تقارير

"العيادات المتنقلة".. أمل النازحين الوحيد للحصول على الدواء في اليمن

30/11/2024, 13:01:49
المصدر : قناة بلقيس - خاص

تركت المنظمات الداعمة للقطاع الصحي في اليمن فجوة واسعة بعد إيقاف دعمها، منذ مطلع العام الجاري، حيث أغلقت على إثرها عشرات المراكز الصحية والعيادات والأقسام، التي كانت تقدّم للنازحين في مخيمات الشتات، دواءً ينقذ حياتهم، لاسيما الأطفال والنساء، لكن بديل وإن كان غير مجدٍ بات الأمل الوحيد، الذي يعلق النازحون آمالهم فيه خاصة مع دخول موسم البرد، الذي تصاحبه الأمراض المتعددة.

أغلق أحمد الاعذل أبواب المركز الصحي، الذي عمل مديرا له في مخيم النازحين في صحراء شرق مأرب، وذهب وراء لقمة عيش يجنيها من عمله الصحي في تقديم الخدمة الطبية لمحتاجيها، الذين يتزايدون كل يوم في مخيمات النازحين بمحافظة مأرب.

 يقول الأعذل لموقع "بلقيس": "الوحدة الصحية، التي كلفت منظمة الصحة العالمية لإنشائها 16 ألف دولار، أغلقت، بعد ثلاثة أشهر فقط من افتتاحها، بعد أن أوقفت المنظمة تمويلها للمركز، وعدم قدرة مكتب الصحة على تغطية احتياجات استمرارها ليلتحق الأعذل ضمن فريق عيادة متنقلة في مخيم السميا، وتوزيع الأدوية كل يوم في مربع داخل المخيم".

"المركز الصحي، خلال الثلاثة الأشهر، كان يغطي كافة احتياجات النازحين، البالغ عددهم أكثر من 20 ألفا، وكان المركز يستقبل المرضى طوال اليوم" يقول الأعذل.

وأشار إلى أن "ما تقدمه فِرق العيادات المتنقلة لا يساوي جزءا بسيطا من الخدمة ذاتها، التي تقدمها المراكز الصحية الثابتة".

وأضاف: "المراكز المتنقلة لا تعمل سوى ثلاث ساعات باليوم، ثم تغادر، بالإضافة إلى أن الفِرق تتنقل كل يوم في مكان داخل المخيم".

وتابع: "هذا لا يلبّي في أي وقت احتاج النازح للعلاج، المرض لا يمكنه الانتظار حتى تأتي العيادة المتنقلة".

واستدرك: "العيادات المتنقلة أوجدت كبديل طارئ، وأمل أخير يمكن أن يتوفر بعد انقطاع كل السبل أمام استمرار المراكز الصحة، التي هي شحيحة في الوقت ذاته، وليست متوفرة في كل مخيم".

ويرى أن "العيادات المتنقلة باتت الأمل الوحيد اليوم للنازحين في المخيم، وخاصة خلال فصل الشتاء، الذي يصاحبه أمراض موسمية كثيرة؛ تصيب الاطفال والنساء وكبار السن، بشكل خاص".

- العيش مع الألم  

من جهته، يقول شرف دهمش -مشرف عيادة متنقلة تتبع منظمة الهجرة الدولية في مخيم "الحمة" للنازحين": "العيادة المتنقلة، التي تعمل منذ شهر في عدد من مخيمات النازحين في صحراء شرق مأرب باتت اليوم أملا كبيرا ووحيدا للنازحين غير القادرين على شراء الأدوية، والانتقال إلى المستشفيات البعيدة، في ظل افتقار المخيمات للعيادات الثابتة".

وأوضح: "النازحون لا يستطيعون تحمل تكلفة النقل إلى المرافق الصحية في مدينة مأرب، ويفضلون العيش مع الألم؛ لأنهم لا يستطيعون تحمّل تكاليف الذهاب إلى المستشفى، في الوقت الذي تشهد المستشفيات الحكومية فيه ازدحاما شديدا، وأيضا قلة في الإمكانات تشهدها المحافظة ككل".

ويشير دهمش إلى أن "الأمراض المنتشرة، التي تصاحب فصل الشتاء، تحتاج إلى تكاتف عدة جهات"، مؤكدا إلى أن "العيادة المتنقلة، التي يشرف عليها، تقدّم الأدوية لعدد من النازحين المرضى كل يوم بشكل مستمر في مختلف مربعات المخيمات القريبة من بعض شرق مأرب".

وبيّن: "ما تقدمه العيادات المتنقلة تخفف من الضغط المتزايد على المراكز الصحية الحكومية في المدينة".

- أمراض مصاحبة للشتاء

وقال: "العيادة المتنقلة تقدم أدوية لمرضى سوء التغذية للأطفال والنساء، وكذا تقدم اللقاحات للأطفال، بالإضافة إلى أدوية أخرى تُخصص لأمراض البرد والإسهالات، وذلك ضمن خطة يومية في مربعات المخيمات".

وأضاف: "هناك ارتفاع متزايد في أمراض نزلات البرد، وكذا سوء التغذية والإسهالات؛ وذلك ما يواجهه الفريق الطبي، خلال الأشهر الماضية، في مختلف المخيمات، التي تزورها العيادة المتنقلة، فيما الأمراض المزمنة، أو إجراء فحوصات، أو أدوية سريرية غير متوفرة، ولا يقدمها الفريق".

