تقارير

الحوثيون يحولون طريق دمت - مريس إلى أداة جباية.. وتصاعد المخاوف من تكريس الانفصال الاقتصادي

08/06/2025, 16:25:10
المصدر : خاص

بعد أيام قليلة من الإعلان عن فتح طريق دمت-مريس الحيوي الذي يربط بين عدن وصنعاء، أقدمت ميليشيا الحوثي على استحداث نقطة جمركية جديدة في منطقة دمت بمحافظة الضالع. هذه الخطوة أثارت استياءً واسعاً، واعتُبرت ضربة موجعة للمكاسب الإنسانية المفترضة من إعادة فتح هذا الشريان الحيوي، كما تسببت في موجة من المخاوف بشأن تداعياتها الاقتصادية والإنسانية على المواطنين.

ويؤكد هذا الإجراء أن الميليشيا لا تنظر إلى الطريق من منظور إنساني أو خدمي، بل كأداة لتعزيز مواردها المالية. استحداث جمرك في دمت يعني أن البضائع القادمة من عدن ستخضع لعملية جمركة مزدوجة؛ الأولى في منافذ عدن الرسمية، والثانية في دمت تحت سيطرة الحوثيين. هذا سيؤدي حتماً إلى رفع الكلفة النهائية لأي سلعة تصل إلى الأسواق في مناطق سيطرتهم، مما يضاعف من أعباء المواطن اليمني الذي يواجه أصلاً واقعاً اقتصادياً منهكاً بسبب امتناع الحوثيين عن تسليم رواتب الموظفين وانهيار الخدمات الأساسية.

ترسيم غير معلن للحدود الاقتصادية

وجود نقطة جمركية على طريق داخلي يفترض أنه يربط بين محافظتين في دولة واحدة، يعكس ترسيمًا غير معلن للحدود بين سلطتين. فبدلاً من تسهيل تدفق البضائع وتوحيد السوق الوطنية، تعمل ميليشيا الحوثي على تكريس الانقسام الاقتصادي والإداري، ليصبح عبور الشاحنات من عدن إلى مناطق سيطرتها خاضعاً لإجراءات تقارب تعامل الدول مع بعضها البعض.

تُشير التقديرات إلى أن الإيرادات التي ستدر من جمرك دمت ما هي إلا جزء من شبكة ضخمة من الموارد غير القانونية التي تستولي عليها الميليشيا وتصرفها في الغالب على تسليح المقاتلين وتمويل الحرب الطائفية، دون تخصيص أي جزء منها للوفاء بالتزامات الدولة تجاه المجتمع، مثل دفع الرواتب أو ترميم البنية التحتية. وهذا يؤكد أن الجمرك الجديد هو امتداد لأجندة الحرب وليس خطوة في طريق السلام.

أوضح المحلل السياسي حسن مغلس أن الحوثيين اضطروا لفتح الطرق بعد استهداف ميناء الحديدة، وأنهم يستغلون أي فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية وعسكرية. وأكد أن هذه السرعة في استحداث الجمرك تثير استفهامات حول وجود تراخي من جانب الشرعية، مشيراً إلى أن الحوثي يتعامل بمنطق القوة والجباية. وأضاف أن المجتمع الدولي يدعم الحوثيين، وأن الشرعية متراخية في التعامل معهم. وشدد على ضرورة التعامل مع الحوثي بالقوة، وأن الحل العسكري هو الفيصل.

من جانبه، أشار الدكتور إيهاب القرشي، الخبير في الشؤون الاقتصادية والإنسانية، إلى أن الحوثيين يفرضون الجمارك على الواردات منذ عشر سنوات، وأنهم الآن يوسعون هذه العملية بفتح طرق رئيسية لتعويض احتياجاتهم الملحة بعد تضييق الخناق عليهم في البحر الأحمر. وأضاف أن الشرعية مطالبة باتخاذ موقف حازم والتفاوض بشكل فعال لحماية المواطن من الجباية المزدوجة. ووصف النموذج الاقتصادي للحوثيين بأنه "فاشي وطائفي"، يهدف لاستنزاف مقدرات الشعب اليمني. وشدد على أن المعركة العسكرية هي الفيصل، ولكن لابد من التعامل بالمثل مع الحوثي على المدى القصير لتخفيف المعاناة الإنسانية. وأكد على ضرورة تدخل المجتمع الدولي لحل الأزمة اليمنية.

