تقارير

عادات وتقاليد رمضان في تعز .. طقوس عالقة في ذاكرة الناس

20/04/2021, 14:28:00

قناة بلقيس - هشام سرحان

يلوّح المسن عبد العزيز بجاش (80 عاماً) بإحدى يديه، ويجر تنهيدة عميقة، وهو يستعيد ذكرياته الرمضانية التي عاشها لعقود، وحفرت في نفسه، والتجاعيد المرتسمة على وجهه، شجناً كبيراً لعادات وتقاليد كان يحييها في رمضان، والأيام التي تسبقه، مع الكثيرين من مجايليه في تعز، التي غيّبت فيها الحرب وفيروس 'كورونا' طقوساً كثيرة، يرثيها الرجل اليوم بالقول: "رعى الله تلك الأيام". ثم يضيف لموقع "بلقيس"، وبصوت مرتعش، جُملاً مقتضبة، وشبيهة بأحاديث العُشاق، لتفاصيل عاشها زمناً، ثم توارت بالتزامن مع تردّي الأوضاع المادية والمعيشية، وتفشيّ الأمراض والأوبئة، التي أثرّت -خلال موسمين متتاليين- على الكثير من المظاهر التي اعتاد بجاش على إحيائها في نهارات وليالي رمضان.

يتوغّل الحنين بعيداً في أعماقه. وبعفوية القروي يثني على تلك الممارسات الرمضانية، والأجواء التي تخلقها، والروحانية المرافقة لها، ويتذكر تلك المظاهر، التي أضحت اليوم جزءا من ماضيه، وذكرى مؤرّقة، تعتمل في أعماقه، وتتأجج كلّما مرّ رمضان، ولم يعشْها فيه، ما يجعله يتمنّى أن يعود به الزمن إلى الوراء. ويذكر: "كنا نحيي الكثير من الطقوس، التي تصنع مذاقا ونكهة ولونا آخر لرمضان".

كان بجاش يتهيّأ -سابقاً- للشهر الكريم بطريقة مختلفة، ويردد الأهازيج والتكبيرات، ويستعد لقدومه بجلب احتياجاته المتواضعة، وقلْي وطحن البُن، وذلك ضمن تحضيراته لجلسات الإفطار، بالتمر والقهوة على سطح منزله، الواقع في أحد الأرياف، وهو ما عَلق في ذاكرته، إلى جانب تقاليد طلاء المنازل بالجبس، وتنظيفها، وتجهيز أدوات الإنارة.

يتذكّر جلسات قراءة القرآن، وتدارسه في المسجد نهاراً، وفي المنزل ليلاً، ويعرج على أيام كان يوزّع فيها -على أهالي قريته الذين لا يمتلكون أبقاراً- الحقين البلدي، اللازم لإعداد "الشفوت"، فضلاً عن تبادل الزيارات الليلية، والسمّر الجماعي، والموالد النبوية، والموشحات التي كانت تتخلل مجلسه في ليالي رمضان.
يستشعر اليوم مدى الفرق والبَون الشاسع بين أساليب إحياء رمضان في سنوات ما قبل الحرب وأثنائها، ويتأوّه وبحسرة قائلاً: "كان لرمضان -في العقود السابقة- شكل ومذاق مختلف، وكان فرصة للتراحم والتكافل ومساعدة الفقراء، كما كان فرصة للقراءة، والاطلاع، والنقاش الجماعي، وإحياء السُّنة النبوية، وقراءة كُتب الحديث والتفسير والسيرة، وغيرها من الأنشطة".

* مرور عابر

يمر رمضان عليه -منذ العام 2015- كأي شهر آخر، دون أي مظاهر دينية أو اجتماعية، الأمر الذي أفقده روحانيته، وسلبه تلك الملامح، والأجواء التي تخلقها العادات والتقاليد الرمضانية، المتوارثة والمتناقلة عبر الأجيال.

ألقت الأوضاع الراهنة للبلاد، وكذلك فيروس 'كورونا'، بظلالها على دورة الحياة الرمضانية، وأحدثت تصدعات خطيرة في النسيج المجتمعي، كما غيّبت روح التراحم والتآخي والتعايش والتسامح، ووأدت العديد من العادات التي ألفها وعايشها المواطن عبد الإله الزبيدي (60 عاماً)، التي من بينها تفقد الجيران، وتلمس احتياجاتهم، ومواساتهم.



