تقارير

إعدام ومصادرة حقوق وممتلكات.. كيف تستخدم مليشيا الحوثي القضاء كأداة سياسية!

30/07/2024, 08:06:30

لا تتوقف محاكم الحوثيين عن انتهاك حقوق المختطفين في سجونها، وباتت تشكِّل امتدادا للانتهاكات التي تحدث في سجونها السرية والعلنية، وصار من الصعب التفريق بين القضاة والجلادين.

اعتقال تعسفي، واختطاف وإخفاء قسري، وتحقيق مصحوب بالتعذيب في السجون يكمله القضاء الحوثي بتجاهل سلامة الإجراءات القانونية، وتجاهل شكاوى ودعاوى المعتقلين، ثم الحكم عليهم بالإعدام.

هذه الممارسات اللا إنسانية تتعارض مع كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، التي تحظر التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة القاسية، أو اللا إنسانية، أو المهينة، ويمثل استمرارها وصمة عار في جبين الوسطاء الدوليين، الذين يقدمون الحماية لمليشيا الحوثي، ويغضون الطرف عن جرائمها وانتهاكاتها بحق المدنيين.

- أوامر قتل

تقول المحامية والناشطة الحقوقية، هدى الصراري: "إن القرارات والأحكام، التي تصدرها مليشيا الحوثي بحق مواطنين مدنيين عاديين، وصحفيين ومعارضين، وسياسيين، وحتى بحق جمعيات خيرية وعاملين في المجال المدني والإنساني، هي قرارات غير قانونية".

وأضافت: "المحكمة التابعة لمليشيا الحوثي قامت مؤخرا بمصادرة أموال وممتلكات وأصول تابعة لعاملين في المجال الإنساني والخيري، وعادة ما تستخدم المليشيا قرارات الإعدام، أو بالأصح جرائم القتل خارج إطار القانون".

وأوضحت: "الدستور والقوانين اليمنية لا تصدر حكم إعدام إلا بعد المصادقة عليه بحكم قضائي بات، وأن يتدرّج قضائيا من المحاكمة الابتدائية إلى الاستئناف إلى العُليا، ومن ثم يتم مصادقته من قِبل رئيس الجمهورية، وهذا لا يحدث مع مليشيا الحوثي؛ لأنها سلطة منقلبة، والقضاء التابع لها غير شرعي، لذا فإن هذه الأحكام هي أوامر قتل، وليست قرارات إعدام شرعية وقانونية".

وتابعت: "يتنوّع الضحايا الذين يتم استخدام القضاء بحقهم، من معارضين سياسيين، وحقوقيين، ومدنيين عاديين، وصحفيين، وكذلك نساء، مع أنه لم يحدث في تاريخ صراعات اليمن أن يحكم بالإعدام على نساء، أو يتم الزج بهن إلى السجون والمعتقلات، وأن يتم ارتكاب جرائم حرب ضدهن إلا في عهد سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية".

وأردفت: "القضاء التابع لمليشيا الحوثي اليوم هو صوت لإرهاب المعارضين، وإرهاب كل من يفكر بأن يكون معارضا لسياسة هذه المليشيا، أو لتوجهها الطائفي، أو لجرائمها".

- رسالة ترهيب

يقول مدير مكتب حقوق الإنسان في أمانة العاصمة، فهمي الزبيري: "إن ما تقوم به مليشيا الحوثي من أحكام إعدام بحق مدنيين وصحفيين مختطفين في سجونها، ليس بجديد عليها، فهي تستخدم القضاء منذ أن سيطرت على العاصمة صنعاء وبقية المحافظات كعصا غليظة وصوت ضد المعارضين لعملية التطييف التي تقوم بها".

وأضاف: "تزامنت أحكام الإعدام بحق ثلاثة معلمين مع بداية العام الدراسي؛ لأن أصوات المعلمين بدأت ترتفع، في المطالبة بصرف مرتباتهم التي حُرموا منها، ويتضورون جوعا، منذ تسع سنوات، بينما هذه المليشيا تعيش ثراءً فاحشا".

