تقارير
قبل حلول شهر رمضان.. حكايات مبكية للنازحين في اليمن!!
للعام العاشر على التوالي يستعد اليمنيون لاستقبال شهر رمضان في ظل الحرب وآثارها الكارثية على حياة الغالبية العظمى منهم، واستمرار الأزمة الاقتصادية والإنسانية، وصولاً إلى الأوضاع الأمنية التي كبدت الناس ثمن المواجهات العسكرية المباشرة وتتضاعف المشكلة اذا ما تم النظر إلى ما خلفته هذه الحرب من تشرد ونزوح للعديد من الأسر والتي تستقبل شهر رمضان بحكايات مبكية بسبب الظروف والفقر والحرمان.
في صنعاء كما هو الحالف في أغلب مدن اليمن والتي عادة ما ترتفع فيها وتيرة الحركة التجارية وتزدحم بالمتسوقين كل رمضان، ألقت التحولات والأزمات الاقتصادية والإنسانية بظلالها على حياة السكان إلى حد كبيرٍ، مع تأثر شريحة كبيرة من سكانها بفقدان مصادر دخلهم مع توقف مصالح ومؤسسات وشركات في القطاعين العام والخاص.
وزيادة على الأعوام السابقة تراجعت القدرة الشرائية لدى المواطنين كماً ونوعاً هذا العام خصوصاً مع الارتفاع المضاعف للأسعار نتيجة الصراع الجديد الذي يحيط باليمن في البحر الأحمر وينعكس بشكل مباشر على وصول السلع وعمليات الشحن البحري، وشبح الحرب الذي يلاحق السكان ويمنعهم من شراء أغلب الاحتياجات الرمضانية، فضلاً عن وجود عوائل تعيش أوضاعاً تشبه المجاعة ولا تتوفر لها الوجبات الأساسية كما هو حال النازحين في المخيمات.
للنازحين حكاياتهم المبكية
يقول المواطن صالح خالد، هو نازح من محافظة الحديدة إلى منطقة سعوان بصنعاء إنّ شهر رمضان هذا العام مثله مثل بقية الشهور: "لا شيء يتغير، فمائدتنا نفسها؛ أرزّ وخبز ولبن أو خبز وشاي. لا نملك المال الذي يوفر لنا مواد غذائية إضافية".
ويشير إلى أنّ فاعل خير وعده بتوفير التمر له طوال شهر رمضان، وبحسب خالد فإنه ومعه الكثير من النازحين منذ فترة طويلة يأكلون وجبة واحدة في اليوم، ولهذا فصيام رمضان لن يشكل فارقاً كبيراً.
في المقابل تناضل النازحة أمرية أحمد ناجي لإطعام أُسرتها في مخيم الأزرقين بصنعاء بما لديها من إمدادات ومواد محدودة.
وكغيرها من معظم النساء اللائي يعشن في مخيمات النزوح ليس لديها جهاز طهي مناسب ولا أدوات وتضطر لاستخدام أشياء بدائية لطهي وجبات الإفطار في رمضان.
وغالبا ما تستخدم أمرية حجارة في هرس الخضروات وتحرق أكياسا بلاستيكية لإشعال النار التي تطهو عليها الطعام.
وتقول أمرية"بيتنا ما معانا إلا عشة هكذا (صغيرة) لا نملك بيت ولا أي شيء، حالتنا صعبة، لا يوجد حطب ولا أي حاجة معانا جواني (أكياس الدقيق) نعمل بهن (بدل الحطب) وخلاص، وما يعطونا المنظمة الشيء القليل يكفينا لمدة أسبوع ويكمل".
حنين لا يتوقف
ولعل أبرز الأشياء التي تقفز إلى أذهان النازحين الذين شردتهم الحرب في تفاصيل أجواء رمضان في منازلهم التي أجبروا على مغادرتها نتيجة المعارك أو الخراب التي لحق بها ووجدوا أنفسهم في خيام مهترئة تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
وتسببت الحرب في عامها العاشر بنزوح أكثر من 4 ملايين شخص، وفق تقارير الأمم المتحدة.
