أخبار سياسية

توكل كرمان تلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية للقمة العالمية للمناخ

24/01/2021, 14:52:29
المصدر : غرفة الأخبار

ألقت الناشطة الحقوقية اليمنية الحائزة على جائزة "نوبل" للسلام، توكل كرمان، كلمة في الجلسة الحوارية الافتتاحية للقمة العالمية للمناخ عبّرت فيها عن سعادتها بالمشاركة في هذه القمة.

وتمّنت توكل أن تخرج هذه القمة بتوصيات تسهم في حماية أمن الكرة الأرضية، والحفاظ على تنوعها البيولوجي والايكولوجي.

وأبدت استعدادها للانضمام إلى حافز اقتصادي لمكافحة التغير المناخي وفيروس "كورونا". وأعلنت مشاركتها التوقيع على بيان العلماء العالميين.

وأوضحت أن المنظمة الأممية اليوم عاجزة عن فعل شيء، كما حثت توكل، في كلمتها، الدول الوطنية في مختلف أرجاء العالم على القيام بواجبها ومسؤولياتها في الكف عن كافة الانشطة التي تضر بالمناخ، موضحة أن "مستقبلنا المشترك ومستقبل الأجيال المقبلة في خطر حقيقي".

وفي ختام كلمتها دعت إلى التوحد في مواجهة المخاطر التي تتهدد البشرية، وتمنت أن يدرك الجميع أن الأرض هي منزلهم، ويجب الحافظ عليها وألا يسمحوا بأن تكون عرضة للتلوث.

ويشارك في القمة، بالإضافة إلى الناشطة توكل، الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد بان كي مون، والحاصلون على "نوبل".

نص الكلمة: 

بداية.. أود أن أعبر عن سعادتي الكبيرة بالمشاركة في القمة العالمية للمناخ مع  الامين العام السابق للامم المتحدة السيد بان كي مون و زملائي الحاصلين على نوبل. وكلي أمل أن تسفر هذه القمة عن توصيات وقرارات لقادة العالم تسهم في حماية أمنا الارض، والحفاظ على تنوعها البيولوجي والايكولوجي.

كما أود أن أعلن عن انضمامي لدعوة العلماء العالميين إلى حافز اقتصادي لمكافحة التغير المناخي، وكورونا، ويسرني أن أشارك في التوقيع على بيان العلماء العالميين الآن وأمامكم.

الأصدقاء الأعزاء

الحقيقة أن أمنا الأرض توشك على الاحتضار، فمنذ زمن ليس بالقليل، يوجد عبث واستهتار يعملان بصورة مطردة على تدمير تنوعها البيولوجي والإيكولوجي. لا اعتقد أنه يمكن تجاهل مظاهر هذه العملية البغيضة، فالتلوث الذي يتسارع بوتيرة كبيرة، والتصحر الذي بات يهدد الأمن الغذائي، واختفاء الغابات وذوبان الجليد، كل ذلك يشير إلى أننا دخلنا دائرة جهنمية، وإذا لم نفعل شيئا حاسما وجادا لتفكيك هذه الدائرة الجهنمية، فإن مستقبلنا المشترك ومستقبل الأجيال المقبلة في خطر حقيقي.

إزاء هذا التدمير للمناخ، من الواضح أنه ليس هناك أي جهود جادة وفعالة على مستوى كوكبي لإيقاف التدهور، ولا على مستوى وطني لمعظم دول العالم.

 تبدو المنظمة الأممية عاجزة عن فعل شيء؛ هذا العجز يمثل أحد تجليات فشلنا جميعا في تطوير المنظمة الدولية بما يمكنها من امتلاك الآليات والاصلاحات والصلاحيات الملزمة والتمويل الكافي لكي تتصدى لمخاطر تدهور المناخ وتكفل سلامة الأرض على نحو فاعل وحاسم.

إن اصلاح المنظمة الدولية وتطويرها بما يمنحها هذا الدور الفاعل والملزم وبما يجعلها أشبه بحكومة عالمية تتمتع بما يكفي من التمويلات والقدرات والصلاحيات هو الخطوة الأولى الضرورية للتصدي للمخاطر والتحديات الوجودية التي يسببها تدهور المناخ على هذا النحو المريع.

