أخبار محلية
تقرير دولي يدعو مجلس الأمن إلى تحرك عاجل لحماية النساء والفتيات في اليمن
دعا تقرير صادر عن مجموعة المنظمات غير الحكومية المعنية بالمرأة والسلام والأمن (NGOWG)، مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ خطوات فورية وشاملة لحماية حقوق النساء والفتيات في اليمن وتعزيز مشاركتهن في العمليات السياسية والإنسانية، في ظل تصاعد الأوضاع الإنسانية والمعيشية وتدهور حقوق الإنسان في البلاد التي تعاني من سنوات من الحرب والانقسام.
وسلّط التقرير، الذي يصدر شهريًا عن المجموعة، الضوء على الوضع الخطير الذي تعيشه النساء والفتيات في اليمن، حيث يُقدَّر عدد من يحتجن إلى مساعدات إنسانية بـ9.6 ملايين من النساء والفتيات، من بينهن 1.3 مليون من الحوامل والمرضعات اللواتي يعانين من سوء التغذية الحاد، موضحًا أن من بين نحو 4.5 ملايين نازح داخليًا في البلاد فإن النساء والأطفال يشكلون ما نسبته 80 في المئة.
الزواج المبكر.. وسيلة قاسية للبقاء
وأشار التقرير إلى أنه في مواجهة هذا الواقع المرير، تلجأ الأسر إلى وسائل قاسية للبقاء، أبرزها تزويج الفتيات في سن مبكرة، حيث تتزوج أكثر من 30 في المئة منهن قبل بلوغ سن الثامنة عشرة، في ظل تدهور حاد في الخدمات وتراجع التمويل الدولي وتأثير الإجراءات المرتبطة بمكافحة الإرهاب على العمل الإنساني.
المرأة بين الخدمة والخطر
وأفاد التقرير بأن النساء العاملات في القطاع الإغاثي يقدن الصفوف الأمامية للاستجابة الإنسانية، لكنهن يواجهن مخاطر متزايدة ويجدن أنفسهن أمام تحديات تعيق وصولهن إلى الفئات المحتاجة.
وأشار التقرير إلى أن النساء في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي يواجهن سلسلة من القيود على حركتهن وعملهن، أبرزها فرض شرط «المَحرَم» الذي يمنع النساء من السفر أو العمل أو حتى الحصول على الرعاية الصحية دون مرافقة ذكر، مشددًا على أن هذه الممارسات لا تؤثر فقط على العاملات في المجال الإنساني، بل تطال آلاف النساء اللواتي يُحرمن من حقهن في التعليم والصحة والمشاركة المجتمعية.
ولفت التقرير إلى أنه منذ يونيو 2024 تقوم جماعة الحوثي باحتجاز موظفين يمنيين يعملون لدى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بشكل تعسفي، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، ما أدى إلى عرقلة كبيرة في تقديم المساعدات الحيوية وتعريض أرواح المدنيين للخطر.
مجتمع في مرمى القمع
وأكد التقرير أن القيود المفروضة على منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمدافعات عن حقوق الإنسان تزداد حدة، من خلال التهديدات والاعتقالات التعسفية والانتهاكات داخل السجون والاختفاء القسري وخطاب الكراهية والاغتيالات المستهدفة.
وأفاد التقرير أنه رغم تعهدات مؤتمر الحوار الوطني اليمني بضمان مشاركة النساء بنسبة لا تقل عن 30 في المئة، إلا أن هذه النسبة لم تتحقق، حيث لا توجد أي امرأة في الحكومة اليمنية الحالية، وتم استبعادهن بالكامل من عمليات التفاوض واللجان الأممية المعنية بوقف إطلاق النار والتسويات السياسية، ما يُعدّ إقصاءً رسميًا لدور المرأة في بناء السلام.
دعوات للتحرك العاجل
في هذا السياق، دعا التقرير مجلس الأمن عند تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة إلى المطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيًا من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والتأكيد على ضرورة إشراك النساء في جميع مراحل العملية السياسية، بما يشمل مفاوضات الهدنة ووقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية، مع ضرورة احترام الحد الأدنى المقرر بنسبة 30 في المئة لمشاركة المرأة في لجان السلام.
وشدد التقرير على أهمية أن يطالب المجلس جميع أطراف النزاع باحترام القانون الدولي الإنساني وضمان حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات بشكل آمن وفعّال ودون تمييز، كما أوصى بدعم إدراج استثناءات إنسانية شاملة في أنظمة العقوبات لتجنب إعاقة وصول المساعدات إلى الفئات الأشد احتياجًا والحفاظ على المساحات الإنسانية الحيوية.
وأوصى التقرير بدعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن لتأمين تسوية سياسية شاملة وعادلة تتضمن العدالة الانتقالية والمساءلة، كما حث الدول المانحة على توفير تمويل مرن ومنصف يراعي العمر والنوع والإعاقة، خاصة للمنظمات الوطنية والنسائية، من أجل تفادي كارثة إنسانية أشد فتكًا.
ودعا التقرير إلى إدماج الأبعاد البيئية والمناخية ضمن مباحثات السلام، باعتبار أن النساء في اليمن هن الأكثر تأثرًا بتغير المناخ وتدهور البيئة، وشدد على أهمية أن تتضمن أي اتفاقات سلام أو تسويات سياسية بنودًا واضحة لمعالجة التغير المناخي واستعادة النظام البيئي.
لا سلام دون النساء
واختتم التقرير بالتأكيد على أن تجاوز الأزمة اليمنية لا يمكن أن يتحقق دون تمكين النساء بشكل فعلي وإزالة العراقيل الممنهجة أمام مشاركتهن، معتبرًا أن «سلامًا لا يشمل النساء هو سلام هشّ ومعرّض للفشل»، داعيًا في الوقت نفسه المجتمع الدولي إلى عدم دعم أو شرعنة أي مسار سلام يُقصي النساء أو ينتهك حقوقهن الأساسية.