- نتيجة مفزعة

تقول الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن (حكومي) -في تقرير الاحتياجات السنوية- إن 69% من مخيمات النازحين في البلاد لا تصل إليها العيادات المتنقلة، بالإضافة إلى أنها مخيمات تفتقر إلى المراكز الصحية الثابتة.

وأضافت: "70% من النساء الحوامل في اليمن، البالغ عددهن نحو مليون امرأة، متوقع أن يولدن، خلال العام الجاري 2023، لا يحصلن على الرعاية الصحية الهامة، كما أن 71% من إجمالي النازحين في اليمن، البالغ عددهم أكثر من أربعة ملايين نازح، لا يحصلون على الرعاية الصحية".

من جهته، يقول صندوق الأمم المتحدة للسكان -في تقرير (نشره مطلع العام الجاري)- إن النظام الصحي في اليمن "منهار"، في وقت يفتقر فيه نحو 20,3 مليون مواطن يمني إلى الخدمات الصحية الأساسية.

وأضاف: "أقل من نصف المستشفيات فقط في اليمن تعمل، وأن 11 % من المستشفيات تعاني من الدمار الكلي أو الجزئي؛ نتيجة الحرب في البلاد".

وبحسب التقرير، يأتي ذلك في ظل نقص حاد في الأدوية والإمدادات الطبية الأساسية والطواقم المتخصصة؛ ويقدم واحد فقط من كل خمسة مرافق صحية خدمات الأمومة والطفولة الصحية، و19 من 22 محافظة يمنية تعاني من نقص حاد في أسِرّة الأمومة والطفولة، التي يتوفر فيها فقط ستة أسِرة لكل 10 آلاف شخص.

- حل سريع

من جهته، يقول ممثل منظمة الهجرة الدولية في محافظة مأرب، هيثم الأغبري: "العيادات المتنقلة تأتي بمثابة حل سريع للعدد المتزايد من النازحين، والمواطنين المتضررين بشدة من النزاع".

وأضاف: "العيادات المتنقلة تعمل على تلبية الاحتياجات الطبية للنازحين المقيمين في المخيمات والمناطق النائية؛ حيث تقدم خدمات التطعيم وخدمات الصحة الإنجابية، والرعاية قبل الولادة، وخدمات التغذية العلاجية للأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية".

ووصف الأغبري دور العيادات المتنقلة في محافظة مأرب يمثّل "شريان حياة للنازحين".

- الموانع الوصول

تقول منظمة أطباء بلا حدود: "غالبا ما تمنع الطرق المحاصرة والظروف المالية الناس من الوصول إلى الرعاية الصحية في الوقت المناسب".

وأضافت -في تقرير لها (نُشر في منتصف أغسطس)-: "أزمة الوقود والتضخم، وارتفاع تكلفة النقل، وسوء الظروف المعيشية، تجعل من الصعب الحصول على الرعاية، وخاصة للأسر الضعيفة في اليمن".

وأوضحت: "النظام الصحي في اليمن قد انهار تقريبًا، وأن 51 بالمائة فقط من المرافق الصحية تعتبر عاملة بكامل طاقتها، فيما تفتقر معظم المرافق الصحية إلى الموظفين، والمعدات العاملة، والإمدادات الطبية الأساسية".

واعتبارا من يناير 2023، قررت مجموعة الصحة التابعة للأمم المتحدة خفض توفير الإمدادات الصحية، بما في ذلك الأجور للعاملين في مجال الصحة في اليمن، بنسبة 60%؛ وأرجعت ذلك إلى انخفاض التمويل للبلاد.

بدورها؛ قالت منظمة أطباء بلا حدود: "ذلك القرار سيؤثر على قدرة الهياكل الصحية على الاحتفاظ بموظفيها، وعلى توفّر الموظفين المتخصصين العاملين في المناطق النائية".

تقارير

شبح الحوادث المرورية يطارد أرواح المغتربين اليمنيين في السعودية

"كالمستجير من الرمضاء بالنار"، مثل شعبي يضرب على شخص يعدل عن أمر فيه مشقة عليه أو خطر إلى ما هو أسوأ، وهو يكاد يلخص حالة اليمني الذي هاجر بلاده إلى بلد الاغتراب بحثاً عن فرصة عيش أفضل ويتمكن من إعالة أسرته التي غادرها مُكرهًا، ليلقى حتفه ويفارق الحياة بـ"حادث مروري" وتحيل حياة أسرته إلى "جحيم" بفقدان المعيل.

تقارير

مأساة زراعة الألغام في اليمن.. كارثة إنسانية تهدد حياة ومستقبل الملايين

يشهد اليمن منذ سنوات مأساة إنسانية تتفاقم مع استمرار الصراع، حيث أصبحت زراعة الألغام واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه السكان المدنيين. تعد الألغام الأرضية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار قنابل موقوتة تهدد حياة الأبرياء، وتعوق عودة النازحين، وتحرم المجتمعات من الاستقرار والتنمية.

تقارير

حروب بلا مكاسب.. الحوثيون والثمن الباهظ للتبعية لإيران

صعّدت دولة الاحتلال الإسرائيلي من هجماتها على مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل تصاعد التهديدات التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون متوعدين الحوثيين بدفع ثمن باهظ ردا على هجماتهم على الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي المقابل، يستمر الحوثيون في شن هجماتهم، مدفوعين بعدم تأثرهم بشكل كبير بهجمات إسرائيل، كما أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين حول صعوبة الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة عن الحوثيين وغياب شبكات مخابرات إسرائيلية في اليمن، عززت من ثقة الحوثيين ودفعهم لمواصلة استهداف إسرائيل.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.