تقارير

لعبة حوثية لإثارة الاهتمام.. استهداف إسرائيل لضمان البقاء!

07/02/2025, 16:39:34
المصدر : مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية - ترجمة خاصة

* كاثرين بيريز شكدم

في دوامة الجغرافيا السياسية الشرق أوسطية، حيث كثيرا ما تتلاشى الأيديولوجية والبراغماتية في مشهد متداخل من التناقضات، يتطلب عدوان الحوثيين الأخير على إسرائيل تحقيقا دقيقا.

فللوهلة الأولى، تبدو ضرباتهم ضد الدولة اليهودية وكأنها عمل جديد من أعمال التعصب المتشدد، وبادرة ولاء وطاعة لرعاتهم الإيرانيين. غير أنه عند إزالة القشور، تظهر لعبة أكثر إثارة للاهتمام، أجرؤ على القول إنها لعبة ميكافيلية، مزايدة محسوبة للحفاظ على بقائهم في حين يترنح النظام الإيراني أكثر فأكثر على أرجل غير ثابتة.

ولفهم إستراتيجية الحوثيين الغريبة، يجب على المرء أن يلج في متاهة السياسة القبلية التي تحكم جزءا كبيرا من اليمن، وفي الواقع المنطقة الأوسع. ففي مثل هذه المجتمعات، القوة ليست مجرد سلاح؛ إنها عملة المصداقية. فاستعراض القوة، مهما بدا متهورا، هو جزء من أداء أكبر، إنه تمهيد للتفاوض.

فالحوثيون، الذين يجلسون بشكل غير ثابت على سقالات الدعم الإيراني غير الموثوق بها، لا يشنون هجوما عنيفا على إسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل إنهم يقدمون عرضا لصلابتهم، إعلانا صاخبا للعالم بأنهم قوة تستحق المنازلة. ولكن هنا تكمن بيت القصيد: إنهم لا يستدعون، كما قد يخشى البعض، حربا واسعة النطاق. بل بدلا من ذلك، فإنها رقصة محسوبة على شفا الكارثة، وهي حيلة تهدف لتأمين مقعد على الطاولة قبل توقف الموسيقا!

فمن خلال استهداف أعداء بعيدين جغرافيا؛ مثل إسرائيل والولايات المتحدة، يظهر الحوثيون، في الوقت نفسه، نفوذهم ويتجنبون هذا النوع من الانتقام الفوري الذي قد يتبعه هجوما على قوى إقليمية أقرب، وأكثر استثمارا؛ مثل المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة.

ليس سرا أن الحوثيين مدينون بالكثير من صعودهم لرعاية طهران. كانت الأسلحة الإيرانية والتدريب والتوجيه الأيديولوجي لا غنى عنه لأنشطتهم الحربية. ومع ذلك، فمثل كل التحالفات في هذه المنطقة المنقسمة، فإن العلاقة التي تربطهما هي علاقة تجارية في جوهرها.
فبالرغم من إعلاناتهم الصاخبة عن التضامن، فإن الحوثيين ليسوا أيديولوجيين كفيفين؛ فولاؤهم لإيران يمتد فقط إلى مستوى مصالحهم. ويجب القول إن هذه المصالح بدأت بالافتراق.

فالنظام الإيراني ليس كما كان من قبل. فقدرة طهران على الحفاظ على وكلائها تتضاءل، في ظل العقوبات التي تعيقها، والاضطرابات الداخلية، وحملة العزلة الدولية التي لا هوادة فيها.

وبالنسبة للحوثيين، يعد هذا تطورا مقلقا للغاية. إن فقدانهم رعاية الجمهورية الإسلامية سيكون أشبه بأسد يخسر أسنانه: قد يبقى فخورا بزئيره، إلا أن عضته قد ولّت.

التاريخ الحديث بمثابة ذاكرة كئيبة بما قد ينتظرهم. لقد شاهدوا بشار الأسد حينما كان يتشبث بالسلطة في سوريا، وهو دمية ضعيفة يعتمد بقاؤها على صدقة الرعاة الخارجيين، ولا تزال أراضيها ممزقة بسبب حركات تمرد؛ مثل هيئة تحرير الشام.

