تقارير

حسابات خاطئة.. لماذا تعثرت الجهود الأمريكية لإنهاء الأزمة اليمنية؟

24/06/2021, 07:41:29

قناة بلقيس - عبد السلام قائد

لم تفلح الجهود الأمريكية لإنهاء الحرب في اليمن والحل السياسي للأزمة في إحداث أي اختراق، منذ فبراير الماضي، مع بداية ولاية الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، الذي أكد -في أول كلمة له بعد تنصيبه رئيسا- أنه سيعمل على وقف الحرب في اليمن، وأنه وجه بإنهاء دور أمريكا في العمليات الهجومية في اليمن، إضافة إلى وقف صفقات السلاح المرتبطة بتلك الحرب، وأعلن تعيين الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينج مبعوثا خاصا إلى اليمن.

ومنذ بداية العام الجاري، بدا الموقف الأمريكي أكثر تخبطا في ما يتعلق بالتعامل مع مليشيات الحوثيين، بدءا من إعلان تصنيفها منظمة إرهابية من قِبَل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ثم تراجع إدارة الرئيس الجديد جو بايدن عن ذلك التصنيف بذريعة أنه سيعقد جهود حل الأزمة سلميا وسيؤثر على تدفق المساعدات الإنسانية إلى البلاد.

- جهود متعثرة وتصعيد حوثي

في الحقيقة، كان تصنيف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمليشيات الحوثي منظمة إرهابية يمثل أكبر ضغط عليها لدفعها نحو الانخراط في مفاوضات الحل السياسي للأزمة اليمنية، خصوصا في حال تزامن مع ذلك التصنيف تلويح بالتدخل العسكري في إطار الحرب الدولية على الإرهاب، لأن ذلك سيجبر المليشيات الحوثية على تقديم تنازلات حفاظا على ما يمكنها الحفاظ عليه من مكاسب، وخوفا من خسران كل شيء دفعة واحدة.

لكن إقدام إدارة الرئيس الجديد جو بايدن على إلغاء ذلك التصنيف بسرعة، والتوجيه بإنهاء دور أمريكا في العمليات الحربية في اليمن، وإلغاء صفقات سلاح مع السعودية لارتباطها بتلك الحرب، كل ذلك فهمه الحوثيون بأنه ضوء أخضر لهم من الإدارة الأمريكية الجديدة بالتصعيد ضد السعودية وفي جبهات الداخل، مأرب تحديدا، رغم أن الإدارة الأمريكية بررت التراجع عن التصنيف بتأثير ذلك على الوضع الإنساني، وتشجيعها للجهود السياسية والدبلوماسية لإنهاء الصراع في اليمن.

وبعد أن بدا للإدارة الأمريكية أن مبعوثها الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، فشل في تحقيق أي اختراق في جدار الأزمة اليمنية، رغم كثافة جولاته المكوكية بين الرياض ومسقط، ولقاءاته المتعددة بمسؤولين يمنيين وسعوديين وقيادات حوثية، أوعزت للسعودية التقدم بمبادرة لوقف القتال في اليمن تضمنت الاستجابة لبعض مطالب الحوثيين للقبول بالانخراط في مفاوضات الحل السياسي، مثل فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء والسماح بتدفق الوقود عبر ميناء الحديدة، لكن الحوثيين أعلنوا رفضهم للمبادرة السعودية فور الإعلان عنها.

بعد ذلك، أوعزت الإدارة الأمريكية لسلطنة عمان بإرسال وفد رفيع المستوى إلى صنعاء للقاء قيادات جماعة الحوثي وإقناعهم بوقف القتال والجلوس على طاولة الحوار لإنهاء الحرب وحل الأزمة سياسيا، لكن الوفد العماني لم يتمكن من إقناع الحوثيين، الذين زادوا من تصعيدهم العسكري في مأرب، وقصفوا أحياء سكنية هناك أثناء تواجد الوفد العماني في صنعاء.

- المطالبة بإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية

كان لتعثر جهود الإدارة الأمريكية لإنهاء القتال في اليمن، بسبب تعنت الحوثيين، صدى واسعا في أروقة تلك الإدارة، أبرزها المطالبة بإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، بل فإنه عندما أعلنت إدارة بايدن أنها ستدرس إلغاء قرار التصنيف، ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮﺭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺗﻮﻡ ﻛﻮﺗﻦ، في 7 فبراير الماضي، إدارة بلاده بالسعي ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ للأﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﻴﻦ، ﻓﻲ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ مليشيات الحوثي.

