تقارير

أزمة دواء في اليمن تهدد حياة الملايين من أصحاب الأمراض المزمنة

12/10/2024, 12:09:14
المصدر : خاص - بشرى الحميدي

تشهد سوق الأدوية في اليمن أزمة حادة ومستفحلة؛ تتجسد في الارتفاع غير المسبوق في أسعار الأدوية، ما يجعل حياة الملايين من المواطنين مهددة، ويضيف عبئًا اقتصاديًا هائلًا عليهم، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد؛ نتيجة الحرب المستمرة منذ سنوات.

ينعكس هذا الوضع على فئات واسعة من السكان، وخاصة المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، حيث أصبح من المستحيل -تقريبًا- توفير العلاجات اللازمة.

الأزمة الدوائية في اليمن ليست وليدة اللحظة، فهي نتيجة مباشرة لاستمرار الصراع الذي أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، بما في ذلك انهيار العملة المحلية وارتفاع تكاليف الاستيراد.

قطاع الأدوية، الذي يعتمد بشكل كبير على الاستيراد من الخارج، أصبح رهينًا لهذه التحديات، مما أثر سلبًا على قدرة المواطنين على الحصول على الأدوية الأساسية، التي باتت اليوم تشكل أزمة إنسانية تتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي والحكومة اليمنية.

- معاناة المرضى

في حي بمدينة تعز، تعيش عليا عبده -أرملة ونازحة من الحيمة تعيل ثلاثة أيتام، وتعاني من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم- تقول بحسرة: "أنا أرملة نازحة، أعاني من أمراض تحتاج إلى علاج مستمر، لكن بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، لا أستطيع شراء الدواء الذي أحتاجه".

وتضيف: "قبل الأزمة، كانت تكلفة العلاج معقولة، أما الآن فسعره تجاوز خمسة وأربعين ألف ريال، وهو مبلغ لا أستطيع تدبيره".

وتعاني عليا أيضًا من اضطرارها إلى البحث عن بدائل أرخص للأدوية، لكنها تشير إلى أن هذه البدائل غالبًا ما تؤدي إلى مضاعفات صحية إضافية تزيد من معاناتها.

من جانبه، يصف أحمد -والد طفل مريض- معاناته مع ارتفاع أسعار الأدوية، قائلًا: "مرض ابني يتطلب علاجًا مستمرًا، لكن مع الارتفاع الجنوني للأسعار، أصبح من الصعب جدًا تأمين الأدوية الضرورية له".

وأشار إلى أنه يضطر أحيانًا إلى تقليل الجرعات، أو تأجيل شراء الأدوية، مما يؤثر سلبًا على صحة ابنه.

- الأسباب

يعود الارتفاع المستمر في أسعار الأدوية إلى عدة عوامل، أبرزها تدهور قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، فضلًا عن ارتفاع تكاليف النقل والتأمين؛ نتيجة الصراع المستمر في البلاد.

يوضح الدكتور محمد الصوفي -مدير الهيئة العليا للأدوية في تعز- أن "الأدوية المستوردة هي الأكثر تأثرًا بارتفاع الأسعار؛ نظرًا لاعتمادها على العملة الصعبة".

وأضاف الدكتور الصوفي أن "الأدوية المصنعة محليًا تعتمد بدورها على مواد خام مستوردة، مما يجعلها أيضًا عًرضة لارتفاع الأسعار".

وأكد أن "الهيئة تبذل جهودًا حثيثة للحد من هذه الأزمة، منها تسهيل إجراءات استيراد الأدوية، وتشجيع الصناعات الدوائية المحلية من خلال منح التراخيص للمصانع الجديدة وتقديم الدعم اللازم لها".

كما أشار إلى أن "الهيئة تدرس بالتعاون مع الجهات المعنية إمكانية تنظيم الأسعار للحد من التأثيرات السلبية على المواطنين".

وحذّر الدكتور الصوفي من أن استمرار تدهور قيمة العملة المحلية، وتقلبات أسعار الصرف، سيُؤثر بشكل كبير على قدرة الهيئة على ضبط الأسعار.

ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم العملة، وتثبيت سعر الصرف، بالإضافة إلى توفير الدعم المالي للقطاع الصحي ككل.

- تداعيات الأزمة

لم يقتصر تأثير الأزمة على المرضى فحسب، بل امتد ليشمل الصيادلة والشركات الدوائية.

