مقالات

عقلانية في المكان الخطأ

01/06/2024, 06:46:21

يعتقد العقلانيون أن بمقدورهم بث الريبة في الكتب المقدّسة؛ لمجرد نقدها، وإثارة مكامن خلل مزعومة فيها.

يصرخون فرحًا، كمن اكتشف لتوّه حُجة دامغة ضد خصمه. انظروا إلى هذه الآية القرآنية، إنها تتضمن خطأ نحويا مخجلا.
ويتقافزون من هنا وهناك لسرد مزيد من الأدلة.

ينشب الجدل، ويستمر المؤمنون في مستوى يقينهم نفسه بالخطاب الإلهي، وربما بصورة أشد.

لا تستمد الكتب المقدّسة قوة تأثيرها من بنيانها المنطقي بالضرورة، وعليه فهي غير قابلة للخسارة من هذا الباب.

هذا لا يعني الإقرار بعدم منطقيّتها؛ لكن المقصد الإشارة إلى عبثية النهج العقلاني الذي يتوّهم أن حشد أدوات النقد أسلوب فعّال لتقويض خصمهم اللدود، وإعلان انتصار منهج التنوير.

منذ آلاف السنين، وأنصار العقل المطلق لا تتوقف محاولاتهم لتحقير الأديان، إنّهم مصرون وبشدة على زعزعة العقبة الكبرى المعيقة لتقدم الوعي، والرغبة بتوجيه الضربة الأخيرة للدِّين.
لكن وكلما تقدّم الزمن، نأتي إلى معاينة النتيجة، ونجدهم يلعبون في الهامش نفسه. إنها محاولات متوترة، تتبخر لمجرد انتهاء النقاش. فلا هي أثنت مؤمنًا عن قناعته، ولا هدأ قلق عقلاني حين لم يبصر الثمرة، بمستوى ما كان يحلم به.

لكن لماذا لا يتأثر المتدينون بصورة واسعة وعميقة، ويحدث التحول الحاسم، لماذا لم ينتصر نهج التنوير القسري هذا..؟
يجيبنا "كارل يونغ " بالقول: إن بنية الإيمان غير قابلة للاختراق بهذه الطريقة، فقوة الدِّين لا تتوسل أدوات من خارجه؛ كي تتمكّن من النفاذ، هناك حاجة بشرية صميمية تنبع من بنية الكائن النفسية، وهي بمثابة الوتد الذي يشد عقال الدّين ويهبه ديمومة، ويعطّل كل المحاولات العقلانية المزعومة لتحييده من حياة البشر.

إذًا، لا يمكنك إضعاف أثر الدّين لمجرد البرهنة على خطأ هنا وهناك، بصرف النظر عن صحة تلك البرهنة من عدمها.

إنك تتصرف بطريقة غير عقلانية، حين تستخدم العقل في فضاء غير عقلاني في طريقة اشتغاله.

ومرة ثانية لا أعني هنا عدم عقلانية المنطق الدّيني؛ لكن الدِّين بذاته، تصوّر كلي يتجاوز فكرة العقلانية التجريبية والسبيبة، وله نظامه الخاص، نظامه الداخلي المتمايز عن المنهج التجريبي، ما يجعل فاعلية النهج العقلاني هنا ضئيلة، بل يجعل منه نهجًا غير عقلانيا، بالنظر لعدم تناسبه مع موضوع الدراسة، ومحاولته اقتحام منطِقة لا يشتغل فيها المنطق بتلك الصورة المرجوّة منه.

مقالات

العلوم والتكنولوجيا.. جامعة تحت القيد الحوثي

في مسار الأحداث التي مر بها اليمن خلال السنوات الماضية، تكاد لا توجد مؤسسة واحدة لم تطلها أيدي جماعة الحوثي، سواء بالتفكيك أو التوجيه أو إعادة التشكيل. ومنها جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء بوصفها حالة خاصة، تمثّل نقطة تقاطع دقيقة بين المعرفة والسيطرة، بين التعليم كقيمة، والتعليم كأداة.

مقالات

لو أنت تحبني اخرج من الحزب (6)

كانت تغريد تستيقظ عند الفجر وتمتطي قاربها وتدخل البحر، وكل يوم كانت أمها تظل تنتظر عودتها على قلق. وذات يوم تأخرت في العودة على غير العادة، وتفاجأتُ بأمها تدخل عليّ في العُشة وهي خائفة وتخبرني بأن تغريد لم تعد من البحر، وطلبت مني أن أفتح الكتاب لأعرف سبب تأخرها!!

مقالات

غزة.. صبر وعناد أسطوري

لا أعتقد أنَّ مُنظراً أيديولوجياً، أو قائداً عسكرياً، أو مناضلًا في حرب تحرير شعبية، أو حتى زعيمًا سياسيًا، هو من قال: «إنَّ شعبًا صغيرًا يمتلك إرادة التحرر من الاستعمار لا تستطيع أقوى قوة في العالم أن تَكسِرَ إرادته».

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.