أخبار سياسية
في جلسة مجلس الأمن حول اليمن.. تحذير أممي من تصعيد الصراع وتشديد على إطلاق الموظفين المختطفين
حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، من أن الصراع اليمني المستمر منذ أعوام لا يمكن فصله عن التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، مشدداً على أن استمرار النزاع سيفاقم هذه التوترات ويؤثر على الاستقرار في المنطقة بأسرها.
وقال غروندبرغ إن اليمن يشكل "مرآة لاضطرابات المنطقة ومكبّر لها في آن واحد"، محذراً من أن أي محاولة لتحقيق السلام دون معالجة أسباب عدم الاستقرار الإقليمي ستكون هشّة وستفشل في تحقيق سلام مستدام.
وأشار المبعوث الأممي إلى التصعيد الأخير بين الحوثيين وإسرائيل على خلفية الحرب في غزة، موضحاً أن الطائرات المسيّرة والصواريخ أطلقت على إسرائيل، ما أسفر عن إصابات بين المدنيين وأضرار في مطار مدني.
وأضاف غروندبرغ أن الغارات الإسرائيلية على مناطق خاضعة لسيطرة أنصار الله، بما فيها صنعاء، أسفرت عن مقتل مدنيين ومسؤولين كبار من الجماعة، بينهم شخصيات كان يتواصل معها مكتبه.
وحذر غروندبرغ من أن النظرة الإقليمية فقط للأوضاع في اليمن تهمل احتياجات وتطلعات اليمنيين، مشيرا إلى أن دوامة العنف الراهنة تبعد البلاد عن تحقيق سلام مستدام وتنمية اقتصادية طويلة الأمد.
وأكد المبعوث الأممي أن الموجة الأخيرة من الاعتقالات التعسفية التي طالت موظفي الأمم المتحدة في صنعاء والحديدة تمثل "تصعيداً صارخاً"، مشيراً إلى استمرار احتجاز أكثر من 40 موظفاً، بالإضافة إلى وفاة أحد الزملاء أثناء الاحتجاز. وأكد أن هذه الانتهاكات "تقوّض قدرة الأمم المتحدة على دفع جهود السلام وتقديم الدعم الإنساني للشعب اليمني".
ودعا غروندبرغ الحوثيين إلى الإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة دون قيد أو شرط، بما في ذلك طاقم السفينة "إيترنيتي سي" الذي مضى على غرقه أكثر من شهرين، معرباً عن تضامنه الكامل مع المحتجزين وعائلاتهم.
وفي شأن خطوط المواجهة داخل اليمن، لفت إلى أن الأنشطة العسكرية في مناطق مثل الضالع ومأرب وتعز "تُنذر بأن أي حسابات خاطئة قد تؤدي إلى عودة نزاع شامل"، محذراً من العواقب المدمّرة لحرب شاملة على اليمن والمنطقة. وأكد أهمية الحفاظ على حوار أمني بنّاء بين الأطراف، ودور لجنة التنسيق العسكري في فتح وتأمين الطرق الرئيسية وإقامة قنوات اتصال وبناء الثقة.
على الصعيد الاقتصادي، أشاد غروندبرغ بالجهود الحكومية لتحسين الاقتصاد، بما في ذلك رفع قيمة العملة وخفض تكاليف المعيشة، مشيراً إلى حواراته المكثفة مع محافظ البنك المركزي وعدد من الوزراء وممثلي القطاع الخاص، وداعياً إلى التعاون الاقتصادي الوطني المستدام بعيداً عن التسييس.
كما شدد المبعوث الأممي على استمرار مشاوراته مع الأطراف اليمنية والدول الإقليمية، بما فيها السعودية وعُمان والإمارات، مؤكداً أن الحل الأمثل يكمن في الالتزام بخارطة الطريق المتفق عليها، مع ضمان ملكية يمنية للعملية السياسية وتلبية الاحتياجات الأمنية الإقليمية. وقال إن الحاجة إلى وقف إطلاق نار شامل، وإصلاحات اقتصادية، وعملية سياسية جامعة "لا تزال قائمة كما كانت من قبل".
وخلص غروندبرغ إلى أن الحلول الأحادية نادراً ما تؤدي إلى نتائج، محذراً من أن القرارات الفردية تُعقّد المواقف وتطيل أمد النزاع. وأكد أن الأمم المتحدة ملتزمة بالعمل مع جميع القادة اليمنيين لخفض التصعيد وتعزيز الحوار والتوصل إلى تسوية سياسية طويلة الأمد بقيادة يمنية، مشدداً على أن استقرار وازدهار اليمن ممكن إذا ما تحقّق التراجع الواعي عن التصعيد الحالي.
بدوره، طالب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، توم فليتشر، بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لدى السلطات الحوثية، واستعادة مقرات المنظمة ومعداتها، وتأمين تمويل عاجل لمواجهة أزمة الجوع وسوء التغذية في اليمن.
