كنبي كاذب، وإرهابي حقيقي، أما البرهان ودقلو، فهما ذراعا البشير القيادي في الجبهة الإسلامية القومية، والمنشق على أمينها العام (الترابي)، ولكن لا علاقة للإسلام بجرائم الجبهة الإسلامية القومية، وجرائم الترابي والبشير، وذراعيه: البرهان، ودقلو. 

لا ينبغي أن يُنسب دين أو ملة أو أمة أو شعب للإرهاب أو الفاشية أو النازية، ولكن هناك أشخاص، وهناك تيارات وأحزاب وجماعات إرهابية و...و... إلخ، وهناك استعمار ودول عظمى تجسد الإرهاب، وتصنع كيانات وتيارات وأحزابًا وتنظيمات إرهابية، وإسرائيل هي النموذج الأبشع للإرهاب.

نتنياهو وحزبه الليكود وتحالفه مع اليمين الديني الصهيوني وحكومته الأشد تطرفًا يجمعون على إبادة الشعب الفلسطيني ، ونهج التهجير ، والتمييز العنصري، والتطهير العرقي، وهو النهج المتبع والممارس منذ بدايات الهجرات اليهودية الأوروبية الأولى مطلع القرن العشرين، وقد شجع الانتداب البريطاني، ووعد بلفور، وقرار التقسيم، وحرب 1948 هذا النهج المستمر والمتصاعد حتى اليوم. 

من نافلة القول الإشارة أن أوروبا وأمريكا لها الضلع الأقوى في تصدير الهجرات الصهيونية، وتشجيع الهجرات اليهودية من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك البلدان العربية. منذ الهبة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي أعلنت إسرائيل الحرب المسعرة منذ ما قبل 1948، ورمت إدارة بايدن بكل ثقلها السياسي والعسكري والمالي لدعم حرب الإبادة، وأيدت الحرب أوروبا الاستعمارية. 

منذ عدة أسابيع يجري التفاوض بواسطة قطر ومصر وأمريكا، ويتلكأ الجانب الإسرائيلي، وتنوب عنه أمريكا متوافقة معه في عدم وقف الحرب، وتقبل بهدنة مؤقتة. لم يحقق نتنياهو وفريقه النازي الأهداف الأساسية لحرب الإبادة، والتهجير القسري، والقضاء على المقاومة، وإقامة الدولة اليهودية من البحر إلى النهر. 

خلال مئة وخمسين يومًا قتل أكثر من ثلاثين ألفًا غالبيتهم من النساء والأطفال، ويُستخدم التجويع سلاحًا في معركة الإبادة، وتُعدم كل سبل ووسائل الحياة.

الأنظمة الديمقراطية في أمريكا وأوروبا تساند وتدعم حرب الإبادة، وتعمل إدارة بايدن على إنشاء ممر بحري لإيصال المساعدات لغزة المحاصرة لأكثر من سبعة عشر عامًا، وفتح الممر المتوقع إنجازه بعد شهرين ليس بعيدًا عن نهج التهجير القسري التي عجزت كل الحروب الإسرائيلية الكاثرة عن تحقيقه.

يتساءل المراقبون ماذا وراء اهتمام بايدن بإنشاء ممر بحري بعد مضي أكثر من خمسة أشهر من منع دخول المساعدات، وموت المئات والآلاف من الفلسطينيين؟ وهل للأمر علاقة بالانتخابات، أم لتخفيف الضغط الدولي على إسرائيل وأمريكا؟ أم أن المساعدات غير المضمونة وغير الكافية تغطية لاجتياح رفح؟ ويبقى سؤال التهجير هو الأكثر حضورًا وخطورة. 

وصمة النازية والفاشية تدمغ سلوك ونهج وممارسات نتنياهو وتحالفاته المتطرفة، بل الأشد تطرفًا، أما عبدالفتاح البرهان- رئيس مجلس الرئاسة السوداني، ونائبه محمد حمدان دقلو- رئيس قوات الدعم السريع، فهما ذراعا عمر البشير- قائد انقلاب الجبهة الإسلامية القومية 1989، حين شعرا بضعف رئيسهما قاما بالانقلاب عليه بعد العجز عن قمع الاحتجاجات الشعبية الممثلة في نداء الحرية والتغيير، وفتحا أبواب الحوار مع "نداء الحرية والتغيير". 

مأساة السودان منذ 1958 هي الانقلابات العسكرية، بدءًا بانقلاب عبود، وقد كانت الانقلابات العسكرية الكاثرة تتوكأ على الصراعات السياسية للاحزاب المهدية والمرغنية، والأحزاب القومية سابقًا، والجبهة الإسلامية، ونداء الحرية والتغيير حاليًا. انقلاب البرهان ودقلو فتح الباب للحوار مع مجموعة "المجلس المركزي" من نداء الحرية والتغيير، وشكلت حكومة الدكتور عبدالله حمدوك 2019 التي احتفظ العسكر فيها بالهيمنة، ومواجهة الانتفاضة المستمرة بتيار مدني آتٍ من الانتفاضة، وبسبب العجز عن قمع الانتفاضة انقلب البرهان ودقلو على حكومة حمودك 2021. 