كما أن قيام الدول الوطنية في مختلف أرجاء العالم بواجبها ومسؤولياتها في الكف عن كافة الانشطة التي تضر بالمناخ والتي من بينها انتاج الغازات الدفينة، وبالتزامن مع الانتقال إلى الطاقة النظيفة وترشيد استخدام الوقود الاحفوري إلى أقل مدى، والحفاظ على الغابات ومكافحة التصحر، والانتقال إلى الزراعة الطبيعية المستدامة.

إن مواجهة تحديات التغير العالمي للمناخ يتطلب جهود قصوى، وتعاون مشترك من جانب جميع البلدان، ويستدعي وجود استجابات دولية فعالة.

الأصدقاء الأعزاء

هناك مسؤولية على الدول، إذ من المهم أن لا تسمح بأي أنشطة داخل ولايتها يمكن أن تسبب ضررا للبيئة، وأن تفاقم من ظاهرة احترار المناخ. وفي هذا الإطار، أرى أنه من الإصلاحات التي يجب أن تشمل المنظمة الأممية، أن يكون لديها الولاية والصلاحيات لمراقبة مدى التزام الدول، بحيث يتيح لها مساءلة البلدان المخالفة، وتتضمن هذه الاصلاحات الاشراف على وضع الحلول بشكل ممنهج. والاشراف على وضع الخطط المناسبة المستدامة لحماية النظام المناخي من التغير نتيجة للنشاط البشري.

أيها الاعزاء

في الوقت الذي يجري فيه هذا التسابق المحموم بين الدول في الاستغلال غير الرشيد على مصادر الطاقة التقليدية والتي منها الوقود الاحفوري، وبطريقة تهدد الأجيال المقبلة، وتسلبها الحق في العيش في بيئة سليمة صالحة، تصبح حماية البيئة والحفاظ على سلامة المناخ، ومكافحة التغير المناخي والآثار الضارة المترتبة عليه من قبل كافة دول العالم ولاسيما المتقدمة هو أمر منصف لتلك الأجيال في المقام الأول. إذا قررنا أن نظلم أنفسنا، فلا أعتقد أنه من الإنصاف ظلم من سوف يأتي بعدنا.  

كما يعلم الجميع، تستأثر الدول المتقدمة بالنصيب الأوفر من انبعاث الغازات الدفينة في حين تساهم الدول الفقيرة بنسبة صغيرة للغاية، لكن الكوارث الناتجة عن الاحتباس الحراري تضرب الجميع دون تفريق. إن ذلك يضعنا أمام اختلال كبير لميزان العدالة والانصاف على هذا الكوكب.

إن مقتضى العدل والانصاف اللذان تأسست عليهما مواثيق واتفاقات الأمم المتحدة ذات الصلة توجب أن يتحمل الجميع مسؤولياته تجاه التصدي لهذه المشكلة الوجودية، كلٌ حسب مساهمته في حدوثها، وحسب ثقله ومركزه الاقتصادي سيتعين على الكبار والدول المتقدمة أن يقوموا بالجهد الأكبر للحد من انبعاثات الغازات الدفينة وخفضها وتصريفها إلى الحد الآمن من جهة، ومساعدة الدول الفقيرة للتقليل والتخفيف من الكوارث الناتجة عن هذا الاحتباس الحراري من جهة أخرى، فضلا عن تقديم المساعدات المختلفة للنهوض بهذه الدول بما يحقق لها تنمية مستدامة متعددة الأبعاد. إلى جانب ذلك، هناك ضرورة قصوى للدول المتقدمة بأن تشرع في اتخاذ الاجراءات الفورية والمعالجات للوقاية من آثار التلوث المناخي، وعدم انتظار وقوع الكارثة.

في خضم استغلال الدول مواردها الخاصة من أجل التنمية الاقتصادية، ينبغي ضمان إلا تؤدي الأنشطة التي تقع داخل ولايتها أو تحت سيطرتها ضررا ً لبيئة دول أو مناطق أخرى تقع خارج حدود ولايتها الوطنية، وستعين على الاصلاحات الضرورية للأمم المتحدة أن تتمتع بالولاية الكاملة للرقابة على مدى التزام الدول ولا سميا المتقدمة منها. كما سيكون على الامم المتحدة أن تقود تعاون وتنسيق وتشارك عالمي لتعزيز نظام اقتصادي دولي مستدام يضع التنمية البيئة في صدارة خطط التنمية.