والحوثيون ليسوا غرباء عن هذه التطلعات، فهم يهدفون إلى تجنب مصير مماثل.

إستراتيجيتهم؟ قاموا بعمل مسرحية جريئة الآن، بينما لا تزال الأضواء مسلطة عليهم.

ومن وجهة نظر غربية، قد يبدو استهداف الحوثيين لإسرائيل ذروة الحماقة. لماذا يستفزون دولة تتمتع بمثل هذه القوة العسكرية الكبيرة، لا سيما أن تلك الدولة ليس لها تورط مباشر في متاهة الحرب الأهلية في اليمن؟ ومع ذلك، فإذا نظرنا إليها من خلال عدسة المنطق القبلي، تبدأ هذه الخطوة في تكوين نوع غريب من المنطق.
ففي الثقافة القبلية اليمنية، لا تظهر القوة بهدوء. فالحركات الكبرى، سواء كانت جريئة أو متهورة -على ما يبدو، هي شريان الحياة لرأس المال السياسي.
ومن خلال استهداف إسرائيل وإصدار تهديدات ضد الولايات المتحدة، يلعب الحوثيون في العرض، ويستعرضون عضلاتهم بطريقة يتردد صداها لدى جمهورهم المحلي والإقليمي. إنها خطوة تهدف إلى تلميع سمعتهم كمحاربين مع تجنّب الخطر الوجودي المباشر الذي يشكِّله عدو أكثر قُربا.

بالنسبة للحوثيين، تبدو إسرائيل والولايات المتحدة خصوما مثاليين لهم: أقوياء إلا أنهم بعيدون عنهم، رمزيون ولكنهم بعيدون. إن ضربهما يسمح للحوثيين بإظهار قوتهم، دون استدعاء هذا النوع من الأعمال الانتقامية المدمِّرة، التي قد تعقب هجوما على المملكة العربية السعودية، التي تتجاوز مصالحها الخاصة في اليمن مصالح أمريكا وإسرائيل بكثير.

-نهاية اللعبة هي البقاء على قيد الحياة من خلال التفاوض

ما هو الهدف النهائي للحوثيين؟ إنه بالتأكيد ليس تدمير إسرائيل، وهي فكرة خيالية حتى من خلال خطابهم المبالغ فيه.

كما أنه ليس مجرد ولاء أعمى لطهران، التي يعرفون أن ثرواتها قد تتداعى قريبا. كلا، طموح الحوثيين أكثر براغماتية بكثير: تأمين بقائهم، حتى إن كانت الثروة مفضلة لديهم، للحصول على اعتراف وشرعية دوليين. فإستراتيجيتهم هي الجرأة المحسوبة.

فمن خلال إظهار قدرتهم على تحدي أقوى الأعداء، يأملون في فرض أنفسهم على المحاورين المحتملين. فالرسالة واضحة: الحوثيون ليسوا مجرد عصابة من المتمردين؛ إنهم قوة لا يستهان بها، وأي محاولة لتهميشها سيكون لها ثمن.

فالحوثيون في هذا، يستحضرون تقليدا عريقا للتفاوض القبلي. القوة، كما يعلم أي زعيم قبلي متمرس، لا تتعلق فقط بالفوز بالمعارك. بل يتعلق الأمر بفرض الاحترام، الذي بمجرد اكتسابه يفتح الباب لهم أمام الحوار.
فمن خلال استهداف إسرائيل والولايات المتحدة، لا يستدعي الحوثيون الصراع، بل إنهم يضعون الأساس للمقعد على طاولة المفاوضات.

وبالطبع، فحتى أجرأ الحيل تنطوي على مخاطر. فإسرائيل، كما أظهر التاريخ، لا تميل إلى التسامح مع التهديدات باستخفاف.
وتعد ضرباتها ضد وكلاء إيران في سوريا دليلا على استعدادها للتصرف بشكل حاسم ودون تردد.
إذا بالغ الحوثيون في قوتهم، فقد يجدون أنفسهم الطرف المتلقي لرد عسكري ليسوا جاهزين لتحمله.

