مقالات

قراءة في ضباب المشهد العالمي

28/10/2025, 08:30:59

لم يكن العالم في أي يوم أسوأ مما يبدو عليه اليوم من فوضى وارتباك وتضارب مصالح وضبابية رؤيا، فمن الحرب في أوكرانيا المزدوجة والمعقدة بين روسيا، من جهة، والغرب الأوروبي الأمريكي من جهةٍ أخرى، التي لا تبدو لها في الأفق نهاية، إلى نزاعات الشرق الأوسط بين إيران المصممة كما يبدو على امتلاك سلاحٍ نووي وإسرائيل المهووسة بحلم الدولة |(اليهودية) في واقعٍ لا يحتمل ذلك والطموحات الجامحة لتركيا، وإلى اليمن المنكوب والسودان المتشرذم وليبيا الغارقة في فوضى الميليشات والسلاح المنفلت، وحتى المغرب المضطرب، نرى مشهداً غير مسبوقٍ في التاريخ الإنساني وخارطةً عريضةً من المشكلات المركبة، المتداخلة، المزمنة والعصية على الحل في المدى المنظور.

اختلال التوازن

ما شهده العالم عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية كان أمراً مريعاً، أهون منه ما جرى خلال الحرب الباردة بعدهما من تنافسٍ وتنازعٍ وتسابقٍ نحو الاستقطاب والتسلح بكل أشكاله التقليدي المُكلف منها والنووي الأخطر فيها، الذي قد يقود استخدامه، حتى في إطارٍ محدودٍ، إلى فناء العالم وتدمير كوكب الأرض.

ما نتج عن كل ذلك مجاعات وأزمات اقتصادية طاحنة، كانت الكتلة الاشتراكية قد حاولت تفاديها بفعل الإنفاق الروسي والصيني السخي على التنمية في أكثر من ثلتي العالم الفقير في آسيا وإفريقيا، فيما لم يفعل الغرب الرأسمالي أكثر من السطو المسلح بالأيديولوجيا والإعلام المتوحش على وعي ومقدرات تلك الشعوب.

هل الإنسانية في مأزق

نعم، هي كذلك، ففي حين تتجاوز ثروة فردٍ واحد مثل (أيلون ماسك) حائط الـ 500 مليار دولار يعاني مليارات البشر في آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا من الفاقة والجوع والأمراض الفتاكة ولا يعرفون أي معنىً للحياة التي وجدوا أنفسهم في خضمها وأزماتها وأوجاعها، معظم هؤلاء لا يتلقون مستوىً معقولاً من التعليم أو الرعاية الصحية وغيرها.

في بلدانٍ كثيرةٍ زرتها رأيت فوارق طبقية مزعجة، إذ ينام أكثر من 150 شخصا في بعضٍ من مدن الفلبين في حجرة واحدة بينما كان لزوجة دكتاتور الفلبين السابق (ماركوس) حجرة تحتوي على اكثر من 3000 حذاء غالية الأثمان.

زيادة الاحتياجات وشح الموارد

ثمة فجواتٌ هائلةٌ لا يمكن إغفالها بين الزيادة السكانية التي تلتهم كل أثرٍ لإنجازات التنمية البشرية من جهة وتضاؤل الموارد الاقتصادية والتغيرات المناخية كالجفاف أو سوء الإدارة من جهةٍ أخرى، إذ ضاعف كل ذلك من شظف العيش وصعوبات الحياة في أكثر من مكانٍ في العالم حيث يجد الكثير من الشباب والشابات اليوم مشاقاً لا حصر لها في تأمين بيوتٍ للزوجية، وتوفير حدٍ معقولٍ من الامكانات لتنشئة ورعاية الأطفال ورعاية الأمومة.

لكن الأسوأ من كل ذلك هي السياسات الأنانية التي تكاد لا تستطيع الفصل بين الخلافات السياسية وقوانين الحرب، إن كان للحرب قانون أصلاً لا يتخطى الحقوق المدنية الأساسية للبشر في العيش ولو بالحد الأذني من الكرامة الإنسانية.

همجية الحرب وانتقاء الحلولً

لم يحدث في كل النزاعات السياسية التي شهدتها البشرية أن استخدم تجويع ضعفاء الناس، من نساءٍ وأطفالٍ وكبارٍ في السن، في حسم أمر أي حرب مثلما فعلته إسرائيل في حربها على غزة، وهو ما تم اعتباره لدى كثيرٍ من المجتمعات "متاهةً أخلاقية" بالغة السوء، ففي المأساة السورية دفع السوريون ثمناً باهظة لعدم تدخل العالم لإنقاذهم من (براميل الأسد) وتوحش (فلاديمير بوتين) و (تغول إيران) وحماقات (الفصائل الإسلامية المتطرفة) وكل هؤلاء خسروا في النهاية كل شيء، وكان سبب عدم حدوث ذلك التدخل هو الخوف من تكرار ما حدث في الغزو الأمريكي للعراق العام ٢٠٠٣حيث كان (توني بلير) طرفاً أساسياً في تلك الحرب التي أدت إلى تدمير العراق وإغراقه في مستنقعٍ بلا قاعٍ من الطائفية والفساد السياسيين والفوضى الأمنية والاجتماعية، وها نحن نرى نفس ذلك الرجل يعود إلى الواجهة من بوابة غزة في "مجلس. السلم العالمي" التي نصت عليه خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب لوقف الحرب في غزة.

إنه عالمٌ عجيبٌ حقاً!

مقالات

الحوثيون بين تهديد السعودية والإمارات واستهداف الكابلات البحرية

تلوّح مليشيا الحوثي مجددًا باستئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة ضد السعودية، متهمةً الولايات المتحدة وإسرائيل بالتحضير لمرحلة تصعيد جديدة تستهدف التحالف العربي، وهو خطاب يعيد إنتاج سردية المظلومية التي توظفها المليشيا لتبرير تحركاتها العسكرية وللتغطية على التحول النوعي في أدواتها، إذ باتت تمثل امتدادًا مباشرًا للاستراتيجية الإيرانية في استهداف المصالح الخليجية والدولية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب والخليج العربي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.