تقارير
كيف يمكن قراءة عودة الهجمات على السفن في البحر الأحمر؟
قالت ليبيريا إن اثنين من أفراد طاقم سفينة الشحن «ترنيتي سي» لقيا حتفهما جراء هجوم شنّته ميليشيا الحوثي باستخدام زوارق مسيرة وقوارب سريعة قبالة السواحل اليمنية. وأضاف وفد ليبيريا، خلال اجتماع المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن السفينة ترفع علم ليبيريا وتديرها شركة يونانية.
وهذه هي المرة الأولى منذ يونيو 2024 التي يُقتل فيها بحارة في هجمات على السفن بالبحر الأحمر، ما يرفع إجمالي عدد قتلى هذه الهجمات إلى ستة.
من جانبها، أوضحت هيئة التجارة البحرية البريطانية أن السفينة لا تزال تتعرض لهجوم متواصل منذ الاثنين في البحر الأحمر، ما ألحق بها أضرارًا جسيمة، مشيرة إلى أن السلطات فتحت تحقيقًا في الحادث.
وكانت ميليشيا الحوثي في اليمن قد أعلنت، الاثنين الماضي، مسؤوليتها عن أول هجوم لها على الشحن التجاري هذا العام، والذي استهدف يوم الأحد سفينة «ماجيك سيز».
تصعيد حقيقي بأبعاد إيرانية
يقول المحلل السياسي ياسين التميمي إن ما تقوم به ميليشيا الحوثي في البحر الأحمر يمثل «تصعيدًا حقيقيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى»، موضحًا أن الجماعة حافظت خلال الفترة الماضية على مستوى ثابت من الاشتباك مع إسرائيل، عبر استمرار إطلاق الصواريخ.
وأضاف: «لكن التصعيد ضد الملاحة البحرية، المرتبط تحديدًا بالتعامل مع إسرائيل وفقًا لما جاء في بيان الحوثيين، يعكس في تقديري حاجة إيران لتعزيز موقفها الضعيف بعد حرب 12 يومًا».
وتابع: «تعقيد الوضع وخلق بؤر تهديد في جنوب البحر الأحمر له علاقة مباشرة بالمصالح الاستراتيجية لإيران في هذه المرحلة. فهي تسعى لتقوية أوراقها التفاوضية، وما قام به الحوثيون سيستدعي بلا شك ردًا إسرائيليًا، وقد جاء الرد بعد نحو ست ساعات من الهجوم. لكن في النهاية، هذا الرد لن يوقف التصعيد الحوثي».
وأشار التميمي إلى أن «هذا التصعيد يستدعي تدخلًا أمريكيًا، إلا أن المزاج العام لدى ترامب في هذه المرحلة لا يبدو مستعدًا لخوض موجة قصف مكلفة ضد الحوثيين. وعندما تُقدم واشنطن على ذلك، ينبغي أن تكون الضربات مؤثرة ومرتبطة بحسابات دقيقة تتعلق بالإمكانيات والموارد».
الحوثيون يهربون إلى البحر
أما المحلل العسكري الرائد سعيد القليصي فيرى أن الحوثيين «لا يملكون تكتيكًا عسكريًا ممنهجًا لتغيير المعادلة»، موضحًا أنهم ربما لجأوا إلى هذه العمليات في البحر الأحمر للهروب من ضغط شعبي داخلي عقب مقتل أحد القيادات اليمنية.
وأضاف: «رغم التزاماتهم السابقة للولايات المتحدة والوسيط العماني بعدم استهداف السفن، إلا أنهم غامروا مجددًا في البحر الأحمر. اللافت أنهم استبدلوا الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية بالزوارق، بعدما فقدت الأولى جدواها نتيجة قيام القوات الأمريكية في البحر الأحمر بقطع البث المباشر (GPS) الذي يحدد الأهداف، ما أفقد الطائرات المسيّرة دقتها، فلجأوا إلى الزوارق».
وتابع: «ميليشيا الحوثي دائمًا ما تهرب من أزماتها الداخلية إلى مغامرات في البحر الأحمر أو هجمات على إسرائيل، وهذه المغامرات تجلب الدمار لليمن».
وأردف: «في اعتقادي، الولايات المتحدة لن تدخل في مواجهة مباشرة الآن، فالمعركة مكلفة ماديًا بالنسبة لها».