وقال فليتشر، في إحاطة لمجلس الأمن، إن استمرار احتجاز 44 موظفًا أمميًا، بالإضافة إلى موظفين سابقين ومنظمات غير حكومية، يعوق قدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات في الوقت الذي يشهد فيه اليمن أسوأ أزمة غذائية منذ عقود.
وأضاف أن "احتجاز الموظفين لا يساعد شعب اليمن. يجب حماية العاملين في المجال الإنساني لتقديم المساعدات وحفظ الأرواح".
وحذر المسؤول الأممي من أن اليمن يواجه واحدة من أسوأ أزمات الغذاء في العالم، مع نحو 17 مليون شخص يعانون بالفعل نقص الغذاء، ومن المتوقع انضمام مليون شخص إضافي إلى صفوف الجوعى بحلول فبراير المقبل. وأوضح أن أكثر من 40 ألف شخص يواجهون "مرحلة كارثية" من انعدام الأمن الغذائي، فيما 70% من الأسر لا تمتلك طعامًا كافيًا لتلبية احتياجاتها اليومية، وشخص في كل خمس أسر يمر بيوم كامل دون أي طعام.
وأوضح فليتشر أن استمرار الحرب وارتفاع أسعار الغذاء وانهيار الاقتصاد، إلى جانب التحديات الأمنية، يجعل من اليمن ثالث أكثر الدول حرمانًا من الغذاء في العالم.
ورغم هذه التحديات، قال المسؤول الأممي إن جهود المنظمات الإنسانية أسفرت عن تقديم مساعدات غذائية ونقدية وصحية لآلاف الأشخاص: في حجة، حصل نحو 76 ألف شخص على مساعدات غذائية ونقدية ونقاط صحية أساسية، وفي عمران استفاد 15 ألف شخص من دعم صحي وغذائي، بينما يقدم برنامج اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية في مأرب العلاج والتغذية لمئات الأطفال والنساء الحوامل. كما ساعدت المنظمات أكثر من 172 ألف شخص تضرروا من الفيضانات والأمطار الغزيرة عبر توفير المأوى والمياه النظيفة وأدوات النظافة.
وأكد فليتشر أن العنف المستمر، بما في ذلك الغارات الجوية على صنعاء والجوف منذ آخر إحاطة للمجلس، أسفر عن أكثر من 300 قتيل، مشددًا على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
وقال المسؤول الأممي إن البيئة العملياتية الصعبة ونقص التمويل "يمنعنا من الوصول إلى جميع المحتاجين أو إنقاذ عدد كافٍ من الأرواح"، مشددًا على أن حماية موظفي الأمم المتحدة ومواردهم هي جزء أساسي من القدرة على الاستمرار في العمل الإنساني على نطاق واسع.
واختتم إحاطته بثلاث دعوات عاجلة لمجلس الأمن والدول الأعضاء: الإفراج الفوري عن جميع الموظفين المحتجزين، استعادة مقرات الأمم المتحدة ومعداتها، وضمان تمويل عاجل للاستجابة للأزمة الغذائية المتصاعدة، محذرًا من أن "عدم اتخاذ هذه الخطوات سيجعل الجوع عنوان المستقبل في اليمن".
من جهته، أكد مندوب الصين بمجلس الأمن على وجوب احترام اليمن وسلامة أراضيه وعلى الحوثيين احترام أمن الملاحة بالبحر الأحمر، وعبر في مداخلته عن قلق بلاده إزاء اختطاف الموظفين الأمميين داعيًا الحوثيين لإطلاق سراحهم دون شروط.
إلى ذلك، أدان مندوب الولايات المتحدة الأمريكية بمجلس الأمن احتلال مليشيا الحوثي لمقرات الأمم المتحدة واحتجاز الموظفين الأمميين، وأضاف: هناك محاكمات ضد الموظفين الأمميين وموظفي البعثات الدبلوماسية المختطفين وقد تسفر عن إعدامات.
وتابع المندوب الأمريكي أن الحوثيين يقوضون مساحة العمل الإنساني ويواصلون تهديد الملاحة الدولية، متهمًا إياهم بالاتجار بالمخدرات وأنه يجب حرمانهم من الموارد التي تمول أنشطتهم الإرهابية.
بالمقابل، أكد مندوب فرنسا أن الاتحاد الأوربي سيواصل عملية اسبيدس لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر وفقا للقانون الدولي، حسب قوله، فيما تطرق مندوب روسيا إلى الوضع الإنساني مشيرًا إلى أن اليمن يعاني من نقص الأغذية وتفشي الأمراض وأن الظروف تصبح أكثر تعقيدا.
وعبر المندوب الروسي عن قلقهم إزاء احتجاز الحوثيين للموظفين الأمميين داعيًا لإطلاق سراحهم، وأكد أن التعافي في اليمن لا يتحقق إلا بحوار يشمل الجميع بمن فيهم الحوثيون برعاية الأمم المتحدة.