تقارير

عرقلة الحسم العسكري في اليمن.. متى يحل السلام؟

16/07/2021, 09:36:11
المصدر : خاص

قناة بلقيس - عبد السلام قائد

ما الذي حدث في معركة محافظة البيضاء الأخيرة؟ ولماذا وجهت دولة الإمارات أتباعها في ما يسمى المجلس الانتقالي بمنع مرور التعزيزات إلى جبهات البيضاء؟ ومن الذي يعرقل الحسم العسكري ضد الحوثيين؟ ومن المستفيد من ذلك؟ ولماذا لا تتحرك جميع الجبهات بالتزامن والتقدم نحو العاصمة العاصمة صنعاء إذا كانت الحرب على الحوثيين والنفوذ الإيراني في اليمن تعد معركة مصيرية بالنسبة لليمنيين بمختلف أطيافهم وللجوار العربي أيضا؟ أسئلة تكشف إجابتها كثيرا من تفاصيل تعقيدات الأزمة اليمنية، وما تنطوي عليه من مظاهر عبث يمكن للمتأمل فيها قراءة ما بين السطور وما يدور وراء الكواليس والمآلات المرعبة لذلك العبث.

وإذا كان التحالف السعودي الإماراتي هو من يقف وراء كل ذلك العبث، إلا أنه لا يمكن إعفاء السلطة اليمنية الشرعية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل أطياف وفئات الشعب من السكوت حيال ذلك، لأن الأمر يتعلق بمصير ووجود ببلد بكافة أطيافه وفئاته ولن يتضرر طرف دون آخر، أو يتضرر طرف ويستفيد طرف آخر.

وتزداد الخطورة مع استمرار تدفق المال السياسي والسلاح السائب إلى جماعات ومليشيات طائفية ومناطقية وإرهابية، بينما جنود الجيش الوطني لم تُصرَف رواتبهم منذ أشهر، وجرحى الحرب يعانون داخل البلاد وخارجها، وأسر الشهداء تعاني وتتألم بصمت، في حين انصرف أكثر المسؤولين في الحكومة الشرعية إلى تحقيق مكاسب خاصة على هامش الحرب، وبالمقابل يتفنن الحوثيون كل يوم في ابتكار أساليب جديدة للنهب والسلب وتجويع المواطنين في مناطق سيطرتهم واستعبادهم وإذلالهم.

- تجميد الجبهات والضربات الخاطئة

في 7 يوليو 2015، قصفت مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي مقر اللواء 23 ميكا في معسكر العبر بمحافظة حضرموت شرقي اليمن، واستهدفت مقر القيادة واجتماعا لعدد من كبار الضباط الذين اجتمعوا لوضع خطة لتأسيس جيش وطني احترافي للقضاء على الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة، وكان المعسكر قد بدأ باستقبال مجندين وتدريبهم، وتسبب ذلك القصف بقتل ما يقارب مئة جندي وضابط، وإصابة أكثر من 150 آخرين بجروح، وزعم التحالف أن القصف كان بالخطأ، وهو مبرر غير مقبول، نظرا للبعد الجغرافي لموقع المعسكر عن جبهات الحرب مع الحوثيين، وكان ذلك القصف الهمجي تدشينا لمجازر كثيرة ارتكبها التحالف بحق الجيش الوطني، كان أبشعها القصف الذي طال وحدات من الجيش في أحد مداخل مدينة عدن عقب أحداث أغسطس 2019 التي شهدتها المدينة.

وبعد أسابيع من قصف التحالف معسكر العبر في حضرموت، تعمد قصف رجال المقاومة الشعبية في محافظة الجوف بعد وصولهم إلى مركز المحافظة وطرد الحوثيين منه، وزعم أن ذلك القصف كان بالخطأ أيضا. وقريبا من الجوف، في مأرب، منع التحالف الجيش الوطني من التقدم نحو مديرية صرواح لتحريرها، ومنعه أيضا من التقدم في جبهة نهم نحو العاصمة صنعاء، وشن عددا من الغارات التي يصفها بالخاطئة هناك كلما تقدم الجيش الوطني قليلا في مواقع ينسحب منها الحوثيون بعد اشتباكات محدودة.

