مقالات

هل يقبل نتن ياهو بالمبادرة المقدمة منه؟

08/07/2024, 15:06:02

في الواحد والثلاثين من مايو، تقدم بايدن بمبادرة حول الحرب على غزة، قال: إنها مبادرة إسرائيلية. رحبت حماس بالمبادرة، ووعدت بالتعامل الإيجابي معها، ثم أبدت بعض الملاحظات على بعض البنود، خصوصًا ما يتعلق بوقف الحرب. فالمبادرة الأمريكية - الإسرائيلية تحدد الهدنة المؤقتة بالمرحلة الأولى فقط. 

رفض نتنياهو ملاحظات حماس. وصرّح وزير خارجية أمريكا بأن الملاحظات بعضها مقبول، وبعضها لا يمكن القبول به. في حين أصر بايدن على تحميل حماس مسؤولية رفض الحل في مناظرته مع ترامب. 

وقال ترامب: إن الطرفين يرفضان الحل؛ مطالبًا بترك إسرائيل تمضي في الحرب حتى إنهاء المهمة. قدمت أمريكا مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو لوقف الحرب، وتمت الموافقة عليه، وقبلت به حماس.

ملاحظات حماس لا تتعلق فقط بالوقف الدائم للحرب، وإن اعتبر الأهم، ولكنها تطالب بالانسحاب الكامل من غزة. وهناك ما يتعلق بالمفرج عنهم من المعتقلين الفلسطينيين، ونِسَبُهم، والمحكومين بالمؤبد يتواصل الضغط الأمريكي على الوسطاء: مصر، وقطر، خصوصًا بعد المناظرة بين بايدن وترامب، واقتراب موعد زيارة نتنياهو لأمريكا، وإلقائه خطابًا في الكونجرس. 

فالحرب على غزة، ومع لبنان، أصبحت موضوع الحزبين: الجمهوري، والديمقراطي، وترامب، وبايدن. ففي حين يريد بايدن التهدئة في الحرب، وعدم توسيعها؛ ليفرغ لحملته الانتخابية، وليقدم التهدئة، وعدم امتداد الحرب كإنجاز لإدارته؛ فإن الحزب الجمهوري، وبواسطة اللوبيات القوية المؤيدة لإسرائيل، يطرح قضية تلكؤ إدارة بايدن على إمداد إسرائيل بالسلاح، وإعاقة انتصارها في الحرب، وانحيازها لإيران في قضية عدم توسيع نطاق الحرب. 

يتصرف نتنياهو كطرف أساس في الصراع الجهوري الديمقراطي، معربًا عن شكواه من إدارة بايدن في عدم إمداده بالسلاح، وهو في خط الدفاع الأول عن المصالح الأمريكية والأوروبية. 

بعد بضعة أيام سيأتي نتنياهو إلى أمريكا رافعًا راية الحرب، مؤزرًا بالنصر في عدم الاستجابة للانهزاميين الذين لا يريدون الانتصار لإسرائيل؛ ومن الواضح ما يعني لنتنياهو مصلحة في استمرار الحرب؛ فهو يريد تهجير سكان غزة إلى سينا، وإرغام مصر على قبول الغزيين، وإجبار الأردن على أن يكون الوطن البديل، ويريد في نفس الوقت -بإطالة أمد الحرب وتوسيعها- نُصرة ترامب، والمزيد في إضعاف قيادة الجيش والمعارضة؛ ليضمن لنفسه العودة في الانتخابات القادمة. 

معروف في تاريخ الدولة الإسرائيلية أنها دولة الجيش؛ فهو الباني لها، ويريد نتنياهو تغيير المعادلة؛ ليصبح هو القوة الوحيدة في مواجهة القيادات العسكرية والمعارضة؛ فكثيرًا ما يردد أن يكون الجيش جيش الدولة، وليس العكس، ويحمل الجيش مسؤولية الفشل في حماية أمن إسرائيل في السابع من أكتوبر.

ويقينًا، لا يمثل الأسرى الأولوية في الحرب؛ فالحرب بالنسبة له الوعد الإلهي لتحقيق ما عجز اليسار الصهيوني عن تحقيقه؛ وهو قيام دولة يهودية من البحر إلى النهر نبيها الجديد نتنياهو المتقمص شخصية يوشع بن نون- خليفة موسى. 

وفي الجانب الآخر، فإن الاحتجاجات داخل الكيان الإسرائيلي المطالبة بعودة الأسرى، واستقالة نتن ياهو، والذهاب للانتخابات تتظافر. هذه الاحتجاجات مع ضغوط المظاهرات الدولية في أمريكا وفي المدن الأوربية يُتوقع تصاعدها وزيادتها مع عودة الطلاب إلى المدارس. 

المعارضة الإسرائيلية -بتشجيع من أطراف في الديمقراطي الأمريكي- تسعى في الوصول إلى وقف الحرب، مع ضغط المجتمع الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومحكمة العدل الدولية، واعترافات بعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين- كل هذا يعمل على وقف الحرب، وهناك ما يشبه السباق بين خط استمرار الحرب واتساعها ممثلاً بنتنياهو وحكومة الحرب، وخط التفاوض السياسي ووقف الحرب. 

