مقالات

فلسطين الحال والمآل

07/03/2024, 16:26:31

بعد مضي أكثر من مائة وخمسين يوما من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة المحاصرة لأكثر من ستة عشر عاما، والمنكوبة بالحصار وبالحروب والاجتياحات المتكررة، منذ ما بعد المواجهة في الانتفاضة الثانية 2000 - يبدأ التفاوض، واقع الحال، وما تتناقله وكالات الأنباء تدمي مشاهدته القلوب والعقول والضمائر لحظيا. 

القتلى في غزة أكثر من ثلاثين ألفا، والقتلى والجرحى أكثر من مائة ألف، المدن والقرى والأحياء المهدمة فوق رؤوس ساكنيها أكثر من 60%، الحصار المفروض، ومنع وصول كل مقومات الحياة، الغذاء، الماء، الدواء، الوقود، حرب إبادة. 

القتلى ثلاثة عشر ألفا من الأطفال، وسبعة عشر ألفا من النساء، ويقينا فإن الشهداء من العجزة كثيرون، الجيش الإسرائيلي الأقوى من كل جيوش المنطقة جيش قتلة الأطفال بتفوق، وحكومة إسرائيل هي قاتلة الأطفال والنساء والعجزة.

تحرص إسرائيل في حرب الإبادة الجماعية على تقتيل الشعب الفلسطيني إما بالقصف والاجتياح، أو بالتمويت جوعا، وتقف دول الجوار مسلوبة الإرادة؛ خوفا من أمريكا وبريطانيا وأوروبا الاستعمارية، وربما مع قدر من الرضا والتواطؤ. 

ما تقوم به بعض الدول العربية وفرنسا وأمريكا أخيرا من إلقاء فتات من الجو إساءة، وفضيحة أكثر منه إنقاذ حياة، مليونان ونصف مليون جائع يواجهون التمويت، إن شعبا يحتاج إلى أكثر من خمسمائة شاحنة يوميا يلقى إليه ببضعة طرود، أو أكياس طحين هي كمن يعطي لقمة لمحتضر. 

تريد أمريكا الطرف الرائس في الحرب الكذب على العالم، وتضليل الرأي العام، إنها ضد منع وصول المساعدات،  وتجيء هذه الخطوة الزائفة بعد قصف آلة الحرب الإسرائيلية لآلاف الجوعى الفلسطينيين، وقتل وجرح الآلاف. 

تستطيع أمريكا بالامتناع عن استخدام الفيتو في مجلس الأمن، أو حتى التلويح بوقف الحرب، كما أنها بالتلويح بوقف إمداد السلاح، أو تدفق المعلومات الاستخبارية، والمليارات من الدولارات تستطيع إيقاف الغطرسة الإسرائيلية. 

كثيرا ما يردد الرئيس بايدن احتياج أمريكا لإسرائيل أكبر من احتياج إسرائيل، وبغض النظر عن المبالغة فإن الصهيونية وأمريكا كل لا يتجزأ، وإسرائيل هي أداة الحرب لهما في مواجهة التحرر العربي، والثورات الشعبية العربية، فهي أداة ترويع للأنظمة العربية التابعة والمطبعة والخائفة من شعوبها أكثر من خوفها من إسرائيل.  

أمريكا وإسرائيل تريدان المنطقة العربية كلها أن تكون ضعيفة، والأمة العربية مفككة ومتحاربة، وأنظمتها دوما في احتياج إلى الحماية، بل والقبول بالحماية الإسرائيلية،  وما يردده بايدن كثيرا ليس آتيا من فراغ، فالعلاقات متشابكة حد الاندماج.

يقول المفكر الأمريكي البارز فندلي إن نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط يفوق بكثير تأثيره في بلاده ذاتها.. بول فندلي "من يجرؤ على الكلام". 

فالرئيس الأمريكي أي رئيس - في حاجة إلى الدعم المالي في حملته الانتخابية، وهو ما يمتلكه الزعماء الصهاينة، كما هو الحال بالنسبة للنواب والشيوخ، إضافة إلى ملايين المسيحيين الصهاينة، ودور أيباك والمأساة أن الحكام العرب المعادين لشعوبهم، وإرادة أمتهم، قد ربطوا مصيرهم بأمريكا التي تريد تسليمهم كوديعة للإسرائيلي، والعائق فلسطين، التي يحرصون على إبادتها، وإجبار شعبها على النجاة بحياته. 

هناك خلاف تكتيكي بين اليسار واليمين الصهيونيين، وفي رؤية وتقدير كل منهما للظروف، يشتركان معا في التمسك بالخرافات والأساطير التي قامت عليها الدولة. اليسار الصهيوني هو من أسس الكيان الصهيوني، ولكنه لم يستطع تحقيق حلم "من البحر إلى النهر"، وجاء اليمين، منذ الثمانينات، ممثلا في الليكود وتحالفاته اليمينية، متبنيا الدعوة الأساس في خرافة "وعد الرب"، وفي مقررات مؤتمر بازل 1897، ووعد بلفور 1917، ومالات الحرب العالمية الثانية. 

