تقارير

ماذا يعني اتفاق دونالد ترامب مع الحوثيين؟ (ترجمة)

08/05/2025, 17:18:27
المصدر : مجلة "ذا ناشونال انترست" الأمريكية - ترجمة خاصة

وقّعت الولايات المتحدة اتفاقا غامضا مع جماعة الحوثي التي تتخذ من اليمن مقرا لها، لإنهاء قتالها في البحر الأحمر.

أثار الإعلان الصادم على الفور العديد من الأسئلة، لا تقتصر فحسب على ما إذا كانت الصفقة تشمل جميع عمليات الشحن في البحر الأحمر، وإسرائيل التي يواصل الحوثيون ضربها.

غير أنه مع ذلك، فإن قرار إنهاء القتال مع الجماعة يمثل لحظة حاسمة بالنسبة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حتى في ظل وجود تفاصيل محدودة وتقارير متضاربة حول جوهر الاتفاق.

ويأتي الاتفاق بعد أن ألمحت تقارير إلى تجدد الحرب البرية في اليمن، مدعومة بدعم مادي أمريكي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

ووفقا لصحيفة 'وول ستريت جورنال'، قامت الإمارات العربية المتحدة بمقاربة خطة مع مسؤولي إدارة ترامب، على أمل الاستفادة من الحملة الجوية الأمريكية من خلال إجراء عملية برية موازية في أراضي الحوثيين.

ومن وجهة نظرهم، يمكن أن تمهد الحملة الجوية الأمريكية الطريق أمام الجماعات الموالية للحكومة للانقضاض على قوات الحوثيين الضعيفة.

غير أن هذا التفكير خاطىء؛ لأنه يستبعد الطرق الفاشلة المماثلة ومخاطر تجدد القتال. وبالتالي، كانت إدارة ترامب حكيمة في إبرام صفقة مع صنعاء، خاصة بعد فشل العملية الأمريكية المتجددة ضد الحوثيين التي بدأت في منتصف شهر مارس الماضي.

وفي حين تدّعي القيادة المركزية الأمريكية القيام بأكثر من 1000 غارة على مواقع الحوثيين المفترضة، إلا أنها رفضت مشاركة العديد من التفاصيل حول الغارات، بما في ذلك أعداد الضحايا ونوعهم، والأسلحة المستخدمة، وأصول العدو التي تم تدميرها.

وتدٍَعي إدارة ترامب، المشهورة بمساعيها الصاخبة لتسليط الضوء على انتصاراتها السياسية، النجاح لكنها ترفض مشاركة الكثير من الأدلة، وقلما تعزز الثقة بمثل هكذا تصريحات.

وتأتي معظم المعلومات حول الغارات الأمريكية من المجتمع المدني والأمم المتحدة، التي تواصل تتبّع الخسائر المدنية في إطار العملية الأمريكية التي أطلق عليها "رالف رايدر".

وحتى الآن، تشير التقديرات المتحفظة إلى مقتل 158 مدنيا وإصابة 342، بين تأريخي 15 مارس و22 أبريل، باستثناء الغارة التي شنت بتأريخ 28 أبريل على مركز احتجاز حوثي للمهاجرين، التي أفادت التقارير بأنها قتلت أكثر من ثمانية وستين مهاجرا أفريقيا.

ووفقا لمشروع بيانات اليمن، فإن المعدل الإجمالي لمعدل الضرر المدني يبلغ 2.12 مدنيا لكل غارة، مما يمثل زيادة هائلة في الأضرار المدنية من الحملات الجوية السابقة التي قادتها الولايات المتحدة في اليمن.

وتأتي هذه المتابعة للحملة الأمريكية في الوقت الذي تزعم فيه مصادر في الكونجرس الأمريكي ومسؤولون عسكريون متحالفون معهم بأن مسؤولين في وزارة الدفاع أطلعوهم عن نجاح محدود للعملية.

وعوضا عن القيام ب"تدميرهم" -كما يزعم كبار مسؤولي ترامب علنا- قام الحوثيون مرة أخرى بتقوية المواقع المهمة، وتشتيت مواردهم وموظفيهم، تماما كما فعلوا خلال حملة القصف التي قادتها السعودية بين عامي 2015 و2022.

وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة العملية مليارات الدولارات، شملت مبلغ 750 مليون دولار للذخائر اللازمة للأغراض العسكرية الأخرى، وسط نقص في الطاقة الإنتاجية المحلية لها.

