تقارير
صراع جديد داخل مجلس القيادة الرئاسي.. هل يعكس الفشل في أداء الأعضاء؟
تغرق اليمن في أزماتها المعقدة، فتتجه الأنظار مجددا نحو مجلس القيادة الرئاسي؛ الكيان الذي تشكل في أبريل 2022، على أمل توحيد السلطة التنفيذية، وإنهاء حالة التشظي السياسي، وإخراج اليمنيين من حالة التيه.
يحاط مجلس القيادة الرئاسي، اليوم، بتصدعات داخلية عميقة، تهدد كيانه، حيث كشفت مصادر سياسية لقناة بلقيس، عن تصاعد حاد في الخلافات داخل المجلس، وصل إلى حد تقديم مطالبات رسمية بتدوير منصب رئيس المجلس.
يأتي هذا الحراك، نتيجة ما وصفته المصادر بمحاولات احتكار القرار من قبل رئيس المجلس رشاد العليمي، وإقصاء بقية الأعضاء عن المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية، في خطوة تعكس هشاشة التوافقات، التي أنشئ على أساسها هذا الكيان.
تضيف المصادر ذاتها، أن تكتلا داخل المجلس، يضم طارق صالح، وعيدروس الزبيدي، وعبد الله العليمي، وفرج البحسني، وأبو زرعة المحرمي، بات يضغط من أجل طرح مسألة التدوير خلال الاجتماع المرتقب، مطلع يوليو القادم، في العاصمة السعودية الرياض، والذي دعت إليه المملكة لاحتواء الانقسام المتصاعد.
مرحلة اللا دستورية واللا قانونية
يقول المحامي والباحث القانوني، عبد الرحمن برمان، نحن نعيش مرحلة اللا دستورية واللا قانونية، فالمجلس الرئاسي نشأ خارج الأطر الدستورية والقانونية، ويومها بعد إعلان الرئيس هادي بنقل صلاحياته إلى المجلس الرئاسي، وتشكيل المجلس الرئاسي، أنا علقت على هذا الأمر بأن المجلس ليس له أي مرجعية دستوريه أو قانونية.
وأضاف: المجلس له مرجعية دستورية أو قانونية، باعتبار أنه غير النظام السياسي في اليمن، بشكل عام، ولا يجوز هذا الأمر إلا بناءً على دستور جديد، وبناء على استفتاء شعبي، وعلى حوارات وطنية، لكنه بذلك القرار غير النظام السياسي في اليمن، وتحول بدلا من منصب الرئيس ونائب الرئيس، إلى مجلس رئاسي.
وأردف: العمل الذي يجري داخل المجلس، هي بناء على عملية التوافق التي تم الاتفاق عليها، وهذه إشكالية التوافقات، حيث تتلاشى الدولة وتوجد جماعات مسلحة تفرض أمر واقع، سواء في عدن والمناطق التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي، أو في الساحل، حيث لم يعد هناك مكانا للدولة إلا فقط في المسميات.
وزاد: لا يمكن أن نتحدث عن مرجعية دستورية، أو مرجعية قانونية، سوى التوافقات التي هي موجودة، وأيضا القرار الذي أنشئ بموجبه المجلس، فهو حجة عليهم فيما بينهم، في عملية تسيير أعمال المجلس.
وقال: كذلك أيضا اللائحة الداخلية التي أقرت من قبل اللجنة القانونية، قبل حوالي شهرين، أو ثلاثة أشهر، على الرغم أن المجلس ظل أكثر من عامين، وهو بدون لائحة، ويعمل بدون لائحة.
وأضاف: هؤلاء ليسوا نوابا، إنما هناك رئيس وأعضاء المجلس، طبقا لما ورد في قرار الإنشاء، وهذا يختلف، ويجب أن نضبط المصطلحات، وهذا مصطلح مهم جدا، فهم دائما يتحدثون بأن فلانا نائب رئيس الجمهورية، وهو ليس نائبا، هو عضو المجلس الرئاسي، لكن الدرجة الوظيفية، والمرتب، بدرجة نائب رئيس فقط، لكن ليست له صفة نائب الرئيس.
