أخبار سياسية
موقع متخصص: أبوظبي والرياض تعمّقان نفوذهما في القرن الإفريقي والبحر الأحمر
قال موقع أويل برايس المتخصص في شؤون الطاقة إن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تعملان على تعزيز وتوسيع نفوذهما في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، في تحرك استراتيجي يهدف إلى السيطرة على الممرات البحرية الحيوية والبنية التحتية المرتبطة بها.
وأوضح الموقع أن القلق القائم ذو طابع هيكلي، إذ تعمل الصفقات المدعومة من دول الخليج على تثبيت سيطرة طويلة الأمد على الموانئ والمهابط والمنشآت الأمنية، في كثير من الأحيان بعيدًا عن إشراف الحكومات المركزية، وهو ما يقلص نفوذ الدول الإفريقية على مرافقها الحيوية.
وبحسب التقرير، تتصدر الإمارات النشاط الميداني من خلال عقود امتياز للموانئ وتدريب قوات شبه عسكرية، لا سيما في أرض الصومال وبونتلاند وجنوب اليمن، بهدف ترسيخ حضور دائم على جانبي مضيق باب المندب دون الدخول في اتفاقيات ثنائية معقدة. أما السعودية، فرغم تأخرها على صعيد الوجود المباشر، فإنها تركز على إعادة صياغة نفوذها عبر الدبلوماسية متعددة الأطراف، من خلال أطر مثل مجلس البحر الأحمر.
وأشار التقرير إلى أن مشاركة دول الخليج في القرن الإفريقي وممر البحر الأحمر دخلت مرحلة جديدة تتسم بالاستمرارية وقلة الخضوع للمساءلة، لافتًا إلى أن التطورات الأخيرة، ومنها زيارة وفد إماراتي جديد إلى أرض الصومال، تعكس تسارع وتيرة سباق النفوذ بين أبوظبي والرياض في المنطقة.
وأضاف الموقع أن هذا التنافس يتزامن مع تصاعد الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر نتيجة حرب الرسوم الجمركية التي شنّتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي دفعت العديد من الدول إلى البحث عن مسارات بديلة لسلاسل الإمداد العالمية. وفي هذا السياق، تكتسب الموانئ التي تديرها الإمارات والسعودية — مثل بربرة وعصب وبوصاصو — أهمية متزايدة كممرات بديلة للتجارة الآسيوية والأفريقية الراغبة في تجنب نقاط الاختناق التقليدية.
ويُعد البحر الأحمر، بما في ذلك مضيق باب المندب، واحدًا من أهم الممرات البحرية في العالم، حيث يربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي عبر قناة السويس، ويمر عبره ما بين 10 و12% من التجارة العالمية، إضافة إلى نحو 8 ملايين برميل يوميًا من النفط والغاز. وتوفر هذه الممرات مسارات حيوية لمنتجي الخليج، إذ ينقل خط أنابيب شرق–غرب السعودي النفط إلى البحر الأحمر متجاوزًا مضيق هرمز، فيما تسعى الإمارات إلى تطوير نموذج مشابه عبر البنية التحتية للموانئ والطرق البرية في القرن الإفريقي.
وبحسب التقرير، فإن التنافس الخليجي في القرن الإفريقي والبحر الأحمر يتسبب في زعزعة الاستقرار بالمنطقة، إذ تؤدي الاتفاقات الأمنية المجزأة، وصفقات الموانئ المتداخلة، وشروط الاستثمار غير الواضحة، إلى تقويض سيادة الدول الإفريقية وتعميق الانقسامات المحلية. فقدت مقديشو، على سبيل المثال، السيطرة على موانئ ومهابط رئيسية باتت تُدار من قبل أطراف محلية مدعومة خارجيًا، فيما تعمل قوات موالية للإمارات في بونتلاند وجوبالاند خارج قيادة الحكومة الفيدرالية.
ويرى التقرير أن الفراغ المؤسسي وضعف السلطات المركزية في مناطق مثل أرض الصومال وبونتلاند يوفران بيئة مواتية لتمرير صفقات استراتيجية خارج الأطر الرسمية، ما يعزز من نفوذ القوى الخارجية على حساب الحكومات الوطنية. كما تأتي هذه التطورات في ظل بيئة أمنية بحرية مضطربة، مع تصاعد نشاط الحوثيين في اليمن الذي يهدد حركة الملاحة في البحر الأحمر.