أخبار سياسية
ميدل إيست آي: الحكومة اليمنية تفقد نفوذها وسط تعمق الانقسامات
كشف تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والمتمركزة في العاصمة المؤقتة عدن، باتت تفقد تدريجياً أهميتها السياسية والإدارية، في ظلّ توسع نفوذ ميليشيا الحوثي شمال البلاد وتصاعد الانقسامات داخل معسكرها الجنوبي.
وأوضح التقرير أن الحكومة التي يقودها مجلس القيادة الرئاسي – وهو ائتلاف يضم قوى وشخصيات مناهضة للحوثيين – تواجه تحديات بنيوية عميقة جعلت من وصفها بـ«السلطة الشرعية» مجرد صيغة شكلية لا تعكس واقع السيطرة الميدانية.
ونقل الموقع عن الباحث في كلية كينغز كوليدج بلندن، الدكتور أندرياس كريغ، قوله إن عبارة "الحكومة المعترف بها دولياً" لم تعد سوى «توصيف على الورق»، مؤكداً أن مليشيا الحوثي تسيطر على المناطق الأكثر كثافة سكانية في الشمال ويتعاملون مباشرة مع القوى الإقليمية والدولية في الملفات الأمنية والسياسية، بينما تنشغل حكومة عدن بمحاولة إدارة مناطق محدودة تزداد هشاشة يوماً بعد يوم.
وأضاف التقرير أن الحكومة تواجه أزمة اقتصادية خانقة منذ أن شنّت مليشيا الحوثي في عام 2022 سلسلة هجمات على موانئ تصدير النفط في المحافظات الجنوبية، ما أدى إلى توقف الصادرات وتراجع الإيرادات العامة بشكل حاد، وتدهور الخدمات الأساسية وعجز متكرر عن صرف رواتب الموظفين.
وأشارت الباحثة المتخصصة في شؤون الجماعات اليمنية المسلحة، إليانورا أرديماني، إلى أن تراجع الموارد الحكومية ساهم في تصاعد الخلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي، ولا سيما بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات – الذي يطالب بانفصال الجنوب – وبين باقي القوى المشاركة في المجلس.
وقالت أرديماني إن هذه الانقسامات أدت إلى انشغال الحكومة بصراعاتها الداخلية على حساب مواجهة الحوثيين، مضيفة أن التحالف المناهض للميليشيا «بات أكثر تركيزاً على مشكلاته الذاتية من اهتمامه بخوض معركة حقيقية في الشمال».
وأشار التقرير إلى أن التراجع المتواصل لدور الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا يقابله صعود متزايد لمليشيا الحوثي الذين باتوا يتعاملون مباشرة مع المملكة العربية السعودية بعد انتهاء الحرب بين الجانبين عام 2023، ما جعلهم الطرف اليمني الأكثر تأثيراً في المعادلة الإقليمية.
وختم التقرير بالقول إن مستقبل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بات مرهوناً بقدرتها على تجاوز الانقسامات الداخلية وإيجاد مصادر تمويل مستدامة، في وقتٍ تتحول فيه ميليشيا الحوثي من سلطة أمر واقع إلى فاعل إقليمي يتفاوض مباشرة مع القوى الكبرى.
يشار إلى أنه منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني في أبريل 2022 كإطار جامع للقوى المناهضة لمليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، سعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى استعادة حضورها السياسي والإداري من العاصمة المؤقتة عدن، غير أنّ الواقع الميداني والسياسي يسير في الاتجاه المعاكس. فمع تصاعد الانقسامات بين مكوّنات المجلس، وتراجع الإيرادات العامة بعد توقف صادرات النفط، باتت الحكومة تواجه أزمة وجود حقيقية تهدد شرعيتها وفاعليتها.
وتأتي المعطيات التي كشفها تقرير ميدل إيست آي لتؤكد هذا المسار التراجعي، إذ لم يعد توصيف "الحكومة الشرعية" يعكس توازناً حقيقياً على الأرض، في وقتٍ تشدد فيه مليشيا الحوثي قبضتها على مناطق سيطرتها ذات الكثافة السكانية، وتتحول تدريجياً إلى طرفٍ يتعامل مباشرة مع القوى الإقليمية والدولية، متجاوزةً الحكومة المعترف بها.
في المقابل، يعيش مجلس القيادة الرئاسي أزمات متلاحقة نتيجة تضارب الصلاحيات وتنامي النزعات الانفصالية داخل معسكره الجنوبي، ما أدى إلى شلل إداري وتدهور اقتصادي انعكس على الخدمات العامة وصرف الرواتب.