تقارير
كيف تحول اليمن إلى بوابة عبور محفوفة بالخطر للمهاجرين الأفارقة ؟
في رحلة محفوفة بالمخاطر يركب آلاف المهاجرين الأفارقة البحر إلى محطتهم الأولى اليمن، ومنها يتهربون برا إلى دول الخليج الغنية بالنفط، وعادة ما يتحول هذا الحلم بحياة أفضل إلى مأساة وقصص مؤلمة.
أرقام صادمة تكشفها منظمة الهجرة الدولية عن المهاجرين الذين يصلون إلى اليمن، حيث قالت إن 17600 مهاجر من القرن الأفريقي دخلوا إلى اليمن خلال شهر أكتوبر الماضي.
هذه الرحلة المحفوفة بالموت بحرا تتصل بمعاناتهم في الأراضي اليمنية، فهم يقعون ضحايا للاتجار بالبشر، وتُتهم ميليشيا الحوثي بتجنيدهم في صفوفها وابتزازهم ماليا وإجبارهم على تهريب الممنوعات إلى دول الجوار.
غياب الإمكانيات
يقول مدير عام التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بوزارة الداخلية العميد عبده القوي باعش، إن اليمن وضعها الأمني والاقتصادي لا يسمح بتحملها أعباء إضافية فوق الأعباء اللي تتحملها اليمن نتيجة الحرب الدائرة من قبل ميليشيا الحوثي الإيرانية الإرهابية.
وأضاف: النزوح الداخلي تسبب بضغط على الحكومة وفي نفس الوقت الحكومة تعاني من وضع لا يؤهلها إلى حماية سواحلها وأيضا التعامل مع هذا التدفق غير المعقول والكبير من المهاجرين الأفارقة إلى أراضيها.
وتابع: لا شك أن مخاطر الهجرة كبيرة جدا وتسببت بأعباء إضافية على الدولة، نتيجة شحة الإمكانيات، ونتيجة الافتقار إلى الأجهزة والمعدات الحديثة التي تمكن الأمن وخفر السواحل من أداء واجبها بشكل ايجابي.
وأردف: أنا من وجهة نظري أن الاستهداف اللي يحصل هو استهداف سياسي قبل ما يكون إنساني، لأن بهذه الطريقة، طريقة تدفق المهاجرين الأفارقة بهذه الكميات الهائلة ومن عدة أماكن، يهدف إلى إغراق اليمن بقضية المهاجرين وإشغالها، وزيادة معاناة الحكومة والشعب اليمني بسبب الحرب والأوضاع الاقتصادية المعروفة.
وزاد: الأمور الأمنية التي ممكن أن تأتي منها تلك الجماعات التي قد تستغل في زعزعة الأمن والاستقرار أو حتى هناك حواجز بنائية تحصل في بعض الأماكن نتيجة وجود تدفق الأفارقة بشكل الكبير.
وقال: اليمن لا تمتلك إمكانيات لتأمين اللواء أو إمكانية إعادتهم إلى الأماكن التي جاءوا منها، والمشكلة أن حتى الأشقاء في المملكة العربية السعودية هم متضررين كثير بحكم اعتبار إن الميليشيا تستغل هؤلاء المهاجرين.
ممر أساسي للهجرة
يقول رئيس منظمة سام الحقوق حقوق والحريات توفيق الحميدي، إن اليمن بحكم موقعها الجغرافي أصبحت ممرا أساسيا للهجرة غير الشرعية من منطقة القرن الأفريقي ونقصد بها جيبوتي والصومال وإثيوبيا إلى شبه الجزيرة العربية.
وأضاف: هذا الموقع يغري الآلاف خاصة مع تزايد التوترات العسكرية بين دول مناطق القرن الأفريقي أو بسبب الوضع الاقتصادي ليندفعوا نحو هذه المنطقة في مجازفة قد تؤدي بالبعض إلى الموت بين أمواج البحار.
وتابع: لكن للأسف الشديد الممر الإنساني الذي هو اليمن تحول إلى ممر خطير للفوضى والانتهاكات وأصبحت اليمن منطقة استغلال واحتجاز من قبل تجار البشر.
وأردف: نحن في "سام" كنا قد أصدرنا تقريرا سابقا مع "الأورو متوسسطي" حول رأس العارة على وجه التحديد، منطقة العبور إلى الجحيم ورصدنا انتهاكات مروعة، لأننا ندرك اليوم أن تفكك السلطة المركزية في اليمن وتوزع السيطرة بين أطراف متنازعة على السواحل جعلت اليمن منطقة مفتوحة سواء أمام المهربين أو أمام تجار البشر.
وزاد: تفكك السلطة في اليمن ألغى أي أمل أو هامش في تطبيق ولو جزء من اتفاقية حماية اللاجئين والمهاجرين التي اليمن هي متعاونة في تطبيقها والمفوضية السامية لشؤون الهجرة اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة الدولية لديهما مكتب إقليمي موجود في اليمن.
وقال: هذا الوضع الحربي أو الكارثي سواء على مستوى الإمكانيات أو على المستوى الأمني جعل المهاجرين ربما ضحايا للتجار من أجل الحصول على مكاسب كبيرة.
وأضاف: ما تم رصده أن المهاجرين تعرضوا لانتهاكات كبيرة للأسف الشديد متعلقة بالاحتجازات التعسفية والابتزازات المالية بالتجنيد القسري وبالأعمال في مزارع القات سواء من قبل التجار أو بعضهم من قبل جماعة الحوثي، من أجل تجنيدهم للقتال وأحيانا من قبل بعض المواطنين للعمل بأجر زهيد من أجل قطف القات إلى غير ذلك.
وتابع: هنالك أيضا عملية استغلال جنسي رصدت، خاصة فيما يتعلق بالأطفال والنساء بين المهاجرين، وبالتالي جعل هذا الأمر قضية أو عنوان أساسي في اليمن، وهناك الكثير من التقارير سواء الأممية أو تقارير المنظمات الدولية تحدثت خاصة من بعد الحادثة الشهيرة المتعلقة بإخراج المهاجرين في سجن الجوازات في العاصمة صنعاء، وبدأت ترصد عملية الغرق المتكرر في الشواطئ اليمنية أو في عرض البحر.
وأردف: نحن أمام مأساة إنسانية لا تتحملها اليمن فقط بل المجتمع الدولي والإقليمي بشكل كامل.