الأصدقاء الاعزاء 

إن أزمة المناخ لا تنفصل عن بقية مجالات الحياة في عالم اليوم. كثيرون في هذا العالم، وبالذات في دول العالم الثالث حيث ثقل الحياة والافتقار للمتطلبات الأساسية للعيش اليومي والافتقار للأمن وحكم القانون وانتشار الحروب في بعض هذه الدول، كثيرون يعتقدون أن الحديث حول مشاكل المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض وتدمير المنظومة الأيكولوجية الطبيعية يعتبر قضية أقل أهمية من معاناتهم اليومية، وربما يعتبره بعضهم قضايا خاصة بالعالم المتقدم الذي توصلت دوله ومجتمعاته لحل إشكالياتها الأساسية في بناء دولة القانون والمواطنة وبنت أنظمة ديمقراطية تمكن هذه الشعوب من اختيار حكامها ومحاسبتهم وتغييرهم بناءً على معايير التزامهم بالمصلحة العامة للمجتمع وتحقيق أولوياته وطموحاته. مثل هذه النظرة، هي نظرة قاصرة وتحكمها الانفعالات، وتنطوي على مغالطات كثيرة.

الأصدقاء الأعزاء

إن نضالنا اليوم من أجل حماية البيئة والنظر في المشكلات الملحة المرتبطة بالنظام البيئي والتغيرات المناخية والزيادات المخيفة في معدلات ارتفاع درجة حرارة الأرض وغيرها من مشكلات بيئية وايكولوجية لا يتناقض مع نضالاتنا وسط مجتمعاتنا من أجل العدالة وتوفير فرص العيش الكريم للبشر، ومن أجل نظم سياسية حيوية تضمن قيام حكم القانون والمشاركة الشعبية في صناعة القرار، وقدرة السكان في كل مجتمع على الرقابة على حكامهم وفرض أولوياتهم على الإدارات السياسية المتعاقبة.

إنه من الضروري لمصلحة الناس في هذه الأرض، أن يكون هناك توجه موحد يستند على رؤى مشتركة حول المناخ والنظام الأيكولوجي لإعادة صياغة حياتنا بالتكامل مع البيئة من حولنا. إنه من المؤسف أن نعادي بيئتنا من خلال تصرفات مضرة واهمال الخيارات الصحيحة في الصحة العامة والمناخ والسياسة أيضا.

الأصدقاء الأعزاء 

إن قمتكم هذه تأتي كخطوة مهمة من أجل دعم وتنمية حركة عالمية تضع المنظور الأيكولوجي القائم على التكامل بين مناشط الحياة والطبيعة أولوية لها.  

‎إن هذا التكامل الذي نسعى إليه يتبلور في عالم اليوم باعتباره ضرورة حياتية لا ترفاً فائضا عن الحاجة.

‎نتطلع جميعا إلى إرساء قواعد جديدة للعلاقات الدولية وتنظيم التجارة العالمية والاقتصاد بطريقة جديدة تمنع قيام الحروب التجارية وتحمي مصالح الدول الفقيرة وتصون الطبيعة وتمنع الإضرار بها، وتجرمه وتؤسس لتغيرات هيكلية من أجل التكيف مع تغيرات المناخ، وما يطرحه من تحديات امام البشرية.

أيها الأصدقاء

في ختام كلمتي أوكد على توحدنا أمام تحدي المناخ والاستمرار في مراكمة الجهود حول العالم من أجل اعادة هيكلة حياتنا وفق منظومات تكاملية بين التجمعات البشرية والطبيعة من حولها تضمن الاستدامة والأمن والسلام والتطور لكل بني الأنسان.

لا أعتقد أن أحدا سيكون سعيدا بتخريب منزله، وبجعله مكانا غير صالح للحياة، بودي أن ندرك جميعا أن الأرض هي منزلنا، ويجب أن نحافظ عليها وإلا نسمح بأن تكون عرضة للتلوث.

لنفعل ذلك.

شكرا لكم


نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.