تقارير

السيول في صنعاء.. موسم المآسي المتكررة

02/08/2021, 07:29:46
المصدر : كريم حسن

ما إن تهطل الأمطار الموسمية على العاصمة صنعاء، وتبدأ السيول بالتدفق، يستذكر سكان المدينة الأضرار المُريعة التي خلّفتها سيول الموسم السابق، في بعض منازل السكان أو ممتلكاتهم على حدٍ سواء. إذْ تنتهي مواسم الأمطار السنوية وسيولها كالعادة دون اتخاذ الإجراءات اللازمة من جميع السلطات في صنعاء، لمعالجة قضية السيول المُزمنة بالكوارث، والمليئة بالمآسي الموسمية المتكررة.

المهندس الأربعيني "عصام العديني"، يعمل في صندوق 'صيانة الطرق والجسور' في صنعاء، يقول لبلقيس: "المشكلة الرئيسية لكوارث السيول في صنعاء بسبب خروج قنوات تصريف السيول عن مهمّتها، نتيجة إهمال الجهات المختصة لصيانتها باستمرار من عبث المواطنين الذين يرمون النفايات بداخلها"، مشيراً إلا أن قنوات تصريف السيول في العاصمة صنعاء لم تكن مناسبة أو ملائمة، نتيجة سُوء التخطيط الحضري والعمراني للمدينة برمّتها، الأمر الذي يجعل مُعظم أحيائها عُرضة للجرف والغرق بسبب تحويل مجاري السيول الطبيعية إلى مُدن سكنية.

ويضيف العديني لبلقيس: "كثير من المواطنين بنوا في طريق السيول دون معرفة الخطر، والسلطات حينها لم تقمْ باللازم للحدِّ من تضييق مجاري السيول".
ولسيول صنعاء مجرى وحيد يُعرف بـ"السائلة" التي تتوسط المدينة، بامتداد مبتدأه مديرية سنحان (جنوب العاصمة) ومنتهاه منطقة الرحبة (شمال صنعاء)، تستقبل كميات كبيرة من السيول الدافقة من خارج المدينة ومحيطها، إضافة إلى داخلها. لكن الأمر يتطلب تظافر الجهود لفتح قنوات تصريف جديدة، حفاظاً على المدينة العتيقة من الغرق والانهيار، وتأمين منازل المواطنين وممتلكاتهم من خطورة تدفق السيول الكبيرة القادمة من بعيد.

كوارث السيول

تُواجه غالبية الأُسر، التي شيَّدت مساكنها في طريق السيول أو بالقرب من قناة تصريفها، مخاطر الغرق المُحقق، نتيجة تدفق السيول وسُوء الأوضاع المعيشية. المواطن "حميشان" (50 عاماً)، يملك منزلاً شعبياً قريباً من السائلة في منطقة 'الحثيلي'. يقول ساخراً لبلقيس: "هنا كلنا في مواجهة حقيقية مع كوارث سيول الأمطار، وكوارث مليشيات الحوثي التي تنهبنا فلوس ولا تتحمّل مسؤولياتها تجاه الساكنين".

وتتهدم بعض أسطح المباني الشعبية خلال موسم الأمطار، إذ تتخلّى سلطات المليشيات الانقلابية عن القيام بأي دور لإنقاذ حياة السكان، من صيانة المساكن المتضررة أو تعويض مُلاكها، ما جعلهم يعتركون مع الكوارث.
ونظراً لعدم وجود مجاري مناسبة للسيول في صنعاء، تصبح ممتلكات الناس ومنازلهم عُرضة لكوارث السيول. المواطن قاسم الحبيشي (53 عاماً)، يملك محلاً لبيع الخضروات في أحد الأسواق الشعبية بصنعاء، يقول لبلقيس: "دائماً، ونحن نواجه مشكلة السيول التي تمرُّ من وسط السوق سنوياً، والجماعة يتجاهلون صيانة الأضرار".

إذْ تتحول مواسم الأمطار إلى كوارث على المواطن وممتلكاته، نتيجة تدفق كميات كبيرة من السيول دون توفير قنوات تصريف مناسبة وعدم صيانة مجاريها.
ويقابل تخلِّي الجهات المعنية عن واجباتها عجزاً كبيراً وعدم مقدرة المواطنين على مواجهة كوارث السيول بسبب سُوء أوضاعهم المعيشية الأكثر كارثية.