يعتقد اليمين الديني التوراتي أن باستطاعته إبادة الشعب الفلسطيني بالتقتيل والتهجير، وإقامة "وعد الرب"، مستهينا بمقاومة الشعب الفلسطيني، وبالرأي العام العربي والدولي، وبقرارات مجلس الأمن المؤسسة للكيان، يستخدم اليسار الصهيوني مفردات "وعد الرب"، و"شعب الله المختار"، استخداما سياسيا، وإن كان لا يؤمن بها، بينما يردد نتنياهو وبن غفير وزير الأمن القومي، ووزير المالية سموتريش مكونات التورات "العهد القديم"، وكأن العالم كله "الأغيار" لا يعني لهم شيئا، ويعتقدون أنهم الأقدر على تحقيق "وعد الرب".

يعلن في إسرائيل عن بناء 2500 مستوطنة في الضفة الغربية، ويدعو وزير المالية إلى إعادة بناء المستوطنات في غزة، وهو ما يعارضه حلفاء إسرائيل في الغرب الاستعماري وبعض الدوائر الأمريكية. 

يدرك اليمين أن المعركة القادمة الضفة الغربية، فهي عندهم أرض التورات "يهودا والسامرة"، والمعركة فيها دائرة منذ الانتفاضة الأولى 1986، واتخذت الانتفاضة الثانية طابع المواجهة المسلحة، وتكررت حتى هبة "طوفان الأقصى". 

يستشعر الجيش الإسرائيلي والأمن واليسار الصهيوني خطورة المواجهة في الضفة الغربية، وإن قرب حلول شهر رمضان سوف يصعد مواجهة "طوفان الأقصى"، ويشاركهم استشعار الخطورة الأمريكان والأوربيون، ومن هنا يجري الضغط للهدنة المؤقتة، لستة أسابيع.

الإصرار الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني على استمرار الحرب القائمة، وكل ما يريدونه هدنة مؤقتة لتجنب مخاطر المواجهة من حول الصلاة في الأقصى، وقضية الأقصى هي عنوان المواجهة. السماح المحدود والمقيد للصلاة في الأقصى لا يعني شيئا، فالأقصى والقدس كلها أرض محتلة شأن فلسطين كلها، وليس من حق الاحتلال أن يسمح أو يمنع، وللأمر علاقة بالإصرار على التهويد، وخرافة "هيكل سليمان"، التي أكدت كل الحفريات والتنقيب زيفها، بل كذّبها. التفاوض، الذي تديره أمريكا نيابة عن إسرائيل، غايته وهدفه الأساس الإفراج عن كل الأسرى مقابل وعد مكذوب بالسماح بدخول المساعدات. 

وقف الحرب، الذي تشترطه حماس، غير مقبول إسرائيليا، و أمريكيا، كما أن مطلب انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وعودة اللاجئين، وعدم اجتياح رفح، كلها غير مقبولة لدى الطرفين (الإسرائيلي والأمريكي)، إنه ابتزاز ومكر لا حدود لهما. 

ترفض إسرائيل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين من القيادات البارزة، أمثال مروان البرغوثي، وآخرين كُثر، وحتى المفرج عنهم تجري حاليا إعادتهم إلى الاعتقال، أو ملاحقتهم بالاعتقال. 

التعامل مع قضية الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، وكأنه غير موجود، أو مجموعة إرهابيين -كما تدأب الدعاية الصهيونية والاستعمارية- أو جعل السابع من أكتوبر بداية الصراع، وهو ما تروج له الدعاية الاستعمارية والغربية أيضا، عبث ولغو. وحقا، فإن المفاوضات والاتفاقات، التي جرت وتجري بدون الإقرار والإدراك والاعتراف بحقيقة هذا الكيان الصهيوني كغرس استعماري وبريطاني وأوروبي وأمريكي، وكاحتلال استيطاني قائم على الفصل العنصري والتطهير العرقي، فإن كل المعالجات، والتفاوض والاتفاقات لا تعني غير التهدئة، التي يقينا لن تلتزم بها إسرائيل وأمريكا، وأسلو خير شاهد، ويستمر الصراع. وعجز الجيش الإسرائيلي، المدعوم أمريكيا وأوروبيا، عن حسم الصراع عبر خمسة وسبعين عاما، والفشل الذريع في غزة له معنى كبير ومؤشر خطير.

مقالات

ترامب ونتنياهو وصفقة القرن

ربما كانَ من الأنسب أن يكون عنوانَ هذا المقال «نتنياهو وترامب وصفقة القرن». فنتنياهو مؤلف كتاب «مكان بين الأمم»، والذي تُرجِمَ إلى «مكان تحت الشمس» هو الأساس. فـ«صفقة القرن»، وما تشربه ترامب منها، وصرّح به هي المبادئ الأساسية لـ«السلام من أجل الازدهار»؛ فمصدرها كتاب «مكان تحت الشمس»، وفي 28 يناير أعلن الرئيس الأمريكي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، نص الصفقة.

مقالات

حلفاء أم محتلون؟

الأوضاع الاقتصادية الكارثية، التي نعاني منها اليوم، ليست سوى انعكاس أكثر بؤسًا وكارثية لوضع سياسي مخجل.

مقالات

أبو الروتي (8)

بعد أن وصلتني رسالة جدتي الغاضبة، التي تطلب مني فيها أن أخرج من المعهد العلمي الإسلامي وأدخل مدرسة النصارى، بقيت حائراً لا أدري كيف أتصرف!! ولا ماذا أفعل!!

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.