وتابع: "مليشيا الحوثي تبعث رسالة واضحة للمعلمين بأن من يطالب بمرتبه سيكون مصيره مثل هؤلاء، وهي عملية قمع للمعلمين بالدرجة الأولى، واستهداف للتعليم؛ لأنها تريد بلدا بدون تعليم، لكي يسهل عليها تجنيد الأطفال، وإقامة الدورات الطائفية، وتجهيل الشعب اليمني".

ولفت إلى أن "مليشيا الحوثي تمارس الإرهاب كما كان أجدادها الأئمة، عندما كانوا يقومون بإعدام المخالفين لهم في الميادين".

وقال: "هناك قضاة تعرضوا للقتل من قبل مليشيا الحوثي، مثل القاضي حمران، وآخرون تعرضوا لمحاولات اغتيال، وقضاة تعرضوا للاختطاف، وللاعتداء الجسدي، ومن كانوا يتمتعون بقدر من النزاهة والوطنية تم استبعادهم وإقصاؤهم واستبدالهم بعناصر سلالية بحتة".

وأشار إلى أن "المعهد العالي للقضاء في مناطق سيطرة المليشيا بات معروفا بأنه لا يتم القبول فيه إلا من ينتمون إلى هذه السلالة".

ولفت إلى أنه، في العام الماضي، كشف عن استمارة يتم تعبئتها من قِبل الذين يريدون التسجيل في معهد القضاء، ومن ضمن الأسئلة: هل شاركت في الجبهات، أو أحد أقاربك؟ هل شاركتم في دورات ثقافية؟ وهي دورات طائفية.

وأكد أن "مليشيا الحوثي تقوم بتطييف القضاة الموجودين في مناطق سيطرتها، من خلال إدخالهم دورات طائفية بالإكراه، وهناك من يذهبون من أنفسهم".

تقارير

عائلات عاملي الإغاثة اليمنيين المختطفين لدى مليشيا الحوثي تشعر باليأس بشأن مصيرهم

تحوّل فرح عائلة أحمد اليمني باحتفالهم بزفاف ابنته إلى رعب في اليوم التالي، عندما داهمت قوات مقنّعة منزلهم في صنعاء، العاصمة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، واعتقلته.

