مقالات

رسالة للأستاذة النوبلية توكل كرمان

22/10/2024, 11:28:59

السيّدة النوبلية توكل كرمان- نائب رئيس المجلس العربي المحترمة تحية زاكية.. 

 من أعماق القلب أبارك نجاح مؤتمركم «العهد الديمقراطي العربي»، وتابعت كقارئ البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الذي ألقيتموه. شعرت بغبطةٍ وسرور للقضايا التي تطرق إليها البيان بدقة وعمق، والإشارة إلى الصراعات العربية الممتدة والمتواصلة؛ من أجل بناء مجتمع إنساني تحكمه القيم. 

ويربط البيان بين الديمقراطية والاستبداد، والتأكيد على البُعدين: السياسي، والاجتماعي للديمقراطية، والإشارة إلى التراجع عن الديمقراطية حتى في مراكزها الرئيسية. وإدانة البيان الصراع الكالح على السلطة، ويدعو إلى الاحتكام إلى الأساليب المدنية؛ لإدارة الخلافات والصراع، واعتبار الديمقراطية السبيل الآمن للتحرر من الاستعمار، وتحقيق العدلة الاجتماعية، وبناء التضامن العربي، والدعوة إلى تجاوز الانقسامات، وتوحيد الجهود؛ معلنًا رفض الخلط بين الأنظمة الغربية الداعمة للصهيونية والاستبداد العربي، التي لا زالت تعمل على تأبيد الاستبداد. 

مهم التأكيد على الربط بين أزمة الديمقراطية وتعثر مسار الربيع العربي، وتنامي الشعبوية، وصعود اليمين المتطرف، والاهتمام بتحرير الفرد والمرأة، والاحتفاء بالتعليم والقوانين، ورفض احتقار المؤسسات والقوانين والتنكيل بالمعارضين، والتأكيد على معاني الحريات وحرية الرأي والتعبير (الحريات الصحفية وحرية المعتقد)، وحق الاحتجاج السلمي واستقلال القضاء. والتشديد على الديمقراطية كسبيل للتحرر، واعتبار الاستعمار والاستبداد وجهان لعملة واحدة، واعتبار الديمقراطية الوسيلة المثلى العدالة الاجتماعية، وأداة بناء الفضاء العربي، رؤيتكم الصائبة أنَّ الفرز الحقيقي حاليًّا بين الديمقراطيين والاستبداديين، واعتبار الفساد مصدر كل الآفات والشرور.

وفي اعتقادي أنه لو اجتمع كل ديمقراطيي وأحرار العالم لما ابتعد رأيهم عما توصلتم إليه خلال اليومين في سراييفو. واللافت أن يُعقد مؤتمركم الديمقراطي في سراييفو، وجلكم آتون من بلدان تباهي بطبيعة أنظمتها الديمقراطية، وتحتكم إلى صناديق الاقتراع؛ وذلك يعيدنا إلى مطلع الثمانينات عندما عقد الديمقراطيون العرب ندوتهم عن الديمقراطية في قبرص. 

وهناك ملاحظتان بسيطتان أرجو أن يتسع الصدر لتقبلها، أولاً أن جانبًا مهمًّا من الخطاب كان في مواجهة غرفة عمليات شيطانية؛ هي من خرب الربيع العربي، وهي من يدعو الخطاب إلى مواجهتها. ولا أرى أن يتوجّه نضال الديمقراطيين -كل الديمقراطيين العرب- إلى عدو غامض ومستتر وعلينا امتلاك الشجاعة؛ لتحديد الأعداء الحقيقيين الذين ندين مؤامراتهم، ونشير بأصابع ضوئية إليهم. فتحديد الأعداء بدقة هو الحرف الأول في أبجدية الكفاح ضدهم، وقد يكون بعضكم أو كلكم يعرف أطراف هذه الغرفة، ولكن القارئ العربي لا يعرفها. 

وثانيًا عدم الوقوف الكافي إزاء حرب الإبادة في غزة ولبنان، فلم تُعط في البيان حقها، وغاب عن مؤتمركم الدور الراعب للمكنة الإمبريالية الإعلامية الأمريكية والغربية وبعض الإعلام العربي التابع.

مقالات

سلالة الإبادة

تسمية الحوثيين مجرد دكتاتوريين لا تنطوي فقط على تبسيطٍ مُخلّ، بل تُشارك دون وعيٍ في جريمة تبرئتهم من طابعهم المتسم بالإبادة والتطهير والإحلال بعد التجريف.. الدكتاتور يقمع، أما الحوثية فتفني، والدولة في مشروعهم ليست أداة حكم بقدر ما هي آلة تطهير سلالي شامل.

مقالات

مليون عقل في قبضة الكهنوت

كل يوم وأنا أزداد غرقًا في قلقٍ لا يهدأ، قلقٌ متراكم، متجذّر، يتسلل إلى أعماقي كلما تأملت ما يحدث للشباب في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي. هناك شيء مرعب يجري بصمت، أشبه بعملية سلخ جماعي للعقول، بترٌ ممنهج للوعي، وتفريغ متعمد للذاكرة، وإعادة تعبئة العقول بأفكار مسمومة لا تنتمي للحياة، ولا تُنتج إنسانًا، بل تُخرج آلات طيّعة، مبرمجة على الكراهية والخضوع. معركتنا اليوم لم تعد عسكرية في ظاهرها فقط، هي أعمق، أكثر تعقيدًا، وأكثر إيلامًا، إنها معركة على الوعي ذاته، على الروح، على الفكرة التي تشكّل الإنسان.

مقالات

اليمن في قلب حرب صامتة

لم تعد الحروب في هذا العصر تتطلب إعلانًا رسميًا أو دويًا للمدافع كي تبدأ، فقد دخل اليمن، ومعه عدد من دول الإقليم، في مرحلة "الحرب الصامتة"، أو ما يُعرف في الأدبيات الإستراتيجية الحديثة بحروب "الجيل الرابع والخامس"، حيث تُخاض المعارك دون جبهات تقليدية، بل عبر أدوات خفية تتمثل في الحصار الاقتصادي، الإغراق الإعلامي، تفكيك مؤسسات الدولة، وإعادة إنتاج الفوضى بأساليب غير معلنة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.