أخبار سياسية
حسابات المصالح.. الحوثيون في توجهات الغرب والإقليم
رغم تداخلاته وتشابكاته الإقليمية، إلا أن المجتمع الدولي ما زال يرغب، بل ويصر، على النظر إلى الملف اليمني من نافذة واحدة، وهي نافذة الرياض.
وهنا تحضر ثلاثة أسباب رئيسية: أولها أن السلطة الشرعية ألقت بمسؤوليتها الدستورية والقانونية والوطنية والأخلاقية كلها على السعودية، وراحت تنتظر التعليمات والتوجيهات، أي أن المجتمع الدولي لم يجد فعلاً قوى وطنية مستقلة لديها القدرة على الحسم واتخاذ القرار في اليمن.
أما السبب الثاني، فهو أن المجتمع الدولي ساعد أيضاً على تكريس هذا الواقع، ولا ينظر إلى اليمن إلا من خلال مصالحه مع السعودية وأبوظبي، التي بنت لها حضوراً قوياً خلال السنوات العشر الماضية من عمر الأزمة اليمنية.
وثالثاً، اتضح أنه مع الأيام نجح المجتمع الدولي في تحويل اليمن من منطقة نفوذ جيوسياسي للرياض إلى ثغرة كبيرة في منظومة الأمن السعودي والعربي بشكل عام.
لذلك، وبرغم التجاوزات الحوثية الكبيرة وتهديدهم للملاحة الدولية وسلاسل التوريد وإضرارهم بالاقتصاد العالمي، إلا أن العالم ما زال يرغب في إعادة ضبط مخاطر الحوثيين وحصرها في الجغرافيا العربية أكثر من رغبته في إنهاء الانقلاب في اليمن.
بمعنى أنه ضمن حسابات معادلة القوة والنفوذ وامتلاك كروت الهيمنة والسيطرة، يصبح الحوثيون مهمين لحلفاء السعودية قبل خصومها؛ أي أن هذا التهديد المنفلت والرابض في الخاصرة الجنوبية للسعودية يمكن استخدامه ضد الرياض متى ما استُدعيت الحاجة، بخلاف أن هذا التهديد لا يقلق السعودية وحدها، بل يقلق ويضر بمنظومة الأمن القومي العربي كلها. وقد بدا ذلك واضحاً في استهدافات الحوثيين للملاحة الدولية التي أضرت بمصر والسعودية أكثر من أي طرف إقليمي أو دولي، بل أكثر بكثير مما أضرت بإسرائيل، المستهدف الرئيس في شعارات الجماعة.
لكن الثغرة في هذه الحسبة الغربية بالذات هي إصرار الحوثيين على الاتصال بإيران والتخادم مع أهدافها وأجنداتها في المنطقة، بل إن الحوثيين سعوا ويسعون للتخادم أيضاً مع أجندات روسيا والصين، أبرز منافسي الولايات المتحدة في لعبة الهيمنة على الممرات الملاحية الدولية.
من هذه الحسابات المعقدة والمتشعبة يشتري الحوثيون عمرهم وبقاءهم، وإذا لم تُفكك تلك المعادلة، حتماً سيجد الحوثيون لأنفسهم مكاناً في مستقبل اليمنيين، في الوقت الذي تمارس فيه السلطة الشرعية مهمتيها الوحيدتين: الركون على السعودية والتنازع على الصلاحيات.