تقارير
بعد أشهر من التوقف.. هل تنجح محاولات الحكومة في احتواء إضراب المعلمين واستئناف العملية التعليمية؟
“لا يمكنني العودة إلى الفصل الدراسي وأطفالي يواجهون الجوع، فيما راتبي لا يكفي حتى لسد احتياجات أسرتي الأساسية”، يقول المعلم عبد الله أحمد، الذي أمضى أكثر من 25 عامًا في سلك التعليم، لكنه اليوم، وبعد أربعة أشهر من الإضراب، يشعر بأن الوعود الحكومية لم تعد تعني شيئًا بالنسبة له.
عبد الله واحد من آلاف المعلمين اليمنيين المضربين عن العمل، احتجاجًا على تدني الرواتب في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، وسط أزمة اقتصادية متفاقمة تعصف بالبلاد، وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة احتواء الأزمة، تصر نقابة المعلمين على استمرار الإضراب حتى تنفيذ المطالب، ما يجعل مستقبل العام الدراسي بأكمله في مهب الريح.
يسعى رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، إلى إنهاء الإضراب عبر لقاءات مع المسؤولين في وزارتي التربية والتعليم العالي، بهدف التوصل إلى حلول تضمن استئناف العملية التعليمية.
وأكد بن مبارك خلال اجتماع عقده في عدن، أن الحكومة تعمل على “تحسين ظروف المعلمين”، مشددًا على ضرورة استئناف الدراسة والاستعداد للامتحانات باعتبارها “حقًا للطلاب وواجبًا وطنيًا”.
ووجه رئيس الوزراء بتشكيل لجان فنية من وزارة التربية والتعليم ومحافظة عدن، لاقتراح حلول لاستكمال المناهج، والرفع بنتائج تلك المقترحات لاعتمادها، في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة.
لكن نقابة المعلمين سارعت إلى رفض هذه التحركات، مؤكدة أن المعلمين لن يعودوا إلى الفصول الدراسية ما لم يتم تنفيذ المطالب كاملة، وأبرزها زيادة الرواتب بما يتناسب مع الغلاء المعيشي، وصرف العلاوات المتأخرة، وإيجاد ضمانات لاستدامة التحسينات المالية.
بحسب بيانات نقابية، فإن متوسط راتب المعلم الحكومي في اليمن لا يتجاوز (حوالي 30 دولارًا)، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية في ظل تضخم كبير وارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال السنوات الأخيرة.
وتشير تقارير رسمية إلى أن أكثر من 170 ألف معلم تأثروا بالأزمة الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية للريال، فيما يواجه 4.5 مليون طالب خطر فقدان عام دراسي كامل إذا استمر الإضراب.
وفي الجامعات الحكومية، الوضع لا يختلف كثيرًا، إذ يواصل أعضاء هيئة التدريس في عدة جامعات احتجاجاتهم للمطالبة بتحسين الأجور، ما أدى إلى تأخير العملية التعليمية وتأجيل الامتحانات في بعض الكليات.
يعتقد مراقبون أن الحكومة تواجه تحديًا صعبًا، إذ إن الإضراب يأتي في سياق أزمة اقتصادية خانقة، وغياب موارد كافية لتمويل أي زيادات كبيرة في رواتب المعلمين.
ومع ذلك، فإن استمرار الإضراب قد يدفع الحكومة إلى تقديم بعض التنازلات، خاصة مع اقتراب موعد الامتحانات وتصاعد الضغوط من الأهالي والطلاب.
في المقابل، يرى المعلمون أن الحكومة لا تملك خيارًا سوى تنفيذ وعودها، وإلا فإن الأزمة ستتفاقم، وربما تمتد الاحتجاجات إلى قطاعات أخرى.
وبين شد وجذب، يبقى السؤال: هل تنجح الحكومة في إنهاء الإضراب، أم أن العملية التعليمية ستظل رهينة المجهول؟