تقارير
فوضى التعيينات الجديدة في عدن.. لماذا تتجاهل الحكومة الشرعية كل هذه المخالفات؟
عقب 'اتفاق الرياض'، قالت الأطراف الموقِّعة والراعية للاتفاق إن عدن ستشهد عهدا جديدا تختفي فيه المظاهر المسلّحة وتعود الحكومة لتفعيل مؤسسات الدولة وتحسين مستوى الخدمات الأساسية، لكن وبعد عام ونصف لم يحدث شيء من ذلك، بل ذهبت الأمور نحو الأسوأ.
خلال هذه الفترة، عزز المجلس الانتقالي من قبضته العسكرية على المدينة، ومنع الحكومة من ممارسة مهامها في العاصمة المؤقتة، أفضى ذلك إلى شلل في مؤسسات الدولة وتردّي الخدمات الأساسية إلى مستوًى غير مسبوق.
قرارات غير قانونية
انفراد الانتقالي في عدن أغرى قيادات المجلس بممارسة مهام غير قانونية، من بينها إصدار تعيينات هي من صلاحيات الحكومة حصرا.
حتى محافظ عدن، أحمد لملس، أصدر تعيينات وقرارات هي من صلاحيات الوزراء والمختصين، مستقوياً بالسيطرة العسكرية للانتقالي على عدن، في مخالفة واضحة ومباشرة للدستور والقانون.
وفي السياق، يؤكد المحامي والناشط الحقوقي، نزار سرارو، أن "التعيينات الصادرة من محافظ عدن، أحمد لملس، لا تتسم بالقانونية".
وأضاف، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس، أنه "رغم أن تلك التعيينات التي يصدرها المحافظ لملس لا تتسم بالقانونية، إلا أن لها شقا قانونيا، كونه يستند على نص قانوني في قانون السلطة المحلية رقم 4 لعام 2000م".
ويوضح أنه "لا يوجد هناك نص في القانون يسمح للمحافظ في التعيين إلا بالتنسيق وموافقة الوزير المختص"، مشيرا إلى أن "القانون كان دقيقا جدا في تحديد صلاحيات المحافظ".
ويوضح أن "التعيين في المناصب العليا، أو التعيين بشكل عام، يجب أن يكون متوافقا مع نصوص قانون الخدمة المدنية، خاصة الفقرة 30 من قانون الخدمة المدنية".
ويفيد أن "التعيينات الجديدة، التي أصدرها المحافظ لملس قبل أربعة أشهر، مخالفة للقانون، لأنها تخالف المادة 30 من قانون السلطة المحلية لعام 1990، والتي تشترط أن يكون الشخص المُعيّن من داخل المرفق وليس من خارجه".
ويتابع موضحا: "تنص المادة 30 على ضرورة أن يكون الشخص المُعيّن في منصب ما من داخل المرفق الذي يعمل فيه، ويجب أيضا أن يكون التعيين من قِبل الوزير".
ويلفت إلى أنه "قبل إضراب القضاة في عدن، كانت القرارات التي يصدرها المحافظ أو أي موظف عام قابلة للإلغاء بأحكام قضائية من قِبل المحكمة الإدارية".
ويشير إلى أنه "قبل الحرب كانت التعيينات تتم بشكل سلس، من خلال ترشيح المحافظ بعض الأسماء إلى الوزير المختص، فيقوم الوزير باختيار أحد تلك الأسماء بناءً على السيرة الذاتية، ويوافق المحافظ على قرارات الوزير".
ويتابع: "لكن الآن تغيّر الوضع، وتُركت القوانين على جنب، وأصبحت التعيينات تتم بدون الرجوع إلى الوزراء المختصين".
وعن القرارات التي يصدرها المجلس الانتقالي، يقول سرارو "إن تلك القرارات التي يصدرها الانتقالي غير قانونية، لأنها لا تستند إلى قانون".
*"الانتقالي ليس ملزما بالقانون"
بدوره، يقول المتحدث باسم المجلس الانتقالي في لندن، صالح النود، أن "المجلس الانتقالي ليس ملزما بالعودة إلى القانون اليمني لإصدار القرارات"، مضيفا أن ما أسماها "الورق" التي عفا عليها الزمن ليست مهمة للمجلس، وإنما الأهم ما يحدث على الأرض.
ويوضح أن "ما حدث وما يحدث في عدن من قرارات وتعيينات تأتي في إطار معالجات حقيقية لمشاكل يعاني منها الإنسان يوميا بسبب غياب الشرعية".
ويضيف أن "المجلس الانتقالي الجنوبي المفوَّض شعبيا، والإدارة المحلية تتخذ ما تراه مناسبا لمعالجة هذه الإشكاليات والأزمات التي تعصف بالمواطنين".
ويتابع: "هذه الخطوات أو القرارات لا بُد منها، لأنها من أجل الشعب، والمجلس الانتقالي لن يتخلّى عن هذا الشعب، وسيتخذ القرارات اللازمة لمعالجة المشاكل التي يعاني منها شعبه".
ويفيد أن "المجلس الانتقالي يتخذ البدائل بسبب غياب الحكومة، لأنه لا يمكن أن يترك الانتقالي شعبه بدون أي سلطة تُدير الأمور في عدن".
ويرى النُّود أنه "من البجاحة أن يتحدث أحد عن قانون وسيادة في الوقت الذي تتواجد الحكومة في الخارج والشعب يموت في الداخل".
ويلفت إلى أن "المجلس الانتقالي حاول أن يكون جزءا من إصلاح هذه المرحلة، وجزءا من الحفاظ على النظام والدستور، من خلال الدخول في اتفاق الرياض، إلا أن الحكومة ووزراء الشرعية تخلّوا عن مسؤولياتهم، وتركوا المشهد، وتركوا الشعب يعاني، ويواجه مصيره بنفسه".
ويستدرك النود حديثه ويقول إن "المجلس الانتقالي رغم سيطرته على الأرض، إلا أنه ليس سلطة كاملة تحكم البلاد، وليس حكومة أيضا، لأن الجنوب لم يستقر، ولم يستعد دولته بعد"، حد قوله.