تساؤلات حول دور الوسطاء وضعف الشرعية

طرح النقاش تساؤلات حول دور الوسطاء المحليين والدوليين الذين رعوا عملية فتح هذا الطريق دون المطالبة بضمانات تمنع تحويله إلى مصدر للجباية. كما تم التشكيك في أسباب التساهل مع ممارسات تكرس الانفصال الاقتصادي كأمر واقع.

حيث وصف الدكتور إيهاب القرشي النموذج الاقتصادي للحوثيين بأنه "فاشي وطائفي"، يهدف لاستنزاف مقدرات الشعب اليمني. وأوضح أن بقاء هذا النموذج يرجع إلى ضعف الطرف الآخر وإخفاقه في تشكيل نموذج قوي يلتف حوله اليمنيون. وشدد على أن المعركة العسكرية هي الفيصل، ولكن لابد من التعامل بالمثل مع الحوثي على المدى القصير لتخفيف المعاناة الإنسانية.

واختتم مغلس حديثه بالدعوة إلى أن تكون الحكومة الشرعية "حكومة حرب" تحشد الجهود لتحرير البلاد، مؤكداً أن الأمل يكمن في المرابطين من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وأن الشعب اليمني لن ينتظر "دلع الشرعية" في ظل ما يعانيه من فقر وانعدام للخدمات.

يبقى السؤال قائماً: إلى متى ستستمر المعاناة الإنسانية غطاءً لتوسيع سلطة الميليشيا على حساب الدولة والمواطن معًا، وما هي الخطوات الفعلية التي ستتخذها الأطراف المعنية لوقف هذا التدهور المستمر؟

 

تقارير

تواطؤ أممي وتحايل حوثي.. كيف تحولت "نوتيكا" إلى منصة لتهريب النفط وتمويل الحرب؟

كانت السفينة «صافر» العائمة قرب سواحل اليمن في البحر الأحمر تُعد قنبلة موقوتة، لكن بفضل الأمم المتحدة، تحولت إلى قنبلتين، وفوق ذلك أصبحت أداة جديدة لتعزيز اقتصاد ميليشيا الحوثي الحربي، ووسيلة لتربّح الموظفين الأمميين، ومحطة لعبور النفط الإيراني والروسي المهرّب.

تقارير

كيف استلهم الحوثيون مساوئ الطائفية في إيران وبعض الدول العربية؟

بعد استكمال سيطرتها على المساجد في المدن الرئيسية وإغلاق مراكز تحفيظ القرآن الكريم فيها، بدأت مليشيا الحوثيين حملة ممنهجة للسيطرة على المساجد وإغلاق مدارس تحفيظ القرآن في المدن الثانوية والأرياف النائية، ويتخلل ذلك حملات قمع وترويع واعتقالات، مثل قتل أحد أبرز معلمي القرآن في محافظة ريمة، الشيخ صالح حنتوس، والسيطرة على عدد من المساجد في بعض أرياف محافظة إب بعد طرد أئمتها أو اعتقالهم، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة في المحافظة ذاتها، وامتداد هذه الحملة إلى محافظة البيضاء، وقد تتسع في الأيام المقبلة لتشمل مناطق أخرى تسيطر عليها المليشيا.

تقارير

سبع سنوات من العجز.. هل تحولت "أونمها" إلى غطاء أممي للحوثيين؟

رغم فشلها الذريع في أداء مهامها طوال أكثر من سبع سنوات، صوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) حتى 28 يناير 2026، ما اعتبره مسؤولون يمنيون ومراقبون بمثابة "شرعنة أممية للعبث الحوثي"، وتكريس لوضع شاذ يخدم المليشيا على حساب المدنيين والدّولة اليمنية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.