أخبار سياسية
صحيفة لابرس الكندية: السلام في اليمن لن يكون غداً
دخلت اليمن، التي عانت من عدم الاستقرار والعنف لفترة طويلة، المرحلة الحالية من الحرب في عام 2014، عندما استولى الحوثيون ‐ حينها كانوا متمردين متمركزين في الشمال الغربي - على العاصمة صنعاء.
أصبحت المملكة العربية السعودية، التي تشعر بالقلق بالفعل من الوضع غير المستقر في جارتها الجنوبية، أكثر قلقاً بسبب العلاقات المتنامية بين منافستها الكبرى (إيران) والحوثيين. لذلك أطلقت الرياض تدخلاً عسكرياً في مارس 2015 لمواجهة تقدم الحوثيين، واستعادة الحكومة المعترف بها دولياً.
مع ذلك، كان التدخل كارثة على المملكة العربية السعودية. فبعد ثماني سنوات تقريباً، لا يزال الحوثيون يسيطرون على شمال غرب البلاد، وأصبحوا أقوى من أي وقت مضى.
قد تشجِّع الأمم المتحدة عملية سلام، لكن لم يُنجز شيء. على الرغم من الدِّمار، الذي خلفته الحرب، فإن الأطراف الرئيسية لا تشارك بجدية في عملية السلام.
ومع ذلك، قبِل المتحاربون هدنة في أبريل 2022.
فشلت مفاوضات الهدنة، التي تسعى (الأمم المتحدة) لتمديدها منذ أكتوبر، إلا أن الأطراف الرئيسية في النزاع مددت الاتفاقية منذ ذلك الحين بشكل غير رسمي، على الرغم من بعض الخروقات.
هل يمكن أن تنجح المحادثات الأخيرة بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية في إرساء الأساس لعملية سلام أكثر استدامة؟ من خلال تحديد الدوافع لدى كلا الجانبين، نفهم سبب كون الإجابة سلبية للأسف. في الواقع، لا الرياض ولا الحوثيون يريدون حقاً بناء سلام شامل.
من جانبها، فهمت السعودية أنها لن تنجح في هزيمة الحوثيين عسكرياً. لذلك فهي تسعى إلى الانسحاب من الحرب، مع تقليل تكاليف مغامراتها الكارثية.
من جانبهم، فإن الحوثيين -بدعم إيراني أصبح أكثر أهمية- منذ عام 2015، يسيطرون الآن على اليمن. لذلك ليس لديهم نية لتقديم تنازلات جدية للمملكة العربية السعودية أو الحكومة المعترف بها دوليا (المنتشرة الآن بين عدن والرياض وأبو ظبي) لا تمثل الهدنة بالنسبة لهم خطوة أولى نحو سلام دائم، ولكنها تمثل فرصة لالتقاط أنفاسهم، وتعزيز مكاسبهم، والاستعداد لهجمات جديدة.
في هذا السياق، هل يمكن أن تؤدي المحادثات الحالية -على أقل تقدير- إلى تجديد الهدنة بين الحوثيين والسعودية؟ هناك عدة عقبات، منها عناد الحوثيين. يبدو أن المحادثات تتمتع ببعض الزخم، مما يشير إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق في الأسابيع المقبلة. يمكن لمثل هذه النتيجة بالتأكيد أن تعمل على استقرار الوضع وحتى الحد من العنف، على الأقل في المدى القصير.
من ناحية أخرى، قد لا يكون التفاهم بين الرياض والحوثيين مرغوباً فيه من منظور بناء سلام دائم وشامل.
في ظل عدم وجود عملية سلام من شأنها أن تجلب جميع اللاعبين الرئيسيين حول طاولة المفاوضات، وليس هذين الخصمين فقط، فإن اتفاق الحوثي والرياض يمكن أن يشعل الموقف.
أولاً، ستشعر الحكومة المعترف بها دولياً حتماً أن الرياض - مصدر دعمها الرئيسي- قد خانتها. هذه الحكومة، في الواقع، وهمية جزئياً: إنها قبل كل شيء مجموعة غير متجانسة من الفصائل توحِّدها معارضتها للحوثيين وتتميّز بالانقسامات الداخلية والفساد. لا يزال عدم قدرتهم على بناء جبهة موحَّدة أحد الأسباب الرئيسية لنجاحات الحوثيين. لذلك، هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن رد فعلها على مثل هذا الاتفاق سيكون مشبوهاً وربما عدائياً.
ستكون العواقب أيضاً صعبة في الجنوب، المستقل بين عامي 1967 و1990. فقد حُشدت المشاعر الانفصالية، المنتشرة بالفعل، كثيراً منذ عام 2015، لا سيما بفضل دعم الإمارات العربية المتحدة. المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي لا يخفى على أحد طموحاته للاستقلال، هو اليوم القوة المهيمنة في الجنوب الغربي. وبالتالي، فإن اتفاقاً مباشراً بين الرياض والحوثيين قد يشجِّعه على القيام بحركات انفصالية. قد يكون استقلال جنوب اليمن حتمياً، لكن الانفصال لن يكون منسجماً مع ما يدور في اليمن.
أخيراً، من شأن مثل هذا الاتفاق أن يكرِّس سيطرة الحوثيين على شمال غرب البلاد. قد تكون هذه نتيجة أخرى حتمية.
لكن حكمهم يثبت بشكل متزايد أنه قمعي وفاسد وظلامي. سيكون ذلك حينها مجرد تطوُّر مأساوي آخر للشعب اليمني المنهك بالفعل بسبب عقود من العنف والحكم السيئ.