الاحتجاجات داخل إسرائيل وخارجها وتوسعها، وضغط المجتمع الدولي، وتصاعد تصريحات بعض قادة الجيش معبِّرين عن صعوبة الانتصار العسكري- يجعل نتنياهو في مأزق حقيقي. فإصرار نتنياهو وحكومته الأكثر يمينية على الحرب تعبير عن ربط مصيره بها؛ فالحرب وسيلته الوحيدة للعودة للحكم، والإفلات من المساءلة.

تعجز إدارة بايدن عن الضغط على نتنياهو، فتعود لتضغط على مصر وقطر، فيضغطا بدورهما على حماس للقبول بالتراجع عن مطلب الوقف الدائم للحرب على أمل إحراج نتنياهو، ولكن من يحرج نتنياهو؟ فهو لا يعير الاهتمام لاحتجاجات شعبه، ومن باب أولى لا يهتم بالأغيار، ولو أنه قبل بحضور رئيس الموساد، وقد يقبل بإرسال وفد مفاوض رابطًا ذلك بالعودة إليه في كل صغيرة وكبيرة، وسيطيل أمد التفاوض مع استمرار القصف اليومي، والسيطرة على فلادلفيا، ومعبر رفح، ودفع الغزيين إلى الساحل، وتكرار نزوحهم ليس بلا معنى.

إن التهجير من غزة هو الهدف الأساس، ولعل تسريب الوثيقة الإسرائيلية ذات العشر صفحات تكشف مخطط تل أبيب لتهجير سكان غزة إلى مصر. الوثيقة مسربة من وزارة الاستخبارات الإسرائيلية في الوقت الراهن، ويأتي التسريب في لحظة تزايد الصراع بين السياسي والعسكري، وإعراب قادة الجيش عن صعوبة الانتصار، وتزايد خسائر حرب الاستنزاف، كما أن قرار ضم ما يصل إلى مليونين وسبعة وعشرين مترًا مربعًا من أراضي الضفة الغربية يؤكد الإصرار على التهجير، وكذا الإجراءات اليومية لفرضه، سواء عبر حرب الإبادة في غزة، أو الاجتياحات اليومية لمدن الضفة، وتقتيل واعتقال الفلسطينيين، واقتطاع الأراضي، وتدمير الأحياء، كما أن تهويد القدس هدفه الأساس إرغام سكان الضفة على الهجرة للأردن (الوطن البديل).

لقد طال الاقتطاع مناطق «ب»، ومناطق السلطة الفلسطينية، ويجري اعتقال الفلسطينيين في مناطقها، ومع ذلك تصمت السلطة صمت القبور، منتظرةً أن يوكل لها وظيفة روابط القرى، وقد تلقى السند من الأنظمة العربية التي تقدم نفسها للإدارة الأمريكية كإدارة مدنية بديلة للمقاومة الفلسطينية، وتحت ظل قوات الاحتلال.

الأمر المهين أن إسرائيل لا تقبل بهم؛ فنتنياهو يعرف أن السلطة لم تعد قادرة على تقديم الخدمات، ودول الجامعة العربية غير مرحب بها.

وحسنًا فعلت حماس في رفضها وجود قوى عربية أو غير عربية في غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي. 

الراجح أن نتنياهو لن يقبل بالمبادرة المقدمة منه، وسيعيق الوصول لحل، وربما يعود من أمريكا مزهوًا بوعود انتصار ترامب، وقدرة أقوى على ابتزاز الرئيس المصاب بالخرف والعجز والتصميم على خوض منافسة لم يعد مقتنعًا بها حتى أقطاب حزبه.

مقالات

ترامب ونتنياهو وصفقة القرن

ربما كانَ من الأنسب أن يكون عنوانَ هذا المقال «نتنياهو وترامب وصفقة القرن». فنتنياهو مؤلف كتاب «مكان بين الأمم»، والذي تُرجِمَ إلى «مكان تحت الشمس» هو الأساس. فـ«صفقة القرن»، وما تشربه ترامب منها، وصرّح به هي المبادئ الأساسية لـ«السلام من أجل الازدهار»؛ فمصدرها كتاب «مكان تحت الشمس»، وفي 28 يناير أعلن الرئيس الأمريكي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، نص الصفقة.

مقالات

حلفاء أم محتلون؟

الأوضاع الاقتصادية الكارثية، التي نعاني منها اليوم، ليست سوى انعكاس أكثر بؤسًا وكارثية لوضع سياسي مخجل.

مقالات

أبو الروتي (8)

بعد أن وصلتني رسالة جدتي الغاضبة، التي تطلب مني فيها أن أخرج من المعهد العلمي الإسلامي وأدخل مدرسة النصارى، بقيت حائراً لا أدري كيف أتصرف!! ولا ماذا أفعل!!

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.