أخبار سياسية

تكريس الانقسامات الطائفية.. لماذا يستغل الحوثيون المولد النبوي بهذه الطريقة التي تشوّه الإسلام؟

08/09/2024, 09:26:45

تستغل مليشيا الحوثي ذكرى المولد النبوي للترويج لأفكارها السياسية والطائفية، حيث تربط نفسها بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وتصوّر صراعها على السلطة على أنه امتداد لجهاده، وتستخدم الاحتفال لجمع الأموال، وتجنيد المقاتلين، والاستعراض بالحشود من المواطنين المغلوبين على أمرهم.

لا يقتصر الأمر على الاستغلال السياسي للمناسبات الدِّينية، بل يتعداه إلى قمع أي صوت معارض أو ناقد.

ففي المناطق، التي تسيطر عليها، تفرض مليشيا الحوثي سيطرتها على الاحتفالات، وتمنع أي نشاط لا يتوافق مع توجهاتها حتى لو كان الأمر يتعلق بتوزيع مساعدات على ضحايا السيول، الذين تتم الاحتفالات على جثثهم الغارقة وأراضيهم المجروفة.

- استغلال 

يقول الباحث في الفكر الإسلامي، الدكتور عبد الله القيسي: "لكي يكون المشاهد العربي في الصورة، فالجدل في اليمن على المولد النبوي ليس مشابها للجدل الذي يجري في البلدان الأخرى، من ناحية هل هو بدعة أم غير بدعة، برغم أن هذا الإشكال موجود أيضا".

وأوضح: "الجدل في اليمن أن هذه الحالة حالة استغلال سياسي، وأيضا هذه حالة الاستغلال السياسي ليست حتى كالاستغلال الموجود في التاريخ، هي حالة متقدمة بمراحل".

وأضاف: "يعني هناك استغلال عالٍ جدا لهذه المناسبة، لدرجة أنها ليس فقط تفقد روحانية هذه المناسبة، وإنما تحوّلها إلى الضد".

وأردف: "هذا المواطن البسيط الجائع الفقير، الذي أثخنته السنوات الماضية بالفقر، لا يوجد له مرتبات، لا يوجد لديه مصادر دخل، وهم ينهبون أمواله طوال العام بمناسبات مختلفة، يأتي هذا اليوم ليطلب منه جباية، ويؤخذ منه المال من أجل الاحتفال بهذه المناسبة!؟".

وأشار إلى أن "هذا يولد شعورا عميقا في داخله؛ كُره للدين، بل وكُره للنبي -عليه السلام- حتى وإن لم يظهر هذا الشيء؛ لأنه ارتبط في ذهنه مجرد أن تأتي هذه الاحتفالية، في رأس السنة، يرتبط مع أنهم سيأخذون منه المال، وفي المقابل هناك احتياجات كبيرة".

وزاد: "اليمن، في الأسبوع الماضي، مر بكارثة، ولم تتفاعل جماعة الحوثي معها بالشكل المطلوب، فهم لا يريدون أن يتحملوا أي مسؤولية، فقط جهة تحكم، وانقلاب من أجل أخذ أموال الناس، ومن أجل التسلط عليهم وقهرهم".

وقال: "جماعة الحوثي تستغل هذه المناسبات، التي طبعا تكثر عند الجماعات الشيعية؛ بهدف السيطرة على المواطن، وتجعله دائما في حالة من الدوران، فلا يخرج من فعالية إلا إلى فعالية أخرى، وكأنه يعيش داخل موجة لا يخرج منها حتى يتم السيطرة عليه، حتى لا يبقى مع نفسه متأملا".

وأضاف: "خرجت جماعة الحوثي من قضية فلسطين وانتقلت إلى قضية النبي، وعادةً هي تختار القضايا التي لدى الشعوب العربية والإسلامية رغبة إليها وجدانيا، كقضية فلسطين والنبي؛ لكي تحشد أكبر كم من الناس، فإذا ما خرج الناس إلى هذه الشوارع، وإلى الاحتفالات، أبرزت هذه الصور للجانب الخارجي على أنها صور موالية لها".

وتابع: "نجد المواطن العربي يتساءل: معقول هذا الإجماع الكبير، وهذه الحشود الكبيرة مؤيدة للحوثي؟ في الحقيقة، لا، وإنما جماعة الحوثي تستغل هذه العاطفة الدينية على امتداد تاريخي، فامتداد الاستغلال السياسي عن طريق الشيعة تحديدا هو بدأ مع الفاطميين".

وأردف: "تخيّل، أنه 360 سنة، المسلمون لا يعرفون شيئا اسمه احتفال بالمولد، لا ذكر في القرآن، ولا في أيام رسول الله، ولا من بعد 360 سنة، إلى أن المعز الفاطمي في الدولة الفاطمية، أو العبيدية في الصحيح، اخترع مجموعة من الأعياد، منها الإسراء والمعراج، والمولد النبوي، الذي لم يكن محددا أساسا ولا متفقا عليه، متى ولد النبي عليه السلام؟".

وزاد: "الفاطمي كان يحاول أن يرتب وينظم ويؤكد ويرسخ حكمه عن طريق هذه الاحتفالات، وحتى الشارع المصري لم يكن متفاعلا معه بالشكل الكافي، ولذلك مجرد أن ذهبت الدولة الفاطمية، رغم أنها بقت في مصر مئات السنين، اختفى التشيع مباشرة".

- الحوثيون لا يؤرّخون

يقول رئيس مؤسسة "جذور" للفكر والثقافة، عمار التام: "في البداية، أؤكد على ما ذكره الدكتور عبد الله القيسي أن هناك استغلالا بشع من قِبل الحوثيين فيما يتعلق بالمولود النبوي، وما ذكره من الجوع والفقر والكوارث التي يعيشها الناس منذ عشر سنوات".

وأضاف: "هناك توجه إجباري نحو هذه البيئة التي يُعاد فيها تشكيل الخرافة السلالية، التي هي أصل الداء وأصل المشكلة، والتي ترفع راية حرب الإبادة الثقافية، وتجفيف الهوية".

وتابع: "هذا اللون الأخضر، الذي يفرض على الناس اليوم باسم النبي -صلى الله عليه وسلم- النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه عندما أُرسل إلى الناس قال الله له [لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي]، [فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر]، [إنما أنت مذكّر، لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر، فيعذبه الله العذاب الأكبر]".

وأردف: "الحوثيون لا يؤرّخون لميلادهم، واذهب إلى بطائقهم الشخصية، وإلى جوازاتهم كلهم ولدوا في يوم 11؟ في العام الذي ولدوا فيه، ولذلك ما أُثِر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- متى وُلد، لكن الثابت أنه مات يوم الثاني عشر من الربيع الأول، في العام الحادي عشر للهجرة".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.