علاوة على ذلك، فإن تصرفات الحوثيين تخاطر بإبعاد الحلفاء المحتملين لهم. من خلال الاصطفاف الوثيق مع أجندة طهران، أو الظهور بمظهر متهور للغاية في عدوانهم، قد يجدون أنفسهم أكثر عزلة على المسرح العالمي.

ومع ذلك، في نظرهم، المكافآت تفوق بكثير المخاطر.
إن الاعتراف والاستقلالية والحفاظ على قيادتهم هي بمثابة مكاسب تستحق سعيهم، حتى لو كان الطريق محفوفا بالمخاطر.

بالنسبة لصانعي السياسة الغربيين، تمثل تصرفات الحوثيين لغزا. إن إساءة تفسير عدوانهم على أنه مجرد تعصب يهدد بتصعيد الوضع المتقلب أصلا.

وبدلا من ذلك، من الأهمية بمكان فهم البراغماتية الكامنة وراء تحركاتهم.
الحوثيون ليسوا مليشيا عازمة على التدمير الطائش، بل إنهم لاعبون سياسيون يتحركون في مستقبل غامض بالأدوات المتاحة لهم.

إن عدوانهم على إسرائيل لا يتعلق بالأيديولوجية بقدر ما يتعلق بتحديد مركزهم، وهو أداء متقن يهدف إلى ضمان البقاء في مشهد جيوسياسي متغيّر.
إنه في جوهره طريقة الحوثيين في القول: "نحن هنا، ونحن مهمون".

إن رفض هذا باعتباره جنونا سيكون بمثابة تفويت للحظة تماما.
ففي الشرق الأوسط، كما هو الحال في أفضل الأعمال الدرامية، غالبا ما تكون الخطوط الفاصلة بين الجنون والمنهج غير واضحة بشكل تام.
فالحوثيون، بالرغم من كل صخبهم، يلعبون دورهم بعين مفتوحة على المستقبل.

* كاثرين بيريز شكدم هي المديرة التنفيذية لمنتدى العلاقات الخارجية

تقارير

في حلقته الأولى من برنامج "الشاهد​".. يتحدث الدبلوماسي والسياسي يحيى العرشي​ عن طفولته وتشكيل شخصيته الإدارية

يتحدث الدبلوماسي والسياسي اليمني، يحيى العرشي​، في حلقته الأولى من برنامج "الشاهد​" في موسمه الرابع، عن تأثير بيئة طفولته على تشكيل فكره وشخصيته السياسية.

تقارير

رمضان يضيء عتمة الفقراء من خلال توفير فرص عمل تخفف من وطأة الحرب على اليمنيين

على أعتاب سوق مدينة مارب، حيث تزخر بروائح الخضارِ الطازجة، اتخذت “أم أحمد” مكانها منذ أول أيام شهر رمضان، ورتّبت عددًا كبيرًا من رقائق اللحوح، وإلى جوارها وردٌ ورياحينُ متنوعة (مشاقر)، جميعها من خراج يدها، إذ ترتب وتعرض بضاعتها بينما تنتظر بفارغ الصبر زبائنها المحتملين كل يوم.

تقارير

القيادي علي الصراري يروي لبرنامج الشاهد دور صالح والمؤتمر في سقوط صنعاء وإعادة الإمامة - الحلقة الأخيرة

في نهاية السلسلة الوثائقية التي استعرض من خلالها برنامج الشاهد في موسمه الرابع؛ شهادة عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، علي الصراري، حول العنف اليساري، تحدث في الحلقة التاسعة والأخيرة، عن دور حزب المؤتمر في سقوط صنعاء، وكيف سلمت قوات الحرس الجمهوري اليمني لمليشيا الحوثي، ودور علي صالح في عودة الإمامة من جديد.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.