أفقدت الشهر الكريم رونقه وبهاءه، وأثّرت على إيقاع الشارع، وحركة الناس، وزخم الحياة الرمضانية، التي لطالما راقت للمواطنين في مدينة اعتادوا فيها على تبادل الوجبات والهدايا، وإقامة الأنشطة الرياضية -في نهار رمضان- في الكثير من الأحياء، فضلاً عن تنظيم مسابقات ليلية في القرآن، والشعر، والثقافة العامة، وغيرها.

ينوّه الزبيدي إلى غياب عادة زيارة الأرحام، والجيران، وتهادي البخور، الذي كان يعبق في مختلف المنازل، والأزقة، والأحياء، وهو تقليد رمضاني اختفى خلال سنوات الحرب، التي أتت أيضاً على راحته، وطمأنينته، وسعادته، والسكينة التي كانت تعتري الجميع، وتلازمهم في جلساتهم، ولقاءاتهم، وسهراتهم.

تتعدد الطقوس الفرائحية، التي كان يمارسها سكان تعز، سواء في استقبال رمضان، أو إحياء أيامه ولياليه، إذ كانوا يزيّنون الشوارع، والحارات، وواجهات المنازل، بمصابيح إضاءة ملونة، استبشاراً وابتهاجاً بقدوم الشهر الفضيل، ويقومون بطلاء منازلهم، وتنظيفها، واستبدال الأثاث المنزلي، والتوجّه نحو الأسواق لشراء السلع والمستلزمات الرمضانية، وتوفير كل ما تحتاجه المائدة الرمضانية، التي تعدّ من أبرز التقاليد الرمضانية، التي يطغى عليها الطابع الشعبي، والمتوارث، طبقاً للناشط عبد الواسع الفاتكي، الذي لفت إلى تواري  الكثير من العادات الرمضانية، جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، وتدني قدراتهم الشرائية، وغلاء الأسعار، وانقطاع الرواتب والكهرباء، وشحة الأعمال، ومصادر الدخل، ما صرف الكثير من الأسر عن التفكير بتلك التقاليد، والتركيز على توفير قُوْتها الضروري.    



ومع تفشي "كوفيد-19" لزم الناس منازلهم، واختفت الزيارات العائلية، والطقوس، والشعائر الدّينية، والأنشطة التي كانت تتخلل بعض المجالس الرمضانية، بما فيها الموالد، وحلقات الذِّكر، والابتهالات والأناشيد، والمدائح النبوية، وهو ما أفقد المواطن روحانية رمضان، ونكهته التعزّية، التي كانت تشعره بخصوصية هذا الشهر، وروحانيته الدّينية، والاجتماعية المصاحبة لعبادة الصوم وأجوائه الإيمانية، حسب الفاتكي.

تقارير

لحم العيد يغيب عن فقراء اليمن .. كيف أصبح الكيلو يساوي نصف راتب؟

في أحد أحياء مدينة عدن القديمة، جلست أم يوسف، وهي أرملة خمسينية، أمام بسطة صغيرة تبيع عليها أعواد البخور وبعض الخردوات، وبيدها آلة حاسبة تحاول من خلالها “حساب المستحيل”: كم يتبقى من راتب ابنها الجندي بعد دفع إيجار المنزل وفاتورة الماء؟ وهل يمكن أن تشتري نصف كيلو لحم لأطفالها في عيد الأضحى؟

تقارير

"ليس بيدنا شيء".. كيف يمكن قراءة تصريحات طارق صالح بشأن الحوثيين؟

أثار تصريح أدلى به طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد ما يسمى بالمقاومة الوطنية، موجة واسعة من الجدل في الشارع اليمني، حيث ألمح في تصريحه إلى عجز سلطته عن مواجهة مليشيا الحوثي قائلا، إن أمريكا دخلت اليمن وخرجت بلا نتيجة، ونحن لا نستطيع أن نحارب الحوثي لأنه ليس بيدنا شيء.

تقارير

تسليح الجيش اليمني.. عقبات مزمنة وتحديات راهنة

مع امتلاك مليشيا الحوثيين لصواريخ باليستية وطائرات مسيرة يصل مداها إلى فلسطين المحتلة أو أي دولة خليجية، يتضح مدى اختلال موازين القوة الجوية بين مليشيا الحوثيين من جهة، والحكومة الشرعية والمكونات المناهضة للحوثيين من جهة أخرى، وهذا الخلل ما كان له أن يزداد عمقا لولا طريقة إدارة التحالف السعودي الإماراتي للأزمة اليمنية منذ اندلاع عملية "عاصفة الحزم" وحتى اليوم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.