يقول الدكتور نوفل المقطري -مالك صيدلية "كريم" المركزية-: "العديد من شركات الأدوية ترفع أسعارها بشكل مستمر، وبنسب قد تصل إلى 80% في بعض الحالات، مما يسبب معاناة كبيرة للمرضى، خاصة ذوي الدخل المحدود".

وأضاف المقطري: "هذه الزيادات المتكررة تؤدي إلى مشاكل بين الصيادلة والزبائن، وصلت في بعض الأحيان إلى حد التهديد".

وأوضح: "بعض الشركات تطالب بالدفع نقدًا فقط؛ نتيجة لعدم استقرار الأسعار، ما يزيد من حِدة التوتر بين الصيادلة والمستهلكين".

وأشار إلى أن "منطقة الحوبان شهدت ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الأدوية، ما دفع المرضى من مختلف المناطق إلى القدوم إلى المدينة لشراء الأدوية بأسعار أقل، رغم أن هذه الأدوية لا تزال مرتفعة بالنسبة لغالبية المواطنين".

واستشهد المقطري بأن "بعض الشركات رفعت أسعار أدويتها بنسبة تتراوح بين 40% إلى 50% خلال فترة قصيرة لا تتعدى الشهرين، فيما رفعت شركات أخرى أسعارها بنسبة 80% خلال الفترة نفسها، دون أن يكون هناك أي تدخل حكومي فعّال للسيطرة على هذه الزيادات".

ـ الحلول المُمكنة

أجمع الأطباء والصيادلة على ضرورة دعم الصناعات الدوائية المحلية كأحد الحلول المستقبلية لتخفيف حِدة الأزمة.

يقول الدكتور الصوفي: "تعزيز هذه الصناعات قد يساعد في توفير الأدوية بأسعار معقولة، ويقلل من الاعتماد على الاستيراد الخارجي، الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتقلبات العملة".

وشدد على أهمية تفعيل نظام التأمين الصحي، حيث سيُساهم -بشكل كبير- في تقليل الأعباء المالية على المواطنين.

وأكد أن "التأمين الصحي سيعمل على تحسين قدرة المواطنين على الحصول على الأدوية والخدمات الصحية الأساسية، دون أن يشكّل ذلك عبئًا ماليًا كبيرًا عليهم".

الحاجة إلى تدخل دولي ومحلي عاجل بجانب الجهود المحلية لتخفيف الأزمة، يحتاج اليمن إلى دعم دولي عاجل يهدف إلى تحسين قدرات القطاع الصحي؛ وتعزيز إنتاج الأدوية المحلية.

يعتبر توفير التمويل والاستثمارات الضرورية في هذا القطاع أمرًا بالغ الأهمية؛ للتخفيف من تأثيرات الأزمة الاقتصادية على سوق الأدوية، وضمان توفير العلاجات الضرورية بأسعار مقبولة.

في المُجمل، تبقى سوق الأدوية في اليمن رهينةً للتطورات الاقتصادية والسياسية في البلاد، وتحتاج إلى تدخلات عاجلة ومنظمة من قِبل الجهات الحكومية والدولية؛ للحد من التداعيات الكارثية على حياة الملايين من المواطنين.

تقارير

"قانون دعم فاتورة المرتبات".. تشريع حوثي جديد لنهب حقوق الموظفين

بعد مضي أكثر من 8 سنوات مذ توقفت عملية صرف مرتبات موظفي وحدات الخدمة العامة، ومنتسبي الجيش والأمن في صنعاء، والمناطق الخاضعة للجماعة، أقدمت مليشيا الحوثي على إصدار قانون دعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة بشكل مخالف للدستور والتشريعات في البلاد.

تقارير

موقف السعودية من الحوثيين.. حسابات خاصة أم إملاءات أمريكية؟

في كل منعطف محلي أو إقليمي له تأثير على الأزمة اليمنية، تتجه أنظار اليمنيين إلى ما ستقرره السعودية بشأن بلادهم، وآخر تلك المنعطفات تفكك المحور الإيراني، وسبب ذلك أن السعودية صادرت القرار السياسي والعسكري للحكومة اليمنية الشرعية منذ تدخلها العسكري في البلاد، وتعد الطرف الإقليمي الأكثر تأثيرا في الأزمة اليمنية ومسار تحولاتها، سواء التهدئة وبناء مسار سياسي، أو استمرار حالة الجمود والصراع المفتوح.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.