تصاعدت المقاومة الشعبية واتسعت؛ ما أرغم البرهان ودقلو للعودة للتفاوض، وبشكل أساس لشق المقاومة، والمساومة على اقتسام الحكم، وتصفية المقاومة الشعبية التي عمت مدن السودان، وتمت صياغة ما سمي بـ "الاتفاق الإطاري" 2022.

الاتفاق الإطاري الذي كان بالأساس انشقاقًا على "المقاومة الشعبية"، وموجهًا ضدها أدى أيضًا إلى الخلاف بين الجيش والدعم السريع، وخلافاتهما قديمة منذ تأسيس الجنجويد عام 2013؛ فقد أراد البشير من تأسيس الجنجويد (الدعم السريع) ضرب التمرد الشعبي في دار فور، وفي نفس الوقت خلق قوة موازية للجيش، وكانت المدن تحت إمرة الجنجويد؛ وهي مليشيات مرتزقة قاتلت في ليبيا، واليمن، وفي أكثر من بلد إفريقي. 

بدأ الصراع بانحياز نداء الحرية (المجلس المركزي) للدعم السريع، وتركز الكيزان والفلول -حسب النبز السوداني- بالجيش. وحقيقة الأمر، فقد كان الطرفان: الجيش، والدعم السريع عدوين لدودين للشعب السوداني، وكان قتالهما -ولا يزال- موجهًا ضد الشعب السوداني، وأمنه وسلامه ووحدة أراضيه، ودخل على خط الحرب الأهلية قوى الإقليم والمحيط على كثرتهم، والصراع الدولي، وامتدت حرب الإبادة إلى عموم مدن وقرى السودان، وهُجِّر ما يزيد على الثلاثة ملايين خارج وطنهم، وما يقرب من ثمانية ملايين داخل السودان، ودُمِّرت البنى التحتية، وانهار الوضع الإنساني، وتمزق النسيج المجتمعي، وتعرضت وحدة السودان للتدمير بشكل غير مسبوق؛ فالقتلى مئات الآلاف، وشهدت السودان حالات اغتصابات وحشية، واغتيالات واعتقالات كاثرة، ونهب وتدمير لكل مكتسبات السودان على مدى قرون. 

نهبت ودمرت الأحياء والقرى، واحتلت المنازل في العاصمة المثلثة، وجرى الاعتداء والاستيلاء على المؤسسات والبنوك والقطاعين: العام، والخاص، وقصف الجيش الأحياء المدنية، وخرجت المستشفيات عن الخدمة، وعُطِّلت المدارس والكليات، لكأن البرهان ودقلو يريدان أن يقولا لنتنياهو: إنهما ليسا أقل مقدرة منه على اقتراف جرائم حرب.

الفارق بين نازية وتوحش نتنياهو وفريقه الصهيوني، وبين الجيش السوداني الملغوم بالفلول والكيزان من قواعد الجبهة الإسلامية القومية، ومليشيات دقلو الارتزاقية والإرهابية- أن نتنياهو وفريقه يتولون قتل شعب آخر، وأن وظيفتهم الصهيونية هي الاحتلال الاستيطاني، والتمييز العنصري، والتطهير العرقي، وأن الصهيونية التي يمثلها الكيان الصهيوني برئاسة نتنياهو حليفة لأمريكا وللاستعمار الأوروبي، ومدعومة بالمال والسلاح والإعلام والتغطية السياسية دوليًا، أما البرهان والفلول ودقلو والجنجويد فهما يتوسلان صداقة إسرائيل، ويقتلان شعبهما ، ويدمران بلدهما، ولا هدف لهما غير التسيد، ونهب الثروات، والعمالة لأعداء الشعب السوداني ووحدته. يجوع نتنياهو ويقتل ويهجر الشعب الفلسطيني، بينما يجوع البرهان ودقلو شعبهما، ويحجبون المساعدات وينهبونها؛ فما الفرق إذن؟!

مقالات

السلام مع ذيل الكلب!

منذ سنوات طويلة، ونحن نقرأ أو نسمع عن السلام في اليمن، وعن تسوية سياسية، وعن حوار عبثي، وعن رحلات مكوكية، بين العواصم التي تخوض معاركها على الأرض اليمنية، والضحايا هم اليمنيون فقط.

مقالات

عن الأحكام التي تسبق الجريمة

أظن أن النفس البشرية، حتى في أشد حالات نزوعها نحو الشر والجريمة، تبحث في الغالب عن مبررات لأفعالها، ومنها تلك الأحكام الذاتية التي يطلقها الإنسان على غيره، قبل أن يرتكب في حقهم جرما معينا، وهذه الأحكام غالباً لا تمت للقيم الإنسانية بصِلة

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.