مقالات

دردشة مع عيدروس الزبيدي

05/02/2021, 08:43:35
المصدر : خاص

عزيزي عيدروس الزبيدي: الزعامات الوطنية لا تتسوّل مشروعيتها من الخارج، فلا روسيا قادرة على قلب الطاولة لصالحك ولا وُعود الإمارات يمكنها أن تحقق لك حلمك. لا بدّ أنك تشعر بالخيبة لعدم تجاوب الروس مع جموحك الكبير للحصول على دولة، هل فعلًا كنت تعتقد بأن الأمور يمكن أن تحدث بكل هذه الخفة..؟!

حسناً، ما دمتَ بلا مشروع حقيقي تُقنع به الناس، وتثبت به صلاحيتك لحمل القضية الجنوبية؛ فسوف تظل مجرد انتهازي يتسكع في دول العالم، ويبيع الوهم للجماهير، وبالأخير سينتهي بك الحال مثل الكثيرين من القادة الجنوبيين الذين سبقوك، وانتهوا محروقين بلا أي قبول شعبي، ولا حضور سياسي معتبر.

ليست المشكلة في لقاء موظفين من وزارة خارجية روسيا مع ممثلي المجلس الانتقالي -ولا حتى لو كان من قابلهم هو بوتين نفسه- المشكلة هي -في اعتقاد قادة المجلس الانتقالي- أن لقاءً من هذا النوع يعني انقلابا كاملا في ميزان الصراع، وتحقيق قفزة دبلوماسية نوعية في القضية الجنوبية، سينتهي بحسمها لصالحهم.

والحقيقة أن ما تقوم به روسيا هو أنها تفتح أبوابها لأي سياسيين من أي بلد، وتستمع إليهم، والأمر لا يتعدى كونه إجراءً سياسياً شكلياً، تتبعه روسيا مع الكثير، خصوصاً في الفترة الأخيرة، في محاولة منها لاستعادة نوع من الفاعلية والحضور السياسي في المنطقة.

إنها مجرد عزومة سياسية يطلبها الضيف قبل المضِيف، وفي هذه الحالة لا يجد المُضيف مانعاً من استقبال أي طرف يرغب بالحديث معه، ولا يمثل الأمر أي عبقرية دبلوماسية للضيوف أو نجاحا يمكن أن يكون له انعكاس عملي في مسار قضيتهم.

روسيا ليست لديها أي أجندات عملية خاصة في اليمن، ولا ترغب بالدخول في صراع نفوذ في المسألة اليمنية، على الأقل في هذه المرحلة، وما أدلت به وزارة الخارجية الروسية من تصريحات بعد اللقاء يؤكد الأمر أكثر.

صحيح أن روسيا مؤخراً استعادت نشاطها الدبلوماسي في المنطقة؛ بهدف استرداد حضورها الدولي المؤثر، وكسر العزلة التي تعرّضت لها منذ ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، لكن هذا النشاط في غالبيته يبقى مجرد أدوار فلكلورية ولا يتخذ أي طابع عملي أو رغبة بممارسة ضغط سياسي منحاز لهذا الطرف أو ذاك.
وحالة سوريا ربما هي الإجراء العملي الوحيد الذي خططت له روسيا، واستغلت الفراغ الحاصل هناك للتدخّل وقلب المعادلة لصالحها.
 وحتى على المستوى السياسي، فالأمر لا يمكن أن يحدث بسهولة في مناطق أخرى، ولا يمكن لروسيا أن تُلقي بثقلها خلف فصيل سياسي محدود وبلا أي مشروع، كما يطمح مهرج شعبوي كالزبيدي ومن يقف خلفه.

باختصار: لعبة روسيا مفهومة، ما هو غير مفهوم هو خفة الزبيدي الذي يعتقد أن قبول الاستماع إليه يعني أن روسيا مستعدة للوقوف خلفه بقضّها وقضيضها. الزبيدي سياسي يعاني من خفة عقل واضحة، ومثله مثل غيره من القادة الجنوبيين، يعيش داخل وهْم كبير، وفي النهاية لن تطول خديعته، ستتبخر الأوهام التي يسوّقها للجماهير، وسوف يصحو على سراب مكشوفاً أمام الناس وعارياً بلا منجز ولا قضية محروسة من اللغط.

دعكم الآن من الصخب الفارغ حول تنامي نفوذ المجلس الانتقالي، والحظوة الدولية التي يحاول أنصاره أن يروّجوا لها، ثمة فكرة أخرى وردت في مقابلة عيدروس الأخيرة، بخصوص حديثه عن إمكانية التطبيع مع إسرائيل، هذه الفضيحة السياسية استأثرت بالجدل، وبشكل تجاوز هدف زيارة الزبيدي إلى روسيا.

يعتقد الزبيدي أن حديثه عن إمكانية التطبيع مع 'إسرائيل'، هو مناورة سياسية ذكيّة؛ كي يعزز من قبول القوى الدولية به، ويمكّنه من فرض مشروعه الانفصالي في الجنوب، إنها براجماتية سياسية في غير محلها، ذكاء غبي يجهل عدم وجود أي حماسة دولية لمقايضة انفصال جنوب اليمن بالتطبيع مع 'إسرائيل'.

الأمر لا علاقة له بحرص المجتمع الدولي على وحدة اليمن، ولا بعدم أهمية اليمن بالنظر ل'إسرائيل' وحاجتها للتطبيع معه، بل بعدم توفر الشروط الإقليمية والدولية الداعمة لمشروع تفكيك اليمن، كما أن الطرف المتبنّي للانفصال لا يحظى بإجماع محلي مشجّع للقوى الدولية، إضافة إلى المخاوف الدولية من دخول اليمن في مزلق جديد، يفقدهم السيطرة على المهددات القادمة منها، فيما لو دفع الوضع نحو الانفصال.

الخلاصة: الزبيدي يستعجل في العبث بأوراقه، سواء ما يتعلق منها بالمرونة تجاه 'إسرائيل'، أو في ترويج علاقته بروسيا، فالأولى لا تشعر بحماسة لعقد علاقة مع فصيل يمني محدود القوة والحضور، والثانية ليس لديها نفوذ كبير في الملف اليمني، وفي الحالتين يعيش المجلس الانتقالي على وهْم ويتحرّك في أجواء إقليمية ودولية لا تجد دافعاً لتأييد مشروعه، وثمة مشاغل دولية أهم في قائمة أولوياتها السياسية على المستوى الخارجي، وبالتأكيد ليس من بينها دعم الزبيدي وأوْهامه بدولة جنوبية على مقاسه.

مقالات

أبو الروتي ( 14 )

كان المعهد العلمي الإسلامي يتبع الشيخ محمد سالم البيحاني -خطيب وإمام مسجد العسقلاني في كريتر- وكان مدير المعهد هو الأردني ناظم البيطار، الرجل الذي كان مجرد ظهوره يثير فينا الرعب.

مقالات

ما العمل؟

عندما قرأ مقالي «ماذا ننتظر كيمنيين؟»، عَقَّبَ الأستاذ المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير بسؤال: «ما الحل؟»، و«ما المخرج؟»؛ وهو «سؤال العارف». وقد وردَ في الأثر: "ما المسئول بِأعلمَ مِنْ السائل".

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.