وفي الوقت نفسه، أسقط الحوثيون ما لا يقل عن سبع طائرات مسيّرة من طراز "إم كيو- 9 ريبر"، حيث تبلغ قيمة الطائرة الواحدة 30 مليون دولار.

وكذلك لا يزال الخطر على القوات الأمريكية مرتفعا. ففي تأريخ 28 أبريل الماضي، بالكاد تفادت إحدى حاملتي الطائرات الأمريكيتين في المنطقة، وهي "يو إس إس هاري" و"إس ترومان"، نيران الحوثيين.

وسقطت في هذا الحادث طائرة "إف-18" بقيمة 60 مليون دولار تقريبا في البحر، وكادت أن تأخذ أفراد الطاقم معها.

ثم فقدت طائرة "إف-18" أخرى في حادث غير واضح بتأريخ 6 مايو، أو نحو ذلك. يصف مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى القتال بأنه الأكثر حدَّة للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.

وينبغي للمرء أن يتساءل عن جدوى العملية بالنظر إلى التكاليف والمخاطر، ناهيك عن المستويات الكبيرة للضرر المدني بسبب تخفيف ترامب لآليات حماية المدنيين.

وهذا لا ينبأ بشيء عن احتمالية دعم واشنطن لصراع بالوكالة هناك، حيث لا يزال احتمالا حقيقيا، نظرا إلى عدم الوضوح حول الاتفاق بين الولايات المتحدة والحوثيين.

ونظرا إلى نهج ترامب غير المنتظم في السياسة الخارجية، من الأهمية بمكان أن ننظر إلى تجدد القتال الذي يتضمن دعم العمليات البرية في اليمن على أنه توسيع للصراع، يذكرنا بصعوبة العمليات التي ابتليت بها المغامرات العسكرية الأمريكية في حقبة ما بعد 11 سبتمبر.

في الواقع، إذا كانت واشنطن تأمل في إنهاء ضربات الحوثيين على الملاحة الدولية، فلماذا فكرت في توسيع مساعيها لتجديد الصراع في اليمن مع الجهات الفاعلة التي تسعى إلى القضاء على الحوثيين بالكامل؟

فهل لا يزال هذا النهج قيد النظر إذا انهار الاتفاق؟ بالقدر نفسه من الأهمية، لماذا تبرم واشنطن صفقات ثنائية مع جماعة يبدو أنها لم تشمل وقف هجماتها على كافة عمليات الشحن الدولية إذا كان هذا هو الهدف الأصلي؟

تسلط مثل هذه الأسئلة الضوء على الطبيعة المتضاربة للنهج الأمريكي.

تميَّزت ولاية ترامب الثانية بصراع حاد بين الموظفين من ذوي التوجّه القائم على ضبط النفس الذين يفضِّلون إبرام صفقات مع خصوم الولايات المتحدة والموظفين من المحافظين الجدد الذين يفضلون نهجا أكثر تصادمية.

ومع ذلك، فإن موقف المحافظين الجُدد هو أسوأ من التفكير الفاشل نفسه من الماضي. فهذه الحجج مخادعة، وذلك لأن المسؤولين الأمريكيين أظهروا مرارا وتكرارا عدم قدرتهم على تجنّب توسيع انخراطهم في مثل هذه الصراعات.

وهناك أدلة كثيرة في هذا الصدد، من العراق وأفغانستان إلى سوريا والقرن الأفريقي. هل من المتوقع أن يصاب المواطنون الأمريكيون - الذين يفترض أنهم منحوا إدارة ترامب تفويضا لخفض الإنفاق الأجنبي والحروب الخارجية- بفقدان ذاكرة جماعي بشأن تلك الصراعات السابقة والوعود الانتخابية العام الماضي؟

يجب أن تجيب السياسة الأمريكية عن سؤال بسيط: "كيف ينتهي هذا؟"، تشير أي قراءة للصراع وزيادة التدخل الأمريكي إلى سلسلة طويلة وقبيحة من القتال، مما أدى إلى عشرات أو مئات الآلاف من القتلى.

وبدعم من الولايات المتحدة والإمارات، ستلتقي القوات المتحالفة مع "الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا" بجيش حوثي هائل وضخم على طول خطوط المواجهة مع العديد من المدن الكبرى.

