تقارير
الأعمال الأدبية للنساء في اليمن.. حضور رغم الحرب
"رغم بؤس الوضع في اليمن والشتات الذي نعيشه، وصعوبات النشر والمشاركة الأدبية، إلا أن روايتي استطاعت أن تتأهل ضمن القائمة القصيرة لمسابقة كتارا التي تعد من أكبر الجوائز العربية في الرواية"، هكذا بدأت الروائية والكاتبة اليمنية فكرية شحرة حديثها لموقع "بلقيس نت".
حيث أعلنت المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا)، خلال الأيام الماضية، عن القائمة القصيرة للروايات غير المنشورة ضمن جائزة "كتارا" للرواية العربية في دورتها التاسعة، وقد شملت القائمة رواية "لحى زهرية" للكاتبة اليمنية شحرة، التي تألَّقت بين مجموعة من الروايات من مختلف الدول العربية.
وتُعد رواية "لحى زهرية" واحدة من تسع روايات اختيرت لتعكس التنوّع الثقافي والأدبي العربي.
وتؤكد الكاتبة اليمنية فكرية شحرة أن روايتها هذه هي خامس أعمالها الروائية، وكتابها العاشر.
وأضافت: "لحى زهرية تعد أول رواية يمنية لامرأة وصلت إلى هذه المرتبة في المسابقة، وهذا لا يدل إلا على كفاح الأديبة اليمنية لتثبت وجودها بين قريناتها العربيات".
- صعوبات إنتاجية
وأوضحت شحرة أن "أهم الصعوبات الراهنة، التي تواجه الكاتبة، هي حالة البلد الاقتصادية، التي أثرت على الإنتاج الأدبي لدى الجميع رجالًا ونساءً، لكن بحكم خصوصية المرأة تعاني الكاتبة من مسألة طباعة وتوزيع إنتاجها الأدبي، حيث نجد الكثيرات يؤجلن طبع أعمالهن، أو تأجيل وضعها على الإنترنت حتى تجد التَّسويق المناسب".
وتابعت: "هذه الصعوبات، في طباعة الإنتاج الأدبي، تعود لغياب دور النَّشر المتخصصة، وتكاليف الطباعة والتوزيع الباهظة".
ويعاني الأدب النسوي في اليمن من حالة تراجع وركود؛ وذلك بسبب ظروف الحرب التي جعلت الناس يبتعدون عن الثقافة والأدب، بينما انشغلت النساء بتوفير احتياجاتهن وأسرهن بما لا يمنحهن الوقت الكافي للإبداع والكتابة.
ورغم تلك الظروف والأوضاع الاقتصادية الصعبة إلى أن هناك عددا من الإصدارات النسوية تمَّت، خلال السنوات الماضية، حيث بلغ عدد الروائيات اليمنيات، حتى عام 2021م، ثمانين روائية، أنتجنَ 135 رواية تتراوح أعدادها ما بين رواية واحدة لأغلبهنَّ وسبع روايات كحدٍّ أقصى للروائية الواحدة. بينما شهدت بقية الأنواع الأدبية؛ من شعر ونثر وقصة قصيرة، غزارة إنتاج مضاعف خلال السَّنوات الأخيرة.
- إقبال جيّد
تقول الدكتورة نادية الكوكباني (أكاديمية وكاتبة "روائية وقَاصة"): "الإنتاج الأدبي النسوي حاضر وبقوة، لكن دون إنتاج نقدي موازي".
وتضيف لموقع "بلقيس نت": "برزت أسماء كثيرة في فترة الحرب، ويتم الاحتفال بإصدارات في نادي القصة اليمنية، سواء قصة أو رواية، بشكل متواصل، سواء بالقراءات الانطباعية، أو الدراسة الأكاديمية المبسَّطة".
وتتابع: "نحن في مؤسسة حزاوي تلقينا نصوصا في الدورة الثانية (لجائزة السرد اليمني) 60 في المائة كانت لنساء، والمفارقة أن هذا الكم لم يصل إلى التصفيات النهائية، لكن الكتابة والاستمرار في حد ذاتها مؤشر ممتاز".
وأشارت الدكتورة الكوكباني إلى أن "المرأة تواجه صعوبات في إيجاد دُور النشر المتخصصة، وتكاد معدومة مؤخرا، وأيضا صعوبة التواصل مع دُور النشر الخارجية، بالإضافة إلى قلة المشاركة الداخلية أو الخارجية، وأخيرا عدم الاستمرار في الكتابة؛ بسبب الظروف المجتمعية، التي لا تتساوى النساء في مواجهتها للاستمرار، والمضي قُدما كمشروع حياة، أما غياب النقد المتخصص فهو عائق يعاني منه الأدب اليمني عموما".
من جهته، يقول الناقد والباحث الأكاديمي فارس البيل: "هنالك أصوات نسوية مبدعة، لكنها ضمن المشهد الإبداعي والسردي اليمني لا تزال في مرحلة التكوين والنشوء، والبداءة الفنية".
وأوضح البيل أن "هنالك رغبة في قراءة السرد النسوي من فئات المجتمع، والانفتاح عليه، لأسباب مختلفة، لكنه إقبال جيّد بالعموم، بيد أنه ينقص السرد النسوي اليمني ومبدعاته إجادة التقاط القضية والفكرة والحدث، لدى المجتمع اليمني ومجتمع المرأة".
وأشار إلى أن " السرد النسوي ينقصه فنية الخطاب، وبراعة التوجيه ومركزية الرؤية، حيث لا يزال السرد النسوي ينافس الذكوري على قضايا مشاعة وأساليب مستهلكة، وفي إمكان السرد النسوي أن يتفوق على قرينه السرد العام بمراحل كبيرة، لكنه في حاجة إلى اطلاع أوسع من المبدعة، والتسلح بثقافة سردية عالية، واسترشاد كثيف بالنّقد"