ﻭﺃﻛﺪ ﻛﻮﺗﻦ -في تغريدة على تويتر- أﻥ ﺗﺪﺭﻳﺐ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ ﻭﺗﺴﻠﻴﺤﻬﻢ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻴﺎﻟﻖ إﻳﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺤﺮﺱ ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻭﺣﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻻٕﺭﻫﺎﺑﻴﺔ.

ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ أﻏﺮﻗﻮﺍ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻓﻲ ﺣﺮﺏ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻭﺿﺎﻋﻔﻮﺍ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ، لافتا ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺮﺍﺭ إلغاء ﺗﺼﻨﻴﻔﻬﻢ منظمة ﺇﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﻫﻮ ﺗﻜﺮﺍﺭ لأﺧﻄﺎﺀ ﺍٕﺩﺍﺭﺓ أوﺑﺎﻣﺎ ﺑﺎﺳﺘﺮﺿﺎﺀ ﺍٕﻳﺮﺍﻥ ﻭﺭﻓﺾ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﻻٕﺭﻫﺎﺑﻴﻴﻦ ﺑﺎﺳﻤﻬﻢ.

وبعد أن كشف مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية أنه تم مصادرة شحنة أسلحة في بحر العرب جاءت من إيران، ما ربط طهران مرة أخرى بتسليح الحوثيين في اليمن رغم حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة، دعا السيناتور الجمهوري بيل هاغرتي، في 10 مايو الماضي، الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إعادة فرض العقوبات على المليشيات الحوثية في اليمن، محذرا من أن رد فعل النظام الإيراني بعد رفع العقوبات هو تعميق الحروب في الشرق الأوسط.

وقال في تغريدة له على تويتر: "لقد رفع بايدن العقوبات عن الحوثيين ويريد رفع العقوبات عن النظام الإيراني نفسه. كيف يرد الملالي؟ من خلال تأجيج الحروب". وأضاف: "اعترضت القوات الأمريكية شحنة أسلحة إيرانية ضخمة كانت متجهة للحوثيين". وتابع: "يجب على بايدن إعادة ممارسة الضغط الأقصى الآن".

من جهته، حذر السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي من مواصلة الصراع في اليمن وتعمق الدور الإيراني، وقال في تغريدة على تويتر تعليقا على شحنة الأسلحة المصادرة: "‏كلما طال أمد هذه الحرب، اقترب الإيرانيون والحوثيون وزاد الدور الذي تلعبه إيران في مستقبل اليمن"، مضيفا أنه "حان وقت وقف إطلاق النار".

وفي 22 مايو الماضي، دعا السيناتور الأمريكي توم كوتون إدارة الرئيس جو بايدن إلى التراجع عن قرارها السابق وإعادة تصنيف مليشيات الحوثي المدعومة من إيران في اليمن على قوائم الإرهاب الأمريكية.

جاء ذلك في تعقيب نشره على حسابه في تويتر، على تغريدة الوزير أنتوني بلينكن، أعلن فيها  إدراج قياديين حوثيين في لائحة العقوبات، لضلوعهم في الهجوم على مأرب وتشكيلهم تهديدا لجهود السلام والمساهمة في مفاقمة الوضع الإنساني باليمن.

وقال ممثل ولاية أركنساس في مجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الجمهوري: "على إدارة بايدن أن تتراجع عن قرارها السابق، وتوافق الآن على أن الإرهابيين يهددون السلام والأمن في اليمن".

- ضغوط لا ترقى إلى مستوى الحدث

عادت الإدارة الأمريكية إلى ممارسة الضغوط على الحوثيين في بداية مارس الماضي، بعد أن بدا لها أن جهودها لحل الأزمة اليمنية ووقف إطلاق النار وصلت إلى طريق مسدود، ولوحت بإعادة تصنيفهم منظمة إرهابية تزامنا مع إدراج اثنين من القادة الحوثيين في قوائم الإرهاب، وهما منصور السعادي وأحمد الحمزي. 

وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، إن الولايات المتحدة لديها أدوات ضغط وأنها غير راضية عن هذه الإجراءات من الحوثيين (الهجوم على مأرب) والتي لا تتماشى مع المجتمع الدولي.

وألمح المبعوث الأمريكي، في المؤتمر الصحفي الذي عقد عبر الإنترنت للحديث عن إدراج اثنين من قادة مليشيات الحوثي في قوائم الإرهاب، إلى إمكانية إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، موضحا أنه "فيما يتعلق بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، فنحن باستمرار نقيّم الوضع والسلوك، وعلى استعداد لاتخاذ أي خطوات مناسبة استجابة للسلوك".

