وسط تصاعد السخط الشعبي.. المليشيا تشن حملة اعتقالات واسعة في إب

شنت المليشيا حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في محافظة إب، طالت العشرات من الناشطين والسياسيين والشخصيات الاجتماعية، في مؤشر على تصاعد قلق الجماعة من تحركات شعبية متزايدة ضد وجودها، في المحافظة التي تحولت تدريجيًا إلى مركز لمناهضة سلطتها.

وقالت مصادر محلية لموقع “بلقيس” إن الحملة، التي تدخل أسبوعها الثاني، استهدفت نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وقيادات محلية في حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، إلى جانب أكاديميين وضباط شرطة ومعلمين وشخصيات قبلية.

وأكدت المصادر أن عناصر تابعة لجهاز الأمن والمخابرات المرتبط بالمليشيا داهمت منازل في مديريات السياني وذي السفال والقفر وريف إب، فضلًا عن أحياء في مدينة إب ومذيخرة غرب المحافظة. وشملت العمليات الليلية تفتيش المنازل والهواتف واقتياد المواطنين دون أوامر قضائية أو تهم واضحة.

قوائم بالمطلوبين 

وبحسب المعلومات، فقد أعدّت المليشيا قوائم تشمل العشرات من الشخصيات المؤثرة في المجتمع المحلي، بمن فيهم ناشطون يظهرون في كتاباتهم تأييدًا نسبيًا للجماعة، لكنها تعتبرهم “طابورًا خامسًا” في سياق حالة الريبة التي تهيمن على عقلها الأمني.

وتضم القوائم أيضًا ضباطًا وأفرادًا سابقين في الجيش والشرطة، ممن اختاروا التزام الحياد أو اعتزال العمل العام منذ اندلاع الحرب. ووفق المصادر، لم يتم إبلاغ أسر المعتقلين بمكان احتجازهم أو أسباب توقيفهم، كما لم يُسمح لهم بزيارة ذويهم أو التواصل مع محامين.

مراقبون محليون اعتبروا أن هذه الحملة تأتي في سياق تصاعد التوتر الداخلي لدى الجماعة، خصوصًا في ظل تحركات احتجاجية متفرقة شهدتها المحافظة مؤخرًا، ووسط احتقان شعبي متراكم ضد الفساد وفرض الجبايات، وفشل السلطات التابعة للمليشيا في معالجة الخدمات الأساسية.

ويتزامن هذا التصعيد الأمني مع تنامي الخطاب المعارض للمليشيا في إب، والتي باتت تُوصف في أوساط السكان بأنها “مدينة مكبوتة” على وشك الانفجار، خصوصًا مع استمرار محاولات فرض تغيير مذهبي وتطييف للفضاء العام.

أكثر من 2200 انتهاك 

وفي تقرير حقوقي حديث، كشفت منظمة “رصد” للحقوق والحريات عن توثيق أكثر من 2200 انتهاك في إب خلال عام 2023 فقط.

وقال رئيس المنظمة، عرفات حمران، إن هذه الانتهاكات شملت جرائم قتل، واختطافات، واقتحام منازل، ونهب ممتلكات عامة وخاصة، وتجاوزات ضد الصحافيين، وقمع حرية التعبير.

ووثق التقرير 121 جريمة قتل و116 محاولة قتل، و381 حالة اختطاف، و8 حالات تعذيب في السجون، و14 حالة اقتحام لمنازل ومؤسسات، بالإضافة إلى عمليات سطو، وسرقة، وترويع للمدنيين.

ورصد التقرير أيضًا انتهاكات جسيمة في قطاع التعليم، تمثلت في تحويل المدارس إلى منصات للتعبئة الطائفية والخطاب المذهبي. كما أشار إلى معاناة مرضى الفشل الكلوي جراء إغلاق مركز الغسل الوحيد في مستشفى الثورة، ما تسبب في كوارث صحية لعدد كبير من المواطنين.

كما تم توثيق حالات اعتداء على المقابر، وفرض جبايات قسرية تحت مسميات متعددة، وتهديد أسر المعتقلين، وعمليات قمع داخل السجون، واقتحام مساجد وتغيير خطبائها أو اعتقالهم.

المنظمة الحقوقية دعت الأمم المتحدة، ومبعوثها الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، إلى التدخل الفوري والضغط على المليشيا للإفراج عن المختطفين، ووقف حملات الاعتقال العشوائي، والسماح بزيارة السجون، وضمان احترام حقوق الإنسان المكفولة.