كوارث متعددة

غالباً ما يتعرّض سكان المناطق الواقعة في طريق السيول أو بالقرب منها لخسائر كبيرة في الممتلكات، وهذا ما أكده المهندس العديني لبلقيس: "معظم المتضررين من كوارث السيول في صنعاء، هم الذين بنوا منازلهم في طريق السيول أو بالقرب من مجاريها".

حيث تتعدد الكوارث التي تخلّفها غزارة الأمطار وتدفق السيول من انهيار المباني أو سقوط أجزاء منها، خصوصاً في صنعاء القديمة، نظراً لقِدم المباني التي أصبحت متهالكة ولم تخضعْ للصيانة الدَّورية اللازمة من الجهات المهنية، باعتبارها إرثاً إنسانياً وتاريخياً. الخبير في هيئة الأرصاد والطقس -تحفّظ عن ذِكر اسمه لأسباب أمنية- يقول لبلقيس: "نحن نقوم برصد حالات الطقس فقط، ونعمل على تنبيه الناس لأخذ احتياطاتهم اللازمة من خطورة غزارة الأمطار وكثافة سيولها".

حيث تتعرّض عدد من المحافظات اليمنية، بما فيها صنعاء، لمُنخفض جوي مصحوب بأمطار غزيرة، وعواصف رعدية، ورياح شديدة، ستتسبب بأضرار فادحة في البنية التحتية والممتلكات.
وتتنوع كوارث موسم الأمطار، من ضحايا العواصف الرعدية، وخسارة الممتلكات الخاصة والعامة، إضافةً إلى تدمير البنى التحتية للمُدن، والغرق وقطع الطرقات، دون أن تتحرّك الجهات المعنية لإنقاذ المواطن. بينما تبقى الكارثة الأكبر في عدم الاستغلال الملائم والأنسب لمياه الأمطار المتمثلة بالسيول، عبر حجزها، لتغذية المياه الجوفية للعاصمة صنعاء، التي تعاني نقصاً حاداً في كمية المياه.

يقول العديني لبلقيس: "تذهب بلا فائدة، وصنعاء بحاجة ماسّة لتلك الكمية الكبيرة من السيول".
بسبب فساد السلطات المتعاقبة على الحكم في صنعاء، وتدفق السيول، تتعاظم أضرار المواطنين، وسط غياب تام للجهات المعنية، حتى عن عملية رصد حجم الأضرار وحصرها، خشية تحمّلها المسؤوليات القانونية من معالجة الضرر أو تعويض المتضررين من كوارث السيول في العاصمة المحتلة من قِبل المليشيات الانقلابية.

تقارير

مخيمات النزوح في مأرب.. إهمال حكومي وكوارث متكررة

يعيش ملايين النازحين في محافظة مأرب ظروفا إنسانية كارثية تتفاقم مع مرور الوقت، وتهدد حياتهم بشكل مباشر، ومن أوجه المعاناة أن العديد من الأسر النازحة تضطر إلى العيش في خيام متلاصقة، مما يشكّل بيئة خصبة لانتشار الحرائق والأوبئة.

تقارير

ما مستقبل الأزمة اليمنية بعد 10 أعوام من محاولة جلب الحل السياسي الشامل؟

الأمم المتحدة، وعبر مبعوثيها المرسلين إلى اليمن، لم تستطع، حتى الآن، إيجاد خريطة طريق للحل، ووقف إطلاق النار، وجعل مسار المفاوضات ممكنا، وسط تقارير تشير إلى تخاذلها وغض الطرف عن تصرفات مليشيا الحوثي العابثة منذ سنوات.

تقارير

" أهالي وأسر المختطفين في سجون الحوثي".. عِيد بأجواء حزينة

لحظات عِيدية كئيبة تمتزج بنوبات البكاء ومرارة التغييب، خالية من أي مظاهر احتفاء رمزيه بالمناسبة البهيجة، تقضيها أسر وأبناء وأقارب المعتقلين، حسرةً على أحبائهم الذين يقبعون في زنازين مليشيا الحوثي الكهنوتية دون وجه حق.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.