مقالات

هل نمر بمرحلة تطورية تغير بيولوجيا نومنا؟

17/03/2022, 13:16:55
المصدر : خاص

إلى ما قبل شهرين، كنت "أنام" بمعدل 8 - 10 ساعات في اليوم، استيقط على صوت المنبه مثقلا بالنّعاس، وبالكاد ارتدي جواربي، وأنا إغادر إلى موعدي.

مؤخراً، تغيّر مجرى الأمور، أصبحت أنام بمعدل ساعتين، ثم استيقظ فجأة بكامل نشاطي وحيويتّي، ومن ثم أقضي وقتا طويلا في محاولة العودة إلى دفعة ثانية أو للحصول على قسط ثانٍ من النوم، أحيانا تستمر المحاولة أربع وخمس ساعات، وإن نجحت أنام ساعة أو ساعتين لأستيقظ مجدداً، لقد فقدت مسار نومي الطبيعي والمتواصل الذي اعتدته، وهكذا أصبحت بالكاد أحصل على قسط معقول منه، بعد ذلك أمضي اليوم برفقة صداع خفيف، وكأنّي لست على ما يُرام.
اليوم، وبالمصادفة، فتحت النيويورك تايمز، وطالعني أول موضوع حول مشكلة النوم المجزأ، التي يعاني منها الكثيرون مثلي.

كان هناك اعتقاد أن المشكلة سببها الأضواء الصناعية، وما أنتجته الحضارة الحديثة، التي غيّرت أنماط حياتنا بالكامل خلال العقود الماضية، لكن سرعان ما اكتشف العلماء أن ذلك ليس دقيقاً، بل على العكس من ذلك اكتشفوا أن النوم المجزأ كان شائعا قبل الثورة الصناعية نفسها، فقد كانت الممرضات والأطباء ينامون نوماً مجزأً أثناء الجائحات الكبرى كالطاعون والحمى والأنفلونزا…، اُرجع ذلك إلى مشكلة الجائحات المرضية التي ظهرت.

بعد ذلك رجحوا “التوتر والقلق”، واعتبروهما سبباً مباشراً، ومع معقولية الأمر إلا أن العلماء أيضاً اكتشفوا أنهما ليسا سببا لذلك، وتوالت الأسباب وصولاً إلى "كورونا" والتغييرات العميقة التي أحدثها.

كان مقال النيويورك تايمز طويلاً ويناقش المشكلة فقط، نقاشات لا تحصى، وفي الوقت نفسه لم يقدّم سببها أو حلا لها، ثم يعود وبطريقة الهروب إلى الأمام ليؤكد أن النوم الصحي ٨ ساعات، ولكن لم يخبرنا كيف نحصل عليه رغم كل ذلك.

بعد فشل الكاتب في إعطاء إجابة محددة، ينقلنا إلى مقال آخر على صحيفة التايمز، يشرح اشتكاء القراء من المشكلة نفسها قبل سنوات، وينقل كذلك النقاشات التي دارت بين القراء مع الخبراء والعلماء.

على التايمز، يقول العديد من المستشارين إنا قد لا نستطيع العودة إلى طبيعتنا السابقة، طبيعة أسلافنا قبل قرون، أي النوم الطويل، وهذا الأمر مخيف بالنسبة لي للغاية، فأنا أحب النوم بشكل لا يصدق، ولكن هذا لم يعد كافياً، فالبشرية في مسار تطوّري جديد، وهذا ما يأخذنا إليه أيضاً علم النفس التطوري، فخصائصنا  (التي يخبرنا بها هذا الحقل من العلم) حصلنا عليها، وتشكلت قبل المرحلة الزراعية أي (قبل حوالي ٨٠٠٠ سنة)، حيث كانت عقولنا وطبيعتنا النفسية متكيّفة مع نمط الزراعة والصيد والرعي، واليوم نعيش مرحلة ما بعد الثورة الصناعية، وقد تغير الكثير.

يجادل العلماء بأن جيناتنا في طريقها نحو التخلي عن ذلك النمط الذي اكتسبناه قبل ٨٠٠٠ سنة، بمعنى آخر نحن نسير على مستوى تطوري يحدث ببطء، ويغيّر من طبيعتنا البيولوجية المتعلّقة بالنوم.

ولأن النقاشات في التايمز لا تصل إلى نهاية، وتستمر كجدل بيزنطي، تنقلك التايمز إلى مجموعة من مقالاتها، التي تحتوي نصائح لفوائد وكيفية الحصول على نوم هادئ وصحي، وكشرب البابوينج!!
يبدو في النهاية أن الحياة والصحافة تعبث بنا في حلقة مفرغة لا نهاية لها.

مقالات

غزَّة أولاً

حرب الإبادة على غزة، وصمود شعبها، فيه تقرير مصير أمَّتِنَا العربية، ومستقبل سيادتها على أرضها.

مقالات

"خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء" (2)

في أول اجتماعٍ حزبي كنا خمسة أو ستة أعضاء، ولم يكن بينهم أحد من قريتي، لكن خوفي كان قد تبخّر، وكان المسؤول الحزبي شخصاً في غاية اللطف، يقول كلامًا بسيطًا عن الظلم والعدالة وعن الحزب، وكنت قد بدأت أستلطفه.

مقالات

الحوثي.. وحشية بلا هوادة تفتت النسيج اليمني

لم يعد بيننا وبين الحوثي مساحة يمكن البناء عليها. لا رابط نقي يمكن ترميمه، ولا أرضية أخلاقية تصلح لحوار. ما فعله بهذه البلاد تجاوز حدود الخلاف، هوى بها إلى درك من الوحشية والتفكك، مزّق النسيج الاجتماعي، وحوّل الروابط إلى رماد. ارتكب مجازر لم توثقها كل الكاميرات، وقتل الآلاف بدم بارد. مارس انتهاك الكرامات، وسحق الحقوق، وزرع الخوف داخل كل بيت. من السجون خرجت صرخات لا تجد من يصغي، ومن البيوت خرج الناجون بلا ذاكرة، محملين بألم لا يُحتمل. لا يمكن توصيف الحوثي كجماعة مسلحة فقط، هو منظومة متكاملة لصناعة الرعب.

مقالات

فؤاد الحِميري: فبراير الذي لا يموت

عندما تتأمل قصائد وكتابات وأشعار فقيد الوطن وأديب فبراير، الأستاذ الثائر فؤاد الحِميري، تجد أنها جميعًا تصب في ينابيع مبادئ الحرية والكرامة ومقاومة الظلم. هذه المبادئ هي ذاتها الأهداف السامية لثورة 11 فبراير، ثورة الشباب السلمية اليمنية، التي كان الحِميري أحد أبرز شبابها وشاعرها الملهم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.