ومع اقتراب رمضان يقول محمد النهاري وهو أحد النازحين في مخيمات مأرب بأنه لا يكاد يشعر بالفرح بالمناسبة نتيجة الهموم التي تحاصره عندما يتذكر أسرته البعيدة وعجزه عن اللقاء به للعام السادس على التوالي.
بنبرة ممزوجة بالحزن يتحدث محمد وهو يستعيد شريط الذكريات لاجواء رمضان في كنف العائلة وبرامج المساء أمام التلفاز والصلاة والسحور والسمرات الجماعية وهو ما لم يعد موجودا في ميخمات النازحين التي يقطن فيها ويكافح فيها للحصول على متطلبات رمضان.
وتعتمد الأُسر النازحة على المساعدات الغذائية التي تتلقاها من منظمات خيرية لمواجهة النقص الحاد في الغذاء خاصة في شهر رمضان المبارك.
أزمات مركبة
ولا يتقاضى أكثر من مليون موظف حكومي في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المدعومة من الحوثيين، رواتبهم منذ توقفها في سبتمبر 2016. ويعتمد كثير من اليمنيين على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني منذ بدء الحرب في مارس عام 2015، بحسب الأمم المتحدة، التي أكدت أنّ اليمن يمرّ بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويحتاج 80 في المائة من سكانه (24 مليون شخص) إلى المساعدات الإغاثية العاجلة.
يقول يحيى ناصر، وهو موظف حكومي بأنه لم يتسلم راتبه منذ سنوات ويؤكد بالقول:"لم نعد نعيش إلا بالبركة، وسواء أنا أو جيراني، لم أشتر شيئاً للمطبخ أو لأطفالي".
وتختلف استعدادات اليمنيين لاستقبال شهر رمضان من منطقة لأخرى، بحسب تأثرها بالأوضاع السياسية والاقتصادية والحربية إلى جانب الاختلافات في العادات والتقاليد في أنحاء البلاد.
وتبدو المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وتحديداً المحافظات الجنوبية، أفضل حالاً بعض الشيء من تلك التي تسيطر عليها مليشيا الحوثيين.
يقول الناشط الاجتماعي، هارون علي، وهو من سكان عدن، إنّ مدينته تهيأت لاستقبال شهر رمضان من خلال بعض المظاهر والأنشطة، وهو ما لم يحصل فيها بمثل هذه الحماسة الكبيرة منذ فترة طويلة.
لكن وبالرغم من هذه المظاهر يبقى ارتفاع أسعار المواد الغذائية عائقاً أمام كثير من الأسر التي تعجز عن توفير كلّ احتياجاتهاويؤكد هاورن عدم توفير كثير من الخدمات الأساسية
الحال أشد صعوبة في الشمال ومناطق نفوذ الحوثيين حيث يستقبل كثير من السكان رمضان هذا العام في ظلّ ظروف معيشية قاسية، وتقول أم أحمد، وهي من سكان صنعاء، إنّها بدأت منذ أيام، الاستعداد لشهر رمضان، من خلال تنظيف المنزل وتعديل بعض الأشياء فيه.
تضيف:"اشتريت متطلبات شهر رمضان الأساسية، بعدما اقترض زوجي مبلغاً من أحد أصدقائه التجار. نحن بلا راتب حكومي منذ سنوات، لكن لا يمكن أن نتعامل مع شهر رمضان كأيّ شهر عادي، بل يجب الاستعداد له".
تؤكد أنّ عائلتها لم تحصل على أيّ مساعدات مالية أو عينية من أي جهة، بما فيها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني، منذ بدء الحرب: "بعض المنظمات تزورنا وتلتقط صور بطاقاتنا الشخصية، بغرض تسجيل أسمائنا في كشوف المساعدات، لكنّها لا تعود مرة أخرى. هناك من وعدنا بتقديم سلال غذائية في رمضان ولا ندري هل يفعل ذلك أم لا".