وبعد تحرير العاصمة المؤقتة عدن وبعض المدن اليمنية من سيطرة مليشيات الحوثيين والقوات العسكرية الموالية لحليفهم السابق علي عبد الله صالح، وتزامنا مع تدشين ما تسمى الضربات الخاطئة للتحالف والتي تستهدف الجيش الوطني، فقد تم تجميد مختلف جبهات الحرب، ولا تندلع المعارك في أي جبهة إلا في حال كان الحوثيون هم البادؤون بالهجوم. والملاحظ أن أي معركة في جبهة ما يحركها التحالف، فإنه سرعان ما يوقفها، مثل معركة تحرير الحديدة، وأخيرا معركة تحرير البيضاء، ما يعني أن حسابات ما بعد الحرب هي الدافع الوحيد لحرص التحالف السعودي الإماراتي على إطالة أمد الأزمة اليمنية، كون ذلك يمنح الدولتين الفرصة الكافية للعبث والتخريب في البلاد، ومحاولة ترميم نظام علي صالح وترقيعه وإعادته إلى السلطة، والبديل عن ذلك تمرير مشروع الانفصال وإغراق البلاد في مزيد من الفوضى والحروب الأهلية المتناسلة والمفتوحة.

- أخطاء أم مؤامرات؟

تتعدد التفسيرات للأداء السلبي للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن، فهل ما يحدث لا يعدو كونه مجرد أخطاء نتيجة غياب البعد الإستراتيجي للدولتين في التعامل مع الأزمة اليمنية، أم أن ثمة مؤامرات وأحقاد أعمت البصائر وغيبت العقول عن المآلات الكارثية التي ستسفر عنها تلك الطريقة في إدارة الصراع؟ وكيف يمكن فهم التناقضات المريرة في أداء التحالف منذ بدء عملية "عاصفة الحزم" في أواخر مارس 2015 وحتى اليوم؟

في البدء، كان دخول الحوثيين إلى العاصمة صنعاء قد تم بتواطؤ دولي وإقليمي، لاستخدامهم كرأس حربة لتصفية ثورة 11 فبراير 2011 والقوى السياسية والاجتماعية والعسكرية المساندة لها، ضمن الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، غير أن التقديرات الخاطئة جعلت البلاد تنزلق إلى متاهات خطيرة من الصراع، بدا أن إيران كانت هي المستفيد الأكبر من ذلك، وسرعان ما تحولت بعض القوى الداعمة لسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء إلى صف القوى المعادية لهم وتخوض حربا ضد انقلابهم على السلطة الشرعية والعملية السياسية.

لكن ذلك لم يستمر حتى الحسم، فالتقديرات الخاطئة ومؤامرات التحالف السعودي الإماراتي عرقلت الحسم العسكري وصنعت متاعب جديدة أمام السلطة الشرعية والجيش الوطني تمتد من الساحل الغربي إلى أقصى شرقي البلاد.

لم تستفد أطراف عدة من خطأ تواطؤها مع سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وإنما مضت تواصل أخطاءها ومؤامراتها، فالحرص على عدم التسريع بالحسم العسكري ضد الحوثيين يعد أكثر خطورة من التواطؤ مع الحوثيين للسيطرة على العاصمة صنعاء والانقلاب على السلطة الشرعية والتوافق السياسي.

وإذا كان الهدف من إطالة أمد الحرب إيجاد المبررات لاستمرار التدخل العسكري وممارسة العبث في الجزر وتعطيل الموانئ والمطارات، فإن ذلك لن يترتب عليه أي مصالح اقتصادية وغيرها للسعودية والإمارات، سواء في زمن الحرب أو في ما بعد الحرب، وكل ما في الأمر أن ذلك سيؤثر على علاقة اليمن بتلك الدولتين مستقبلا، وستكون له تداعيات سلبية لن تُمحى من ذاكرة الأجيال اليمنية المتعاقبة بسهولة.

وفي المقابل، فإن التسريع بالحسم العسكري ضد الحوثيين، وتعزيز علاقة الدولتين باليمن، قد تترتب عليه مصالح كبيرة، واتفاقيات تعاون اقتصادي وعسكري، كما هو الحال في علاقات التعاون بين مختلف البلدان في الأوضاع الطبيعية. مثلا، تستطيع السعودية الاتفاق مع الحكومة اليمنية على مد أنابيب تصدير النفط عبر موانئ حضرموت أو المهرة بكل سلاسة بعد انتهاء الحرب واستقرار الأوضاع، لكنها في الوضع الحالي، ومهما حشدت من قوات عسكرية إلى محافظة المهرة، فإنها لن تستطيع مد أنابيب تصدير النفط، وحتى إذا فعلت ذلك بالقوة، فإن تلك الأنابيب ستتعرض للتخريب والأعمال الانتقامية، كنضال وطني مشروع ضد انتهاك سيادة اليمن على أراضيه.

- الحرب والمسار الطويل نحو السلام

بعد مرور أشهر قليلة ستكون الحرب الحالية في اليمن هي الأطول زمنا من بين الحروب الأهلية التي شهدتها البلاد في مختلف مراحل تاريخها، رغم أن عوامل حسمها بسرعة متوفرة على العكس من مثيلاتها التي طال أمدها لأسباب مغايرة، ويعود ذلك إلى أن السعودية والإمارات تدخلتا عسكريا في اليمن وهما محملتان بأحقاد تاريخية على اليمن واليمنيين، ومثقلتان بالعداء ضد ثورات الربيع العربي، ولم تكن مزاعم القضاء على الانقلاب الحوثي وإعادة السلطة الشرعية إلى العاصمة صنعاء سوى مظهر مؤقت لم يدم طويلا، إذ سرعان ما استدعت الدولتان إرث الأحقاد والكراهية ضد اليمن شعبا ودولة.

وزاد الطين بلة أن بزغ التشرذم في البلاد، فأغدقت الدولتان المال السياسي والسلاح السائب وانتهاج سياسة استقطاب حادة، وأسهم تقاطع المصالح في صعود وعسكرة قوى بدائية وإحياء انتماءاتها الفرعية (الطائفية والمناطقية والقبلية وغيرها)، وتفجرت عداوات وصراعات كانت كامنة، وتمددت تأثيراتها بسبب السياقات السياسية والمجتمعية، حتى بدت اليوم التسوية مستعصية، كونها أصبحت تتطلب توافقا صعبا بين مصالح قوى داخلية وخارجية.

ومع غلبة المساومات حول المصالح، فإن دورات الصراع تتوالد واحدة تلو أخرى، وكل طرف يجد صعوبة في تحديد اللحظة التي يمكن عندها الخروج من المسار العسكري وطرح مسارات سياسية بديلة توصل كل الأطراف إلى اللحظة الناضجة، وهكذا يبدو مسار السلام في اليمن بعيدا ومعقدا، والسبب كيد وأحقاد التحالف السعودي الإماراتي، وانتهازية أطراف محلية قدمت مصالحها الوهمية وغير المضمونة على المصلحة العليا للوطن.

تقارير

بائع الفاصوليا.. مشروع شاب يعرف زبائنه من أصواتهم

إذا اعتقدت بأن الحياة خذلتك في جانب معيّن، عليك أن تنظر ماذا فعلت الحياة مع "ياسر ثابت"، وكيف واجهها، ولم يعرف الاستسلام؛ كونه متسلحا بالأفكار، فمن لديهم الأفكار والهمم؛ سيعيشون لأجل تنفيذها، ويظلون يحاولون حتى يعثروا على الطريق.

تقارير

"حيث الإنسان" يساعد عشرات الأطفال في مأرب على الوقوف والسير من جديد

يحكي برنامج "حيث الإنسان"، - الذي تدعمه وتموِّله مؤسسة "توكل كرمان"- قصة أب لا يعرف الاستسلام، وقد صنع عالما أجمل لمجموعة صغيرة من الأطفال، بينهم طفله، بتأسيس مركز تأهيل للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، في مدينة مأرب، الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي لليمن.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.