خلافات سعودية إماراتية
يقول المحلل السياسي، الدكتور عادل الشجاع: باعتقادي أن هناك خلاف على مستوى المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، كونهما المعنيان بتشكيل هذا المجلس، وهناك خلافات داخل مؤسسات الشرعية ذاتها، وتحديدا بين مجلس النواب ومجلس القيادة الرئاسي.
وأضاف: مجلس القيادة الرئاسي، من خلال عودته الأخيرة إلى عدن، بدأ في التواصل والاجتماعات المكثفة مع هيئة التشاور والمصالحة، بطريقة تدل على أنه يريد أن يتجاوز مجلس النواب، ونحن نعلم حساسية العلاقة بين رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس القيادة، كونهما أولا جاءا من خلفية واحدة، وهي خلفية حزب المؤتمر الشعبي العام، إضافة إلى أنهما من منطقة واحدة، وبالتالي التنافس على مستوى عال بينهما.
وتابع: من هنا بدأت هذه الخلافات تعكس نفسها، إلى جانب الخلافات بين المملكة العربية السعودية، والإمارات، كل طرف يريد أن يستحوذ على القرار داخل المجلس.
وأردف: هذه الخلافات على مستوى دول التحالف، وعلى مستوى المؤسسات الداخلية، هي التي أدت إلى هذا الحراك مؤخرا، وهي التي بدأت اليوم تعمل اصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك للوصول إلى الاستحواذ على القرار، أو على أقل تقدير تنفيذ اللائحة التنظيمية التي صدرت بالقرار رقم 119 والذي أعطى صلاحية واسعة لهيئة التشاور، بالإضافة إلى الفريقين المتعلقين بالفريق القانوني والفريق الاقتصادي.
عوامل الانقسام
يقول سكرتير الدائرة السياسية في منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بتعز، فهمي محمد، نحن نقيم المسألة هذه على أساس ثلاث زوايا، كانت في وجودها الموضوعي، تشكل عوامل لهذا الانقسام والتجاذبات.
وأضاف: الزاوية الأولى أن تشكيلة المجلس الرئاسي، أتت بناء على تموضعات سياسية وعسكرية، تشكلت بعد حرب الانقلاب، وبالتالي كان ممثلين من المجلس الرئاسي في وجهة نظرنا بأنه ليسوا بالضرورة هم ممثلي الأحزاب السياسية، بقدر ما هم ممثلين لمكونات عسكرية وتموضعات حصلت بعد الحرب.
وتابع: الزاوية الثانية، أن طبيعة تشكيل المجلس الرئاسي، والفكرة القائمة حوله، لم تنضج حتى في مخيلة أعضاء المجلس الرئاسي بشكل عام، أي أن المجلس الرئاسي يجب أن لا يكون قائما على فكرة التكافؤ في مسالة المسؤولية السياسية، فلن يتفقوا، فإذا خضعنا أي قرار سياسي لمسألة موافقة الجميع، لن يحصل في كل الأحوال، وهذا أيضا عامل من العوامل التي تؤدي إلى مسالة عدم التوافق والخلافات والتجاذبات.
وأردف: الشيء الثالث، أن طبيعة التجاذبات السياسية التي حصلت بين الدول الإقليمية الداعمة للسلطات الشرعية، هم أيضا بالفترة الأخيرة، وفي فترات سابقة، ساهموا بعدم وجود تلاحم كبير في مسألة المجلس الرئاسي، لأنه بدت هناك مشاريع وبدى هناك تفكير خارج مفهوم المشروع السياسي للشرعية، وهذا بحد ذاته يعطي أيضا فرصة لنوع من هذه الانقسامات.
وزاد: قبل قليل تواصلت مع مقربين في الرئاسة وبحسب المعلومات التي وصلت إليها فإن مسألة طرح فكرة التدوير ليست قائمة، ولم يوجد هناك طلب في مسألة التدوير في مجلس القيادة الرئاسي.
وقال: مسألة التدوير مسألة من غير المنطقي طرحها، لأن هذه مسالة رئاسة دولة، وبالتالي إذا وجدنا أنفسنا كل شهر أو كل شهرين أمام رئيس، أعتقد هذا نوع من المهزلة، وشيء غير مقبول أصلا، ولا يمكن أن تحصل.
وأضاف: أن يتم تداول منصب رئيس الجمهورية، بين أعضاء مجلس الرئاسة خلال شهر أو خلال سنة، هذا أيضا منطق أو طرح غير مقبول.