تقارير

المحطات العشوائية.. متى ستُبعد من بين الأحياء السكنية؟!!

01/08/2021, 07:10:02
المصدر : بلقيس - هشام سرحان

تنتاب الشاب سامي مهدي (32 عاماً) مخاوف شديدة من محطة الغاز العشوائية المجاورة لمنزله، الواقع وسط مدينة تعز، ويرجعها إلى كونها غير مُرخصة ومخالفة للمواصفات ومعايير السلامة، ومفتقرة لأبسط مستلزمات الإطفاء، ما يجعله يخشى احتراقها أو انفجارها، والخسائر البشرية التي ستطال عمّال المحطة والزبائن والمارّة وسكان الحي، فضلاً عن المادية التي ستلحق بالمنازل والمحلات المجاورة. 

يرى في محطات الغاز المنتشرة في الشوارع والحارات والأحياء السكنية مصدراً للموت العشوائي والإصابات والتشوّهات والخراب والنيران، التي تلتهم المساكن والمتاجر المجاورة، وهي صورة تكوّنت في مخيّلته جراء الحوادث المتواترة التي شهدتها محطات مشابهة داخل المدينة وخارجها. 

يذكر مهدي لموقع "بلقيس" أن "محطات الغاز العشوائية قنابل موقوتة، وخطر يهدد أرواحنا وممتلكاتنا، ويثير في أنفسنا الرُّعب، خصوصاً مع تزايد أعدادها، وتعرّض بعضها للانفجار أو الحريق". 

لا يقتصر تواجد تلك المحطات على المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثيين، ففي مدينة تعز الخاصعة لسيطرة الحكومة الشرعية تنتشر عشرات المحطات، منها 5 تقريباً في منطقة 'الحصب' وحدها، إلى جانب قرابة 30 محطة موزَّعة على كلٍ من شارع 'جمال' و'26 سبتمبر' و'التحرير'، حسب إحصائية غير رسمية. 

يرجع مهتمون تكاثرها إلى استمرار الحرب، وتفشّي الفوضى، وغياب الرقابة، وغلاء أسعار الغاز وأزماته المتواترة، وتزايد نسبة الاحتياج له، ولجوء أصحاب وسائل النّقل والمواصلات إلى تشغيلها باستخدام الغاز، الأمر الذي راق للكثيرين ودفعهم إلى إنشاء محطات مخالفة لبيع هذه المادة، وذلك على حساب المخاطرة بأرواح وممتلكات الآخرين. 

تعمل معظمها دون تراخيص رسمية، طبقاً لروايات متطابقة. ويوضح عامل في إحدى المحطات، دون أن يدلي باسمه: "محطتنا تعمل منذ أكثر من عامين دون ترخيص، فالدنيا حرب، ومعظم محطات المدينة بلا تصاريح". 

محطات مخالفة 

يستشعر هذا العامل، المفتقر لوسائل السلامة، الخطر، ويُقر أن بيئة عمله غير مأمونة، فقد تشتعل النيران في المحطة إما بماسٍ كهربائي، أو أعيرةٍ نارية، أو شرارت قادمة من الورشة المجاورة، ما قد يتسبب بانفجارها، ويخلّف كارثة كبيرة، حد تعبيره. 

لا يأخذ مالكو المحطات في الاعتبار سلامة العمّال والمواطنين، ويهرعون نحو إنشاء محطات هشّة، وحشرها في دكاكين، وأحواش، وأرصفة، أو لصقها بجوار محلات ومبانٍ سكنية، وورش، و ثأماكن مكشوفة تتعرّض فيها لحرارة الشمس، والرّياح، وعوامل أخرى قد تتسبب في احتراقها. 

تعددت حوادث محطات الغاز، ففي الخامس من مايو الماضي ارتفعت ألسِنة النيران عدّة أمتار، جراء نُشوب حريق في محطة غاز عشوائية بالشارع الرئيسي للحوبان شرقي تعز، أعقبته سلسلة انفجارات عنيفة، أثارت الذُّعر في أوساط السكان. 

