بعد عقد من نكبة 21 سبتمبر.. تقييم سنوات الانقلاب ودور النخبة اليمنية

عشر سنوات منذ الانقلاب على الحكومة، وإسقاط الدولة في صنعاء، عشية الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، يكتمل بها عقد من الكوارث والأزمات المتتالية، ووحده الشعب يدفع الثمن على مرأى كل الأطراف.  

أودى الانقلاب، الذي نفذه تحالف مليشيا الحوثي والرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح، بالبلاد إلى هاوية سحيقة أسفرت عن ملايين الضحايا بين قتيل وجريح ومعاق ونازح، فضلا عن المختطفين والمخفيين قسرا، وقبلهم مئات الآلاف من المحرومين من رواتبهم.  

دولة تداعت بمصالحها ومؤسساتها ونال الجميع من مواردها، وانتهكوا سيادتها، وعلى الأطلال تقف النخب السياسية والعسكرية في انتظار التعليمات من الأطراف الراعية او الداعمة.  

- مأساة إنسانية  

يقول الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور عبد الوهاب التويتي: "النخبة اليمنية موجودة ولا زالت تكافح وتناضل بالكلمة وبالقلم، وما زالت تدعو الشعب اليمني إلى أن يصحو من هذه الكارثة التي حلت به بسبب انقلاب مليشيات الحوثي، التي أدت إلى مأساة إنسانية واسعة النطاق، وأعاقت التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد، وزعزعت الاستقرار، وأطالت الحرب، وأضعفت الحكومة الشرعية، وقوضت السلطة المركزية".  

وأضاف: "لا بُد للشعب اليمني أن يعرف أن هذا الانقلاب كان سببا في ظهور جماعات مسلحة متعددة، وفكك النسيج الاجتماعي، وأدى إلى تقوية النفوذ الإيراني في اليمن".  

وتابع: "وفي الجانب الاقتصادي، تسبب الانقلاب الحوثي في تدمير البنية التحتية الاقتصادية، ما أدى إلى خسائر بمليارات الدولارات، وتفاقم الفقر والبطالة إلى انخفاض الاستثمارات وهروب رأس المال المحلي، وإلى النقص الحاد في السلع الاستهلاكية، ما يعكس سوء التغذية على المجتمع؛ على المرأة وعلى الطفل، وهذا خطر سيؤدي إلى نتيجة مجتمع هزيل جدا".  

وأردف: "يجب على الشعب اليمني أن يعرف أن النخبة ما زالت تناديه، وتقول له إن الانقلاب المشؤوم (انقلاب المليشيات) أدى إلى ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وتمزيق العملة إلى عملتين، وهي الجماعة التي خدعت الشعب بأنها جاءت لتخفض الأسعار، وأنها جاءت بالازدهار، فيما أدت إلى أن البلد انهار اقتصاديا إلى جانب أنها أدت إلى مأساة إنسانية بتشريد الملايين وقتل مئات الآلاف، وتفشي الأوبئة".  

وزاد: "لم نكن نتوقع أن الكوليرا تعود إلى اليمن بعد أن كانت قد انتهت، وكذلك نقص الغذاء والدواء، وحتى المياه النظيفة لم تعد موجودة في اليمن أيضا، وهناك انتشار للجوع وسوء التغذية في البلد بأكمله".  

وقال: "المجتمع اليمني تفكك وتغيّرت التركيبة السكانية، وازداد العنف والجريمة بين العوائل، حيث نجد ابنا يقتل أباه أو يقتل أمه، شردوا الأطفال، وأجبروهم على الحرب والقتال، وأجبروهم على الأعمال الشاقة؛ انتشر الخوف وعدم الأمن في اليمن".  

وأكد أن "النخبة لا تزال تنادي المجتمع اليمني أن يصحو من هذه الغفلة التي هو فيها".  

وأضاف: "هذه النخبة لم تحصل على نتائج ملموسة، وذلك يعود إلى التقصير المشترك؛ إما من دول التحالف، أو من الحكومة الشرعية، وكذلك التقصير من قِبل النخبة السياسية التي تمسك مقاليد الحكم، وتسيطر على مقاليد القرار، وتضع الفاسدين في منصات القرار، الذين يتخذون قرارات خاطئة في مواجهة المليشيا".  

وتابع: "نحن شهدنا، خلال 10 سنوات، مأساة إنسانية من قِبل الشرعية اليمنية، وهي تزيح الجادين الذين يخدمون البلد، ويحاولون أن يقدموا نماذج مشرفة، ويمنحوا الشعب اليمني الأمان لتحرير نفسه من هذه المليشيا".  

وأردف: "الشرعية وقعت في مأساة سيئة جدا، وكلما تحركت قبيلة لتناضل ضد هذه المليشيا خذلتها الشرعية اليمنية -مع الاسف الشديد- مثل حجور، والعدين، والعود، ورداع، وكل هذه الأماكن كان ينبغي على الشرعية اليمنية أن تستغلها، وتضخ السلاح والمال، وتساند هذه القبائل، وسوف تتخلص من هذا الانقلاب، لكن كان هناك تقصير كبير جدا من صانعي القرار، ومن النخبة في الشرعية اليمنية -مع الأسف".  

- أكبر رقعة جوع وبؤس  

يقول الصحفي نبيل صلاح: "مليشيا الحوثي هي المسؤول الأول عن هذا الانقلاب، وإيران من خلفها، وداعموها الإقليميون".  

وأضاف: "لو ننظر إلى ما فعلته النخبة، خلال المرحلة التي سبقت سيطرة المليشيا الحوثية ومنذ الحروب الست، حروب التمرد، وكيف كان يتم التغاضي عن هذه المليشيا خلال حربها المتمردة؟ ".

وتابع: "نحن أبناء اليوم، ما الذي سنفعله بدلا من التفتيش عن التاريخ، فالتاريخ لن يرحم أحدا بخصوص إسقاط العاصمة صنعاء بأيدي الإماميين الجدد، ما الذي سنفعله للإطاحة بهذا المشروع وهو آيل للسقوط، رغم تغوله بعد عشر سنوات من الانقلاب والسيطرة".  

وأردف: "بعد 10 سنوات من الانقلاب، يعيش اليمنيون حالة التململ والغليان المجتمعي المتزايد، والمليشيا تسببت في صناعة أكبر رقعة جوع وبؤس على النطاق اليمني، منذ قيام الجمهورية".  

وزاد: "النخبة السياسية والمعارضة، وكل الفعاليات المجتمعية، جميعها تغاضت، يوم أن كان المجتمع يُحذّر، ويوم أن كانت قبائل همدان وقبائل أرحب تقاوم، ويوم أن كانت دماج تقاوم، ويوم أن كان اللواء 310 في عمران بقيادة اللواء القشيبي يقاوم".  

وقال: "كان هناك تغاضٍ، وكان هناك تفسير آخر لاجتياح عاصمة اليمنيين، وبلاد اليمنيين، وجمهورية اليمنيين، وكلنا مسؤولون لاستعادة البلاد، والتاريخ لن يرحم أحدا في هذا السقوط".  

وأضاف: "نحن اليوم مسؤولون جميعا عن استعادة البلاد والتفتيش عن مَنْ هو المسؤول عن السقوط، ونراه في هذا الوقت يشتت الجهد الوطني".