تقارير

عودة مساعي السلام في اليمن.. نوايا جادة أم إعادة تدوير الأزمة؟

هل بالإمكان تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية بعد نحو عشر سنوات من جولات الحوار الفاشلة وجهود السلام التي كانت نتيجتها الوحيدة إطالة أمد الحرب وتعقيد فرص السلام وتعطيل الحسم العسكري؟ لعل من الأمور المحيرة في الأزمة اليمنية ذلك النفس الطويل الذي يتمتع به دعاة السلام في اليمن، فدول عظمى، وأخرى إقليمية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، تدعو إلى تحقيق السلام في البلاد، وترسل المبعوثين وتعقد اللقاءات لأجل هذا الغرض، رغم أنها جميعا تعلم أن الأزمة اليمنية لم تعد قابلة للحل السياسي، وأنه كلما طال أمد الحرب ازدادت الأوضاع تعقيدا، وازدادت معها العقبات أمام مساعي تحقيق السلام. في 19 نوفمبر الجاري، اختتم المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارته إلى العاصمة العمانية مسقط، التي أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ خليفة علي عيسى الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، بالإضافة إلى عقد لقاء آخر مع محمد عبد السلام، مسؤول فريق التفاوض التابع للحوثيين، في إطار الجهود الهادفة إلى دفع عملية السلام واستعراض آخر مستجدات الملف اليمني. بدوره، جدد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاميش فالكونر، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة المؤقتة عدن، في 20 نوفمبر الجاري، تأكيد التزام بلاده بدعم جهود السلام في اليمن. - السياق الإقليمي ووهم السلام بدأت مساعي السلام في اليمن منذ ما قبل اندلاع الحرب بسنوات، وتحديدا في صيف 2011، عندما وصل أول مبعوث أممي إلى اليمن، جمال بن عمر، لكن تلك المساعي لم تحقق نتيجة تذكر، وفشلت في احتواء التوترات ومنع اندلاع الحرب، وبعد اندلاعها لم تفلح مختلف المساعي في إجبار الحوثيين على القبول بعملية السلام. وبعد كل سنوات الحرب تلك وما تخللها من مساعٍ لتحقيق السلام باءت جميعها بالفشل، وتعقد الأوضاع محليا وإقليميا، فإنه ما زال هناك من يراهن على تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية، رغم أن السياق الإقليمي بعد الحرب على قطاع غزة لا يشجع على التسوية السياسية السلمية في اليمن وإنما زادها تعقيدات إضافية إلى تعقيداتها السابقة. فإذا كانت مليشيا الحوثيين ترفض القبول بالسلام في سنوات سابقة، فكيف ستقبل به بعدما أصبحت ترى أن الأمور آلت لمصلحتها، وتعتقد أنها باتت فاعلا إقليميا بعد انخراطها ضمن المحور الإيراني خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووظفت هجماتها الرمزية على الكيان الإسرائيلي لتعزيز وضعها في الداخل اليمني. وبالتزامن مع مساعي السلام في اليمن، ظل السلاح الإيراني يتدفق للحوثيين بلا انقطاع، حتى أصبحت مناطق سيطرتهم بمنزلة قاعدة عسكرية إيرانية متقدمة، تستخدم لتهديد الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر، فضلا عن تهديد بعض دول الجوار، مع توظيف القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية. وفي الوقت الذي يتشكل فيه مزاج إقليمي ودولي ضد إيران ومليشياتها في المنطقة، لكن ما يبدو حتى الآن أن هذا المزاج لا ينعكس بالضرورة على الملف اليمني، وأصبح الحديث عن السلام في اليمن والجهود التي تُبذل في هذا الجانب وكأنها صفقات ضمنية تُمنح للحوثيين بحجة "الحفاظ على التهدئة" أو "ضمان عدم توسع الحرب"، وتحول الملف اليمني من قضية حرب وسلام إلى مساحة للمساومات، وأحيانا إلى ورقة بيد لاعبين إقليميين يفضلون بقاء الوضع معلقا على أن يصل إلى مواجهة مكلفة. وليست مبالغة القول إن جهود السلام في اليمن، الإقليمية والدولية، منحت مليشيا الحوثيين مساحة واسعة للمناورة، فبدلا من أن تُعامل على حقيقتها كمليشيا انقلابية مصنفة إرهابية ومرتبطة بسياسة إيران التخريبية في المنطقة، يعاد تدويرها كطرف سياسي على أمل التفاهم معه، رغم أنها ترفض أي عملية سلام حقيقية تقوم على التنازل المتبادل أو المشاركة الفعلية في الدولة. وفي الواقع، فإن مساعي السلام التي استهلكت الوقت وأجلت الحسم العسكري، كان واضحا أنها