تقارير

"المحسوبية أو التلف".. مصير المساعدات الطبية المجانية في زمن الحوثي

17/10/2024, 16:12:30
المصدر : خاص - كريم حسن

تتلاعب سلطات مليشيا الحوثي الصحية بعملية صرف الحصص الدوائية المجانية للمصابين بأمراض مُزمنة، التي تتسلمها -منذ سنوات- كمعونات علاجية طارئة، من منظمات صحية دولية تدعم القطاع الطبَّي في اليمن.

وتستخدم سياسة توزيع تلك الأصناف بصورة انتقائية، وفقاً لمعاييرها الخاصة القائمة على اعتبارات ولاء المستفيدين للجماعة، فيما أعداد كبيرة من المرضى يتم حرمانهم من الجرعات العلاجية اللازمة، برغم الكميات الهائلة المتوفرة بالمخازن المركزية، التابعة لوزارة الصحة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، التي عادةً ما يكون مصيرها التلف والانتهاء في مستودعات تخزينها، كعقاب جماعي للمرضى غير المحسوبين على المليشيا، ولم يدينوا لها بالولاء، أو أحد من أقاربهم.

- أولويات حوثية للصرف

مئات الأطنان من المستلزمات العلاجية والوقائية والطبية قدّمتها منظمة الصحة العالمية ومنظمات أممية أخرى لمساعدة القطاع الصحي في كافة مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، تحتوي على شحنات دوائية متنوّعة بغرض مساعدة الشعب اليمني، الذي يعيش أوضاعا صحية مأساوية؛ نتيجة الحرب والنزاعات الدائرة في البلاد.



يقول عدد من المصابين بأمراض مُزمنة -كداء السكر، الفشل الكلوي، الأورام وغيرها- لموقع بلقيس: "عملية الصرف المجاني للدواء تكون للمحسوبين على الجماعة، أو لأقاربهم".

وأضافوا: "إجراءات توزيع أدوية الأمراض المزمنة بمزاجية الحوثيين، وحسب تصنيف تبعية المرضى، أحياناً يصرفوا جرعة للمصابين بالسكر، أو بالفشل الكلوي، أو بأمراض مُزمنة، يتحكموا بالمريض، ولم يصرفوا له الجرعات الكافية".

بناءً على أولويات لم تكشف عنها الجماعة، في آلية توزيع العلاج المجاني على المصابين، تبرز معايير مختلفة في عملية الصرف طبقاً لمحددات خاصة بالمليشيا.

يقول أحد المصادر الطبية في وزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء -فضَّل عدم الكشف عن هويته- مرتبط عملياً بإجراءات صرف الأصناف الدوائية المجانية، لموقع "بلقيس": "هناك أولوية في صرف الأدوية مجاناً، تشمل المرضى المقربين للجماعة، أقارب الجرحى وأسر الشهداء، جميع المصابين ممن لهم ارتباطات بالحوثي، نحن في المخازن المركزية بوزارة الصحة نوزِّع شحنات الدواء المقدّمة من منظمات دولية للمستشفيات في صنعاء، وكذلك بعض المحافظات، لكن الخلل في عملية الصرف تتم هناك".

وأضاف: "كثير من الأدوية، التي تحصل عليها الوزارة مجاناً، من الأصناف ذات الجودة الممتازة، أسعارها مرتفعة جداً، وغير متوفرة في الأسواق، تأتي كمساعدات للقطاع الصحي المنهار، لكن التلاعب والمتاجرة تحدث بسبب لوبي الفساد".

- غياب رقابي

لا يستفيد معظم اليمنيين المصابين بأمراض مزمنة من تلك المساعدات العلاجية المجانية القادمة بهدف تخفيف أوجاعهم، في ظل سيطرة مليشيا الحوثي على عملية صرفها بالتحايل والخداع، منذ استقبالها وإيداعها في مخازن الوزارة.



 يقول الناشط الصحي، فهيم الطلبي، مؤكدا لموقع بلقيس: "الحوثيون يستخدمون التمويه على فِرق المنظمات الطبية الدولية بأن يباشروا استلام الأدوية لإيصالها إلى مخازن الوزارة، حتى يقوموا بتوزيعها على المراكز والمستشفيات المستهدفة، في مختلف المناطق والمدن اليمنية، وتحقيق الاستفادة للمصابين بأمراض مزمنة، لكن لا توجد رقابة على إجراءات التوزيع والصرف، بعضها يُباع من المخازن إلى السوق، وما تبقى ينتهي داخل المخازن".

بينما يعاني عشرات الآلاف من المصابين أوجاع المرض وبؤس وقسوة ظروف العيش، إذ تحولوا -خلال مرحلة الصراع- إلى ضحايا الأطماع المتسلطة، التي تهتف بمعاناتهم، من أجل المتاجرة والتكسب من جحيم مأساتهم.

يقول "عابد عبد الله" -مريض بفشل كلوي- لموقع "بلقيس": "قضيت أكثر من أسبوعين رقود في قسم الكلى بمستشفى الثورة، لم أحصل حتى على حقنة علاج مجانية، كل الأدوية كنت أشتريها من الصيدليات الخارجية، جرعات الغسيل الكلوي لم تصرف لأي مريض، هذا المستشفى حق الدولة وليس خصوصي، لكن لو تريد أي خدمة أو علاج لازم تدفع من جيبك".



بانعدام المسؤولية وغياب الجانب الرقابي، يواجه المرضى تجارب مريرة، بدءاً من طوارئ الاستقبال إلى البحث عن وصفة طبية ملائمة، حتى صيدليات المشافي التي حولت العلاجات المجانية إلى مجالاً للمتاجرة والربح من معاناة المرضى الأليمة.

يقول الصيدلاني مصطفى الصلوي لموقع "بلقيس": "انهيار القطاع الصحي خلفه حالة تواطؤ كبيرة، المنظمات الطبية التي تقدم أدوية مجانية تغض بصرها عن الجماعة، لا رقابة ولا أداء حقيقي لتوزيعه على المستحقين من المرضى".

بينما يشهد القطاع الطبي اليمني انهياراً غير مسبوق على كافة الأصعدة، استفادت الجماعة من شحنات الأدوية المجانية، وحوّلتها إلى مصدر تمويل لأنشطة مخالفة؛ هدفها الاستثمار أو التخريب فحسب.

تقارير

تدهور مريع وعدّة سيناريوهات.. ما وراء انهيار العملة المحلية؟

دعا مجلس إدارة البنك المركزي في عدن الحكومة إلى إعادة النظر في السياسات المالية في مجال تحصيل الموارد العامة، وتخطيط الإنفاق وفقا للأولويات؛ من خلال اعتماد موازنة واقعية، مطالبا مجلس القيادة بدعمه ومساندته للقيام بواجباته باستقلالية ومهنية.

تقارير

تهاوي الريال اليمني.. ما سبب تعثر الإصلاحات الاقتصادية؟

يشهد اليمن أزمة اقتصادية خانقة، إذ يعيش اليمنيون اليوم مأساة انهيار عملتهم الوطنية، حيث تجاوز الدولار حاجز الـ2000 ريال؛ مسجلا أعلى انهيارا له في ظل تخبّط حكومي، وعجز عن إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتشابكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.