وقالت مصادر محلية لموقع "بلقيس": "إن الحادثة أسفرت عن إصابة عاملين في المحطة إلى جانب آخرين، كما خلّفت خسائر مادية كبيرة، إذ التهمت نيرانها عدّة سيارات ومحلا تجاريا مجاورا إلى جانب ستة منازل تعود لمهمّشين، كما ألحق انفجار خزانها والاسطوانات الموجودة فيها أضراراً متفاوتة على المباني المجاورة، التي تصدّعت وتساقط زجاج نوافذها. 

تتباين أسباب الحوادث، فمحطة '22 مايو'، التابعة لأحد تُجار السوق السوداء في منطقة 'الحوبان' الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثيين، انفجرت أيضاً إثر قٍيام أحد عمّالها بتدفِئة صهريجها الذي تجمّد فيه الغاز، كي يفرغ ما تبقّى منه. 

مصادر صحفية أشارت إلى أن هذه الحادثة الثانية من نوعها في المنطقة ذاتها، وقد أسفرت عن إصابة مواطنين اثنين بإصابات بليغة، كما ألحقت دماراً كبيراً بمحيطها، وخلّفت خسائر مادية كبيرة في المحلات المجاورة.   

تواطؤ رسمي 

مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة السلطة الشرعية شهدت، خلال أوقات متفرّقة، حوادث مشابهة، إذْ أدّى احتراق محطة 'اللجينات'، في منتصف العام 2020، إلى إصابة عاملين بحروق بليغة وتشوّهات متفرّقة في أجسادهم، كما تعرّض عدد من المارّة المدنيين لإصابات طفيفة، وتضرر عدد من المحلات والمنازل المجاورة. 

يرجع فائز محمد (29 عاماً)، أحد سكّان الحي، في حديثه لموقع "بلقيس"، الحادثة إلى تسرّب الغاز أثناء التعبئة إلى جوار مولد الكهرباء التابع للمحطة، فلمعت شرارة، اندلع على إثرها حريق هائل، وتصاعدت ألسِنة اللّهب عالياً، ما أفزع السكان المحيطين بها. 

إلى ذلك، احترقت، في يوليو الماضي، إحدى المحطات غير المرخصة في حي 'الضبوعة' وسط مدينة تعز، سارع الأهالي لإخماد الحريق، ما حال دون انفجارها. وتوسّع نيرانها، وحدَّ من مخاطرها على 

سكان المنطقة، بمن فيهم الشاب محمد علي (32 عاماً)، الذي أشار إلى أن المحطة تعود ملكيّتها لأحد العناصر الأمنية، الذي بادر إلى تفكيكها في جنح الليل، كي يمحو آثارها، ولا يترك فرصة لتصويرها أو الحديث عنها. 

يرفض مالكو محطات الغاز العشوائية في مدينة تعز الانصياع للأوامر والقرارات القاضية بإغلاقها، إذ يعاودون العمل فور إغلاقها، ما يُفصح عن وجود  تواطؤ رسمي، وغياب ملحوظ للسلطات المحلية، التي لم تتخذ موقفاً حازماً تجاه المحطات المخالفة، طبقاً لمصدر مسؤول. 

وذكر المصدر أن حل هذه الظاهرة "يتطلب إنهاء أزمة الغاز، وتغطية حاجة المدينة اليومي منه، حتى لا يلجأ المواطنون لتلك المحطات، إلى جانب تخصيص محطتين في مناطق بعيدة عن المدينة، لتزويد وسائل النّقل بالغاز".

تقارير

معادلة السلام والحرب.. عودة للمسار السياسي وخفض التصعيد في البحر

يشير الواقع إلى أن مليشيا الحوثي، التي عطلت مسار جهود الحلول الأممية، خلال السنوات الماضية، وفق تصريحات الحكومة المتكررة، لا تمانع الآن من الدخول في تسوية محدودة مع السعودية، تسد حاجتها المالية والاقتصادية، وتخفف من أزمتها الداخلية.

تقارير

صفقة سعودية حوثية.. ترتيبات متقدمة وتحذيرات من النتائج

تتسارع الخطى نحو وضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق الأممية، التي تحمل في مضمونها تفاهما وتقاربا حوثيا - سعوديا، لم يكن يتوقعه أحد، لا سيما إن استعدنا شريط الذكريات للعام الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم، وتهديد الطرفين بالقضاء على الآخر، إذ تعهد الأول بإعادة الشرعية إلى صنعاء، فيما توعد الآخر بالحج ببندقيته في مكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.