وفي أواخر مايو الماضي، أدرجت الإدارة الأمريكية اثنين آخرين من القادة الحوثيين في قوائم الإرهاب، هما محمد عبد الكريم الغماري، رئيس هيئة أركان الحوثيين، ويوسف المداني، القائد العسكري الأول لما يسمى المنطقة العسكرية الخامسة التابعة للحوثيين، وهو أحد المقربين من زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي.

واتهمت الخزانة الأمريكية الغماري بتدبير هجوم واسع النطاق على مأرب والأراضي السعودية ومفاقمة الأزمة الإنسانية داخل اليمن، بينما اتهمت المداني بارتكاب أعمال إرهابية تهدد سلامة المواطنين الأمريكيين أو أمن الولايات المتحدة الوطني وسياستها الخارجية أو اقتصادها.

وفي 10 يونيو الجاري، فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على أفراد وكيانات اتهمتهم بالانخراط في شبكة دولية لتقديم دعم مالي بلغ عشرات الملايين من الدولارات إلى الحوثيين بالتعاون مع كبار المسؤولين في "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني.

وقال بيان الخزانة الأمريكية: "يقوم هؤلاء الوسطاء وهذه الشركات الوهمية (...) ببيع السلع، مثل النفط الإيراني، في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، ثم يحولون جزءا كبيرا من الإيرادات إلى الحوثيين في اليمن". كما فرضت الخزانة الأمريكية 11 عقوبة في ذات الوقت، طالت أفرادا وشركات وسفينة، لكونهم يؤدون أدوارا رئيسية في هذه الشبكة غير المشروعة.

- تخبط وحسابات خاطئة

فشلت الجهود الأمريكية لحل الأزمة اليمنية سلميا، خلال الأشهر الأربعة الماضية، بسبب حساباتها الخاطئة وتخبطها في التعامل مع الحوثيين، فإعلان تصنيفهم منظمة إرهابية والتراجع السريع عن ذلك جعلهم في سباق مع الزمن لحصد مكاسب ميدانية كبيرة وفرض واقع جديد لصالحهم خوفا من عودة ذلك التصنيف وما قد يترتب عليه من إجراءات ليست في صالحهم، كما أن ضغوطها الأخيرة على الحوثيين من خلال العقوبات التي طالت بعض قادتهم وأفرادا وكيانات متعاونة معهم لن يغير من واقع الأمر شيئا، كون تلك العقوبات لن يتضرر منها الحوثيون، ولن تنجح في إجبارهم لتقديم تنازلات والانخراط في مفاوضات الحل السياسي وإنهاء الحرب.

ويتمثل الخطأ الأكبر في أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع الأزمة اليمنية من منظور إنساني بحت، رغم أنها أزمة سياسية بحتة، والجانب الإنساني مجرد نتيجة لها، وأهملت جميع أدوات الضغط السياسية والعسكرية والاقتصادية على الحوثيين لإجبارهم على تقديم تنازلات ووقف إطلاق النار تمهيدا للحل السياسي للأزمة، واتجهت لفرض عقوبات غير مجدية على قادة وأفراد وكيانات، وهكذا تتراكم الحسابات الخاطئة التي تعقد الحل السياسي أكثر وتشجع الحوثيين على الاستمرار في التعنت والتصعيد العسكري.

تقارير

الكاتب والصحفي الراحل محمد المساح.. استوقف الزمان وغادره بصمت

الكاتب والصحفي اليمني محمد المسّاح، صاحب عمود "لحظة يا زمن"، الذي أطل به على قرائه من على صحيفة "الثورة" الرسمية، لسنوات طويلة؛ يودع الحياة ويترك خلفه إرثا ثقافيا ومعرفيا ملهما للأجيال الصحفية والأدبية، التي جاءت من بعده.

تقارير

وعود برحلات وهدايا وسلال غذائية.. هكذا تستقطب مليشيا الحوثي الطلاب لتجنيدهم في مراكزها الصيفية

دشّنت مليشيا الحوثي معسكراتها الصيفية لطلبة المدارس في مناطق سيطرتها، بعد إنهائها العام الدراسي مبكراً وتنفيذ حملات ترويجية، تضمنت وعوداً بجوائز وسلال غذائية، وسط الاهتمام الشديد من زعيم المليشيا بهذه المعسكرات، وتحذير الحكومة من خطرها.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.