أخبار سياسية
دعم إجباري.. مطاعم تتكبد وجبات المناسبات الحوثية وأقسام شرطة
لم تكتفِ مليشيا الحوثي بحجم الجبايات والموارد، التي أثقلت بها أصحاب المحال التجارية والمشاريع الصغيرة، التي صارت تكافح بقوة من أجل الاستمرار، وتسعى بشكل دائم إلى استحداث مسميات جديدة لاستدرار أموال الناس ونهب ممتلكاتهم.
السياسة المالية، التي يمارسها الحوثيون، تهدف بالدرجة إلى إثراء قياداتها، ومؤسساتها الخاصة، بغض النظر عن تبعاتها الكارثية على الناس، مما جعل كثيرا من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة يعلنون إفلاسهم، أو يضطرون إلى إنقاذ أنفسهم بجمع ما تبقى لديهم من رأس مال، وافتتاح مشاريع في مناطق خارج سيطرة مليشيا الحوثي، أو خارج البلاد كلها.
-استغلال جائر
المطاعم أحد المشاريع الاستثمارية، التي كانت ناجحة وتستقطب رجال الأعمال للعمل فيها، إلا أنها -رغم انتشارها- صار كثير منها -في الوقت الراهن- بالكاد يحاول الصمود في وجه الإفلاس.
وكغيرها من المحال التجارية، ترزح المطاعم تحت ثقل الابتزازات المالية للحوثيين، التي لا تقتصر على الزكاة والضرائب، التي ارتفعت إلى أرقام قياسية، وإنما توسعت إلى مصارف أخرى؛ ك: المجهود الحربي، ودعم أسر الشهداء، وتبرعات لدعم الاحتفالات، وأخرى بدون مسميات؛ تضطر إلى دفعها اتقاء شر المتنفذين والمشرفين.
خصوصية المطاعم جعلتها تتجاوز المحال التجارية الأخرى إلى تقديم الوجبات المجانية، التي يفرضها الحوثيون بشكل دوري أو يومي، أو وجبات متقطعة للمشرفين.
مطعم الأندلس، في أمانة العاصمة، ليس إلا واحد من المطاعم، التي تعاني من الاستغلال الجائر من قِبل المليشيات، ويُجبر مالكوه على المساهمة في تقديم وجبات غذائية مجانية للجان المنظمة في الاحتفالات، التي تقيمها بشكل سنوي، كالمولد النبوي واستشهاد الإمام علي بن أبي طالب، وغيرها.
وبحسب مصادر مقرّبة من مالكي المطعم لـ"بلقيس"، فإن المليشيات لم تتوقف عند طلب الوجبات المجانية الخاصة بالمناسبات فقط، وإنما فرضت وجبات مجانية يومية لقسم الشرطة القريب من المحل.
وتؤكد المصادر أن المطعم يقدم وجبة من الأرز والطبيخ للعاملين في قسم الشرطة طوال الأسبوع؛ ويضيف الدجاج إلى وجبة "يوم الجمعة".
-دولة بلا مسؤولية
في السابق، كانت الدولة تتحمل مسؤولية تموين كافة المؤسسات العسكرية، التي تعد أقسام الشرطة جزءا منها، بالمواد الغذائية، وتصرف لأفرادها المُؤن عبر وزارة الداخلية، إلا أن الدولة التي يديرها الحوثيون -في الوقت الراهن- تخلت عن التزاماتها، وحوّلت المواطن إلى المصدر الأول للتمويل.
مطعم الأندلس وعشرات من المطاعم الأخرى ليس لديها خيار سوى الخضوع لطلبات الحوثيين غير القانونية، والانصياع لتوجيهاتهم، حتى لا تستثير غضبهم، وتجعلهم يستهدفونها، ويستحدثون أساليب ابتزاز جديدة، ويصبون عليها حقدهم.
"عبدالرحمن" -صاحب مطعم في أمانة العاصمة- يرى أن أي شخص يريد الاستثمار في مطاعم أو محلات تجارية يحتاج إلى حماية من متنفذين يتودد إليهم، ويقدم لهم الهدايا والرشاوى؛ ليتمكن من العمل بأمان، ويكون له ظهر يستند عليه.
ويقول: "هناك العديد من المطاعم في أمانة العاصمة، والمحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات، يقدمون وجبات مجانية، إما طوعية لاتقاء شرهم، أو إجبارية".
ويضيف: "بعض مالكي الأفران يعانون الشيء نفسه، ويقدمون شوالات من الكدم المجانية، أو الروتي، لأسر قيادات حوثية، أو ما يسمونهم عائلات الشهداء، الذين لقوا حتفهم وهم يقاتلون في صفوفهم".
-استثمار بالمطاعم
وبمقابل إفلاس بعض المطاعم؛ نتيجة لضعف القوة الشرائية لدى الناس، أو بسبب الجبايات، هناك مطاعم تُفتح وتزدهر، وخاصة في أماكن تجمعات وسكن الحوثيين، الذين يستأثرون بكل إيراد القطاعات في الدولة.
وبحسب مراقبين، فإن الحوثيين دخلوا -خلال السنوات الماضية- مجال الاستثمار في قطاع المطاعم، كما سبق لهم الاستثمار في الأدوية والنفط والصرافة وغيرها، بهدف غسيل الأموال التي يُجبونها من المشاريع المملوكة للمعارضين، التي سيطرون عليها، ويديرها ما يسمى بالحارس القضائي، أو موارد الدولة التي يتم تداولها دون سندات رسمية، أو صفة قانونية.