ومن المرجَّح أن يجدد الحوثيون القيام بضربات صاروخية على مُدن وبنية تحتية تابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، إلى جانب مُدن الخليج الكبرى، وخاصة الإمارات العربية المتحدة. ببساطة، لن يكون من السهل التخلي عن كل هذا بمجرد اتخاذ هذه الخطوات.

وتشير التقديرات المتحفظة إلى أن النتيجة لهذا قد بيّنتها سلسلة الأحداث الماضية؛ وهي: صراع وحشي قائم على جبهات متجمدة نسبيا. يفترض هذا التقييم أن الكتلة المناهضة للحوثيين وجدت فجأة القدرة على التعاون، وهو أمر لم تتمكن من القيام به منذ بدء الحرب في العام 2015، نظرا إلى وجود العديد من الفصائل المتنافسة. إن التفكير بالتمني الذي يرفض التسليم بالطبيعة الحقيقية للصراع، والمُضي بما قد يرغب بها صانعو السياسات بأن يكون، يمثل أساس صعوبة العملية.

والأسوأ من ذلك، ففي ظل سيناريو استئناف القتال في الجو وعلى الأرض، فإن ظروف المجاعة من المؤكد أن تعود إلى اليمن.

علينا أن نتذكر أن البلاد شهدت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الجاري قبيل بضع سنوات ليس إلا، حيث دفعت صور الأطفال الجائعين الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن إلى إزالة تصنيف الحوثيين ك'منظمة إرهابية أجنبية' لتحسين الوضع الإنساني.

كما أن قرار ترامب بإعادة تصنيفهم ك'منظمة إرهابية أجنبية'، إلى جانب قرار إدارته بقطع معظم عمليات المساعدات الإنسانية الأجنبية في اليمن، يبرز المخاطر البشرية لأي تجدد للقتال وتوسعة لنكاقه على الأرض.

وبدلا من الاستمرار في تعميق الصراع في اليمن على حساب أرواح اليمنيين وإرساء إستراتيجية إقليمية سليمة، سيكون من الحكمة أن يستمع ترامب إلى جناح ضبط النفس في البيت الأبيض، ويختار حلا للقضية القائمة منذ عام 2023. ويواصل الحوثيون ربط هجماتهم على البحر الأحمر بوقف إطلاق النار في غزة، وقطعوا وعدا بإنهاء هذه الهجمات عندما تنتهي الحرب على القطاع.

ويبقى علينا أن نرى ما إذا كان اتفاق واشنطن الجديد مع الحوثيين سينبأ بأيام أفضل، بل قد يكون خطوة نحو سلام أوسع إذا اتخذت التحركات الصحيحة لتحقيقه.

وبغضّ النظر عن ذلك، فإذا كان ترامب حقا رئيسا للسلام وصانعا للصفقات، فسوف يدرك أن هناك صفقة واحدة يمكن أن تهدئ الشرق الأوسط أخيرا إذا كانت لديه الشجاعة السياسية لمتابعتها.

تقارير

ما وراء الاتفاق الأمريكي الحوثي بشأن وقف الهجمات في البحر الأحمر ؟

بعد يوم دامٍ شهدته صنعاء ومطارها الدولي، خرج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأسلوبه المعهود أمام الصحافة الأمريكية، بتصريحات فاجأت الجميع، معلنًا أنه تلقى رسالة من ميليشيا الحوثي، مفادها: “رجاءً لا تقصفونا، ولن نستهدف سفنكم”.

تقارير

بين الواقعية واحتمالات التصعيد.. تصريحات حوثية وهجمات إسرائيلية

جاء إعلان الحوثيين 'فرض حصار جوي شامل على جميع المطارات الإسرائيلية' إشارة إلى رفع مستوى التصعيد الإقليمي في المنطقة، فإسرائيل قالت بوضوح إنها لن تصمت وسترد بقوة على الحوثيين وداعميهم الإيرانيين في الزمان والمكان المناسبين.

تقارير

عدن بلا كهرباء والانتقالي ينفق نصف مليون دولار لتلميع صورته في واشنطن!

في وقت تتساقط فيه العملة الوطنية كأوراق الخريف، ويعيش المواطن في عدن والمحافظات الأخرى بين الظلام والخدمات المتدهورة، يظهر عيدروس الزبيدي -رئيس المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات- ليطلق بعثات للانتقالي في واشنطن، ويَعد بفتح أخريات في عواصم العالم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.