أخبار سياسية
بلومبرغ: توترات أمنية تؤخر مشاريع كابلات الإنترنت في البحر الأحمر
ذكرت وكالة بلومبرغ الأمريكية أن عدة مشاريع للكابلات البحرية المقرَّر أن تمر عبر البحر الأحمر لم تكتمل بعد كما كان مخططًا، بسبب التوترات السياسية وارتفاع المخاطر الأمنية التي جعلت الممر أكثر خطورة وتعقيدًا للسفن التجارية.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن شركة "ميتا بلاتفورمز" خططت في عام 2020 لإنشاء كابل "أفريقيا2"، وهو نظام كابلات بحرية يمتد على طول 45,000 كيلومتر (28,000 ميل)، بهدف تحسين الاتصال عالي السرعة حول القارة الأفريقية. ومع استعداد الشركة وشركائها للإعلان عن اكتمال المشروع، ما يزال الجزء المهم الذي يمر عبر البحر الأحمر غير مُنجز بعد مرور خمس سنوات.
وأوضح متحدث باسم "ميتا"، التي تتزعم تحالف شركات الاتصالات المطوِّرة للكابل، أن الجزء الجنوبي من البحر الأحمر لم يُبنَ بعد بسبب "عدة عوامل تشغيلية، ومخاوف تنظيمية، ومخاطر جيوسياسية". ولم ترد بقية أعضاء التحالف على طلبات التعليق.
كما تأخرت أعمال تطوير كابل "بلو-رامان" المدعوم من شركة "غوغل" في المنطقة، حسبما أفاد متحدث باسم الشركة، دون تقديم تفاصيل إضافية. وتشمل الكابلات الأخرى التي لم تُفعَّل بعد في البحر الأحمر كابلات (India-Europe-Xpress) و(Sea-Me-We 6) و(Africa-1)، في حين امتنعت شركات الاتصالات المعنية عن التعليق أو لم ترد.
وتُعد الكابلات البحرية الضوئية التي تُمد على قاع البحار الوسيلة الأسرع والأكثر استخدامًا لنقل البيانات عبر القارات، إذ تحمل نحو 95% من حركة الإنترنت العالمية عبر حوالي 400 كابل. وقد تؤدي الأضرار الناتجة عن الطقس أو مرور السفن إلى انقطاع واسع في الإنترنت، خصوصًا في المناطق الأقل اتصالًا.
ويُعد البحر الأحمر تاريخيًا الطريق الأكثر مباشرة وتكلفة منخفضة لربط أوروبا بآسيا وأفريقيا، إلا أن عمليات البناء فيه معقدة لأنه منطقة نزاع، ويتطلب الحصول على التصاريح تفاوضًا حساسًا.
وشهدت المنطقة على مدار العامين الماضيين هجمات صاروخية متكررة من الحوثيين المدعومين من إيران، ما اضطر السفن التجارية للالتفاف لمسافات طويلة، وعطّل عمل السفن المتخصصة في مد وصيانة الكابلات.
ويؤدي التأخير إلى الحد من توفر الإنترنت عالي السرعة في الدول الأقل خدمة، ما يُبقي الأسعار مرتفعة وسرعات الإنترنت بطيئة بالنسبة للمستهلكين، إضافة إلى تكبّد الشركات المالكة للكابلات والمستثمرين خسائر مالية نتيجة دفع مبالغ لتركيب الكابلات دون القدرة على تحقيق إيرادات.
وقال مدير الأبحاث في شركة "تيلجيوغرافي" (Telegeography)، آلان مولدين، إن الشركات "ليست فقط عاجزة عن تحقيق الربح من استثماراتها عبر هذه الكابلات، بل تضطر أيضًا لشراء سعة على كابلات بديلة لتلبية احتياجاتها قصيرة المدى".
وفي يناير الماضي، باعت شركة "أكوا كومز" (Aqua Comms) الأيرلندية المتخصصة في الكابلات البحرية الشركةَ بخصم، مشيرة إلى مشاكل منها "التأخير غير المحدد" لكابل (EMIC-1) التابع لمشروع "أفريقيا2"، بسبب "النزاعات المستمرة في البحر الأحمر"، وفق ما ورد في ملف رسمي للشركة.
- التحديات الجيوسياسية
وأدت الصعوبات في تشغيل الكابلات بالبحر الأحمر إلى دفع شركات التكنولوجيا والاتصالات لإعادة التفكير في طرق نقل كميات كبيرة من بيانات الإنترنت عالميًا.
وبينما يمكن للسفن التجارية التحايل بسرعة حول الطرف الجنوبي لأفريقيا لتجنب الهجمات الصاروخية، فإن الكابلات البحرية تُخطط عادة قبل سنوات من تركيبها، ويصعب جدًا مدّ كابل في البحر الأحمر دون تصريح يتطلب تفاوضًا طويلًا بين الفصائل المسيطرة على المضيق، إلى جانب المخاطر الأمنية التي تواجه سفن الكابلات وطاقمها، حسبما قال مولدين.
وأكد متحدث باسم "ميتا" أن الشركة تعمل في نحو 24 مشروعًا عالميًا، وترى أن تنويع مسارات الاتصال هو أحد أفضل الحلول لتقليل خطر التعطيل.
وتدرس شركات الاتصالات والتكنولوجيا حاليًا مسارات بديلة برًا عبر البحرين والسعودية لتجاوز البحر الأحمر، وهي مسارات كانت تُعتبر سابقًا مكلفة وغير مباشرة، لكنها أصبحت الآن خيارات قابلة للتطبيق. كما أصبح الطريق عبر العراق، الذي كان يُنظر إليه تاريخيًا على أنه محفوف بالمخاطر الجيوسياسية، خيارًا ممكنًا، بعدما اشترت عدة شركات، مثل شركة "إي آند" الإماراتية (E&) وشركة "أوريدو" القطرية (Ooredoo) وشركة "جلف بريدج إنترناشونال" (Gulf Bridge International)، سعات على طريق الحرير (Silk Route)، حسبما أفاد أسوز رشيد، الرئيس التنفيذي لشركة "آي كيو غروب" (IQ Group) المطوّرة للطريق.
وتدرس بعض الشركات أيضًا التقدم للحصول على إعفاء من وزارة الخزانة الأمريكية للتعامل مباشرة مع حكومة الحوثيين في صنعاء للحصول على التصاريح اللازمة، أو طلب مساعدة من الناتو، وفق مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها.
ويُنظر إلى ممر البحر الأحمر اليوم على أنه "نقطة فشل حرجة وعالية المخاطر"، وفق رشيد. وأشار مولدين إلى أن تنويع الطرق بعيدًا عن البحر الأحمر "سيؤدي في النهاية إلى بنية تحتية أكثر مرونة، مع شبكة متنوعة من نقاط الاتصال بين الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا".