تقارير
اتفاق غزة يضع الحوثيين أمام خيارات مصيرية بشأن مستقبلهم واستراتيجيتهم العسكرية
بعد اتفاق السلام الذي رعته الولايات المتحدة بين إسرائيل وحركة حماس في أوائل أكتوبر، تواجه مليشيا الحوثي في اليمن لحظةً مفصليةً تحدّد مسارها المستقبلي، بحسب تحليلٍ صادرٍ عن غريغوري د. جونسِن من معهد دول الخليج العربية في واشنطن.
ووفق التحليل، قدّمت ميليشيا الحوثي نفسها خلال العامين الماضيين على أنها "مدافع عن القضية الفلسطينية"، متخذةً من الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر والاستهداف المباشر لإسرائيل ذريعةً لتبرير أنشطتها العسكرية، إضافةً إلى قمع موظفي الأمم المتحدة في مناطق سيطرتها.
لكن الاتفاق الأخير بين إسرائيل وحماس أزال – ولو مؤقتًا – المبرّر العلني الذي استخدمه الحوثيون لتبرير هجماتهم، ما يضعهم أمام ثلاثة خيارات رئيسية، بحسب جونسِن:
الخيار الأول: وقف الهجمات
يمكن للحوثيين استغلال الاتفاق كذريعةٍ لتخفيف التصعيد وإنهاء هجماتهم على السفن والأهداف الإسرائيلية، لكنه خيار محدود النتائج، إذ إن الجماعة تعتمد على القوة العسكرية لتوسيع سيطرتها الاقتصادية والسياسية داخل اليمن، خصوصًا في محافظة مأرب.
كما تواجه الجماعة تحدياتٍ داخليةً متناميةً بسبب الأوضاع الاقتصادية والقيود الصارمة على السكان ورجال الأعمال.
الخيار الثاني: مواصلة الهجمات
يتيح لهم هذا الخيار الادعاء بأن الاتفاق لا يشملهم أو أن إسرائيل لم تنسحب بالكامل من غزة، ما يسمح لهم بالاستمرار في ضرباتهم على أهداف إسرائيلية والسفن التجارية، لكنه يعرّضهم لاستنزافٍ طويل الأمد ويزيد من هشاشة وضعهم الداخلي.
الخيار الثالث: إعادة التنظيم والاستعداد لجولة صراعٍ جديدة
وهو السيناريو المرجّح، إذ من المحتمل أن يستخدم الحوثيون فترة الهدوء لإعادة بناء ترسانتهم العسكرية وتعزيز قبضتهم الداخلية، مع إعادة صياغة خطابهم الإعلامي من "نُصرة فلسطين" إلى مواجهة ما يسمّونه "الحصار الأميركي"، في محاولةٍ لاستعادة التعبئة الشعبية.
ويشير التحليل إلى أن البيئة الإقليمية باتت أكثر تحدّيًا للحوثيين بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية التي استهدفت حلفاءهم، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ما يقلّل من قدرتهم على الحصول على دعمٍ خارجي مباشر.
ويخلص جونسِن إلى أن القرار الذي ستتخذه ميليشيا الحوثي خلال الأسابيع والأشهر المقبلة لن يحدّد فقط مستقبل الجماعة، بل سيؤثّر أيضًا على مسار الحرب الأهلية اليمنية وتوازن القوى في المنطقة لسنواتٍ مقبلة، مؤكّدًا أن الجماعة تواجه معضلةً بين الحفاظ على مصالحها المحلية والمضيّ في صراعاتٍ إقليميةٍ تتجاوز قدراتها الحالية.