عربي ودولي
"ممر داود".. مشروع إسرائيلي توسعي يصطدم بالموقف التركي وجغرافيا سوريا
كشف تقرير نُشر على موقع الجزيرة نت، عن أبعاد مشروع إسرائيلي يُعرف بـ"ممر داود"، حيث تسعى إسرائيل من خلاله إلى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية في جنوب وشرق سوريا، مستغلةً تحولات النزاع السوري وسقوط النظام السابق.
وبحسب ما ورد في التقرير الذي أعده الباحث والصحفي يوسف أحمد بدوي، فإن "ممر داود" هو تصور توراتي قديم يستند إلى روايات دينية تدّعي وجود مملكة داود التاريخية، ويمتد الممر المفترض من شمال فلسطين مرورًا بالجولان، ومحافظتي درعا والسويداء، فصحراء حمص ودير الزور، وصولًا إلى كردستان العراق.
ويعكس المشروع طموحًا إسرائيليًا في كسر الطوق الجغرافي، والوصول إلى مناطق نفطية وتموضع استراتيجي في قلب الإقليم.
وأوضح التقرير، المنشور في الجزيرة نت، أن هذا المشروع يواجه تحديات جغرافية كبيرة، من تضاريس صعبة مثل اللجاة وسفوح جبل الشيخ، إلى مجتمعات متجذّرة ترفض الاحتلال، فضلًا عن تعقيدات ديمغرافية وثقافية تجعل من تنفيذ المشروع مستحيلًا من الناحية العملية.
وقد أثار الحديث عن "ممر داود" قلقًا إقليميًا متزايدًا، لا سيما في تركيا، التي ترى في المشروع تهديدًا مباشرًا لوحدة الأراضي السورية ولأمنها القومي. فقد صرّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بوضوح أن أنقرة "لن تسمح بتقسيم سوريا عبر إقامة أي ممرات"، مؤكدًا أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة لتغيير الخارطة الإقليمية.
بدورها، عبّرت وزارة الخارجية التركية عن رفضها لأي مخطط من شأنه تعطيل طرق التجارة التركية مع الخليج، معتبرة أن مشروع الممر، في حال تنفيذه، سيؤدي إلى محاصرة النفوذ التركي في المنطقة وخلق وقائع جديدة تهدد استقرار الحدود الجنوبية لتركيا.
ويؤكد التقرير أن هذا المشروع، الذي يتقاطع مع مصالح أطراف إقليمية كإيران وروسيا، قد يؤدي إلى صراع غير مباشر بين تل أبيب وأنقرة، خاصة إذا تم فرض الممر بالقوة أو عبر تحالفات محلية تتجاهل التوازنات الجيوسياسية.
كما أشار خبراء عسكريون إلى أن إسرائيل، رغم تفوقها الجوي والاستخباراتي، تفتقر إلى القدرات البرية واللوجستية اللازمة لاجتياح مساحة جغرافية بهذا التعقيد. ويرى العديد من المحللين أن "ممر داود" يظل حتى الآن ضمن الخيال الاستراتيجي الإسرائيلي، وليس مشروعًا قابلًا للتنفيذ في الواقع السوري والإقليمي.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في وقت سابق إنّ الأفعال الإسرائيلية في سوريا "غير مقبولة"، ووجّه في 17 يوليو 2025 تحذيرًا بأنّ “عدوان إسرائيل يشكّل تهديداً للمنطقة كلها”.
وفي أبريل 2025، قال أردوغان في منتدى دبلوماسي في أنطاليا إنّ تركيا “لن تسمح بسحب سوريا إلى دوامة انعدام الاستقرار” ووجّه نقداً لاستغلال إسرائيل لأزمة سوريا لتوسّع نفوذها.