رسخت هيمنة الحوثيين على الأرض، ومنحتهم فرصا إضافية لتعزيز قوتهم العسكرية. وكلما طال هذا التراخي، يصبح الحديث عن "حل سياسي" مجرد ترف لغوي لا مكان له في معادلة الصراع. وتكمن المشكلة الرئيسية لدعاة السلام في اليمن في غياب الإرادة والجرأة على التعامل مع الطرف الذي يعطل السلام، ولذلك تبدو تلك الجهود وكأنها تطبيع مع الأمر الواقع، والنتيجة أن مساعي السلام ستظل تدور في الحلقة نفسها: جهود لا تثمر أي نتيجة، وواقع محلي وإقليمي يفضل تأجيل مواجهة الحقيقة. وما لم يُكسر هذا النمط، ستبقى مساعي السلام مجرد عنوان تضليلي لحرب معلقة تستمد أسباب استمرارها من التواطؤ مع الحوثيين أكثر مما تستمده من الوقائع على الأرض. - لماذا التسوية السياسية مستحيلة؟ رغم أن الحرب في اليمن استنزفت الجميع، ولم يعد لدى مختلف الأطراف ما يكفي من الحماس للعودة إلى معارك واسعة كتلك التي كانت في بداية الانقلاب الحوثي وعملية "عاصفة الحزم"، إلا أن هذا الإرهاق العسكري لا يخلق بالضرورة بيئة صالحة للتسوية السياسية. فالحرب التي عجزت عن تمكين أي طرف من تحقيق أهدافه كاملة، لن يعوض فشلها باتفاق سياسي هش، يقوم على قاعدة "لا رابح ولا خاسر"، بينما الوقائع على الأرض تقول العكس، فهناك أطراف حققت مكاسب ميدانية كبيرة أو حصلت عليها عبر التنازلات، وأطراف بلا مكاسب ميدانية تُذكر، وأخرى لا تملك أي شيء أصلا، ولذا كيف يمكن إقناع من لديه مكاسب كبيرة بالتنازل ولو نسبيا لمصلحة أطراف أخرى؟ ومع هندسة التحالف السعودي الإماراتي للوضع في اليمن عسكريا وسياسيا، وتفتيت السلطة الشرعية بين أطراف متنافرة، بقيت السلطة الشرعية بمفهومها القانوني الحلقة الأضعف في معادلة الصراع، يجسد ذلك الانقسامات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، الذي يبدو عاجزا عن إدارة موقف موحد ضد مليشيا الحوثيين. كما لا يمكن إغفال أن مساعي السلام مكنت الحوثيين من أن يجعلوا كلفة السلام على خصومهم أعلى بكثير من كلفة الحرب، ذلك أنهم أعادوا تعريف أولويات المفاوضات، وحولوا القضية الوطنية إلى ملفات صغرى: فتح طريق هنا، أو صرف رواتب هناك، أو فتح مطار، أو تخفيف حصار ميناء. والعجيب في الأمر أن الأطراف الأخرى ودعاة السلام انساقوا وراء الحوثيين في تجزئة القضية الوطنية، وتغافلوا عن مسألة السلاح والسيطرة وفرض الحوثيين للأمر الواقع. وإذا توفرت إرادة سياسية حقيقية، فإن الحسم العسكري المفضي إلى سلام دائم قد يتحقق خلال أسابيع قليلة بكلفة معروفة ومحدودة نسبيا، بينما السلام القائم على التنازلات المتتابعة سيظل يراوح مكانه لسنوات، ويغذي حالة اللاحرب واللاسلم، قبل أن تنفجر الأوضاع مجددا في معركة قد تكون أشد كلفة من خوض الحسم في اللحظة الراهنة، وهي معركة قادمة لا محالة، وسيبادر الحوثيون إلى إشعالها بعد أن يراكموا مزيدا من القوة العسكرية حتى يروا أنها أصبحت كافية لخوض معركة واسعة. هذا السيناريو الأكثر احتمالا يؤكد أن أكبر عقبة أمام السلام في اليمن تتمثل في بنية مليشيا الحوثيين نفسها، فهي تحمل مشروعا عقائديا مغلقا، طائفيا وسلاليا، يرفض وجود الآخرين أصلا، فضلا عن مشاركتهم في السلطة، ولذلك فهي لا تريد تسوية دائمة، وإنما هدنة مقنعة تسمح لها بتعزيز قواتها، تمهيدا لجولة قادمة من الحرب، ستكون أشد عنفا من سابقاتها، وستجبر الآخرين على الانخراط في المعركة الحاسمة. الخلاصة، قبل أي حديث عن تسوية سياسية في اليمن، يجب الاعتراف أولا بأن "لحظة النضج" التي تجبر مختلف الأطراف على التفكير بالحل السلمي والقبول به لم تولد بعد، وهذه اللحظة لا تأتي إلا عندما تتغير معادلة القوة على الأرض، فيتراجع الطرف القوي ويصعد الطرف الضعيف، وتبدأ مرحلة الألم المتبادل التي تجعل الجميع يدرك أن الحسم مستحيل. لكن في ظل الوضع الراهن في اليمن، لا توجد مؤشرات على أن أي طرف وصل إلى هذا الإدراك، ولا توجد بيئة تدفع نحو حل وسط أو استعداد حقيقي للخروج من دائرة الحرب، فالجيوش والمليشيات متقابلة في خطوط التماس، والفاعلون الأجانب لا يرغبون في الحسم العسكري وليسوا جادين بشأن السلام الذي لا يمكن